بعد ان وثق “مرعي التليسي”
ليبيا تشكيلياً، وبواقعية منقطعة
النظير، اشتغل عمره كاملا
معتكفا على أصغر تفاصيلها،
لإظهارها على حقيقتها مكتملة
الهيبة والبهاء.
(أن تنقل الشجرة عمل كبير، لكن
أن تنقل جذورها فهذا اسمه
عطاء.. جدوى.. استمرار.. ثمار) .
باختزال أكثر(حياة) وهذا ما فعله
“مرعي التليسي” بواقعيته المثيرة
للدهشة وبامتياز كبير وعلى طوال
عقدين من العطاء
بعد هذا الأداء جلس “مرعي”
ليستريح.. لم يذهب بعيدا ..
فهو جلس فقط في فنائه
الكبير خلف جداريته العظيمة
التي رفعها لليبيا والتي علق
عليها اغلب اعماله لها ولأجلها.
كان يبحث عن بعد ثان لهذه
الواقعية، وبطريقته دون أن
يستعين بمدارس التشكيل
الأخرى (والتي يتقنها حرفياً وتقنياً)
احتاج فقط لريشته ومدونة ألوانه
والمبدع الكبير الذي هو عليه،
كي يرسم شجرة اخرى، يكون
“التليسي” نفسه جذورها
وتكون أسئلته وارف ظلالها
وغزير واوراقها.
لم يفعل “التليسي” الكثير حينها،
وقف من جلسته تلك ومزق
قماشة لوحاته ليكشف لنا عن
باحته الخلفية، هناك حيث طائرات
الورق والحمائم تخفق بأجنحتها،
هناك حيث أسئلة الأطفال
ونظراتهم المشعة بالحزن والأمل..
نهم فضولهم وطائراتهم الورقية.
خرج “مرعي” حينها عن المحترف
الذي تعودنا عليه ترك مدرسته
لفترة والتي انشأها كجدارية
لنا ولغاليته التي أحبها ليبيا
و(التي يبكي نزفها الان) لكي
يعلن لنا عن أحلامه الطائرة عن
الطفل الذي خبأه طويلا خلف
نقشه المحترف والازميل الذي
بيديه فقط لكي لا يؤديها ولا يؤذيه.
من أعمال التشكيلي مرعي التليسي
على مر تاريخها، كانت ليبيا تملك
تشكيلييها الكبار و”التليسي”
وأعماله العظيمة التي نعرفها
والأخرى التي أسهبنا في الحديث
عنها في هذا (التفصيل الصغير)..
تشهد كونه أحد هؤلاء الرواد..
بل هو مؤسسة ومؤسس لأجيال
عديدة صادف إنها زمنيا جاءت.
لن يحتمل “التليسي” هذه الحقيقة
فهو شديد الحساسية تجاه من
يلمس تواضعه ولو بشعرة.. لكن
العين التي وثقت جمال ليبيا لن
يرحمنا التاريخ إن حاولنا طمسها
بغربال.
التليسي هذه الفترة كأغلب التشكيليين
بليبيا رهين ظروف محنة.. غاليته..
من اعطاها ذهب شبابه ورسحانة
عمره (النزف الذي تحدثنا عنه
منتصف هذا الكلام والذي يؤدي
رهافة حسه وتقطر دمعا له مدامع
قلبه) جعله فعلا رهين المحبسين.
طرح رائع كروعة حضورك اشكر ك علي روعة ماقدمت واخترت من مواضيع رائعه وهامة ومفيدة عظيم الأمتنان لكَ ولهذا الطرح الجميل والرائع لاحرمنا ربي باقي اطروحاتك الجميلة