لبيك اللهم لبيك - الصفحة 4 - منتديات هبوب الجنوب

العودة   منتديات هبوب الجنوب > الاقسام الاسلامية > ۩۞۩ هبوب نفحات إيمـــانيــة ۩۞۩

الملاحظات

۩۞۩ هبوب نفحات إيمـــانيــة ۩۞۩ كل مايتعلق بديننا الاسلامي الحنيف على نهج اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-07-2021   #31



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأوَّل: تدارُكُ الواجباتِ متى ما أمكَنَ

تَرْكُ الواجباتِ لا يَسْقُطُ بالنِّسيانِ والجهلِ والإكراهِ متى أمكَنَ تدارُكُه (1) .

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال نبيُّ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نَسِيَ صلاةً أو نام عنها فكَفَّارتُها أن يُصَلِّيَها إذا ذَكَرَها)) (2) .

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّه لم يُسْقِطْ عنه الصَّلاةَ مع النِّسيانِ، فدلَّ على أنَّ تَرْكَ الواجباتِ لا يَسْقُطُ بالنِّسيانِ، متى أمكَنَ تَدارُكُه (3) .

2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للرَّجُلِ المُسيءِ صَلاتَه: ((ارجِعْ فَصَلِّ؛ فإنِّكَ لم تُصَلِّ)) (4) .

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُسْقِطِ الصَّلاةَ الحاضرةَ بالجهلِ، وإنَّما أمَرَه بالإعادةِ مع أنَّه جاهِلٌ؛ لأنَّه تَرَك مأمورًا (5) .

ثانيًا: أنَّه تَرَك مأمورًا، والمأموراتُ أمورٌ إيجابيَّة، يُمكِنُ تدارُكُها بفِعْلِها، بخلاف المنهيَّاتِ، فإنَّها مَضَتْ، ولا يمكِنُ تَدارُكُها، لكنْ إذا كان في أثناءِ المنهيِّ فيجِبُ التَّدارُكُ بقَطْعِه (6) .

ثالثًا: أنَّ تارِكَ المأمورِ جاهلًا أو ناسيًا غيرُ مؤاخَذٍ بالتَّرْكِ، لكنْ عَدَمُ فِعْلِه إيَّاه يقتضي إلزامَه به متى زال العُذْرُ؛ إبراءً لِذِمَّتِه (7) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #32



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الثَّاني: فِدْيةُ تَرْكِ الواجِبِ

يجِبُ بِتَرْكِ الواجِبِ دَمٌ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشَّافعيَّة (3) ، والحَنابِلة (4) .

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ

عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((مَن نَسِيَ مِنْ نُسُكِه شيئًا، أو تَرَكَه فلْيُهْرِقْ دمًا)) (5) .

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ مِثْلَه لا يُقالُ بالرأيِ؛ فله حُكْمُ الرَّفْعِ، ولا مخالِفَ له مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، وعليه انعقَدَتْ فتاوى التَّابعينَ، وعامَّةِ الأُمَّةِ (6) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #33



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأوَّل: ما يجِبُ على المُحْرِم تَوَقِّيه
يجب على المُحْرِمِ أن يتَوَقَّى ما يلي:
أوَّلًا: الفُحْشُ مِنَ القَوْلِ والفعْلِ (1) ، وذلك منهيٌّ عنه في الإحرامِ وغيرِ الإحرامِ، إلَّا أنَّ الحَظْرَ في الإحرامِ أشَدُّ؛ لحُرمةِ العبادةِ.
ثانيًا: الفُسُوقُ: وهو جميعُ المعاصي، ومنها محظوراتُ الإحرامِ (2) .
ثالثًا: الجِدالُ في الحَجِّ: وهو المخاصَمةُ في الباطِلِ، لاسيما مع الرُّفقاءِ والخَدَمِ، أو الجدلُ فيما لا فائدةَ فيه؛ لأنَّ ذلك يُثيرُ الشَّرَّ ويوقِعُ العداوةَ، ويَشْغَلُ عن ذكْرِ اللهِ، أمَّا الجدالُ بالتي هي أحسَنُ لإظهارِ الحَقِّ ورَدِّ الباطِلِ؛ فلا بأسَ به (3)
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قولُه تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ[البقرة: 197].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا نهيٌ بصيغةِ النَّفيِ، وهو آكَدُ ما يكون مِنَ النَّهيِ، كأنه قيل: فلا يكونَنَّ رفَثٌ ولا فُسوقٌ ولا جِدالٌ في الحَجِّ (4) .
2- قولُه تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[الحج: 25] (5) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((مَن حَجَّ للهِ فلم يَرْفُثْ، ولم يفْسُقْ، رَجَعَ كيومَ وَلَدَتْه أمُّه)) (6)
2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((العُمْرةُ إلى العُمْرةِ كفَّارةٌ لِمَا بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس له جَزَاءٌ إلَّا الجنَّةُ)) (7) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مِن جُملةِ ما فُسِّرَ به الحجُّ المبرورُ: أنَّه الحجُّ الذي لم يخالِطْه شَيءٌ مِنَ المَأثَمِ (8) .
المبحث الثاني: ما يباح للمحرم
المطلب الأول: التِّجارةُ والصِّناعةُ
للمُحْرِمِ أن يتَّجِرَ ويَصْنَعَ في الحَجِّ (9) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قولُه تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ (10) [البقرة: 198].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّها نزلتْ في التِّجارةِ في الحجِّ، فعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (كانت عُكاظٌ، ومَجَنَّةُ، وذو المَجازِ أسواقًا في الجاهليَّة، فتأَثَّموا أن يتَّجِروا في المواسِمِ، فنزلت: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ[البقرة: 198]. في مواسِمِ الحجِّ) (11) .
1- قولُه تعالى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِر... لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ[الحج: 27-28].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنه لم يُخَصِّصْ شيئًا مِنَ المنافِعِ دون غيرِها؛ فهو عامٌّ في جميعِها مِنْ منافِعِ الدُّنيا والآخِرةِ (12) .
2- قولُه تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا[البقرة: 275].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنه لم يُخَصِّصْ منه حالَ الحَجِّ، فيبقى البيعُ على أصلِ الإباحةِ (13) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبى أُمامَةَ التَّيمِيِّ قال: ((كنتُ رجلًا أَكْرِي في هذا الوَجهِ، وإنَّ ناسًا يقولون: ليس لك حَجٌّ، فقال ابنُ عُمَرَ: أليسَ يُحْرِمُ ويُلَبِّي ويطوفُ بالبيتِ، ويُفْضي من عرفاتٍ، ويرمي الجِمارَ؟ قلتُ: بلى، قال: فإنَّ لك حجًّا، جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسأَلَه عمَّا سألْتَني عنه، فسَكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلم يُجِبْه حتى نزلت هذه الآيةُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 198]، فأرسل إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقرأ عليه هذه الآيةَ، وقال: لك حَجٌّ)) (14) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على جوازِ ذلك ابنُ قُدامة (15) ، والنوويُّ (16) ، والشنقيطيُّ (17) ، والجصَّاصُ، ووَصَفَ القولَ بِسِواه بالشُّذُوذِ (18) .
المطلب الثاني: الحِجامةُ
تجوزُ الحِجامةُ للمُحرِم إذا كان له عُذرٌ في ذلك، ولا شيءَ عليه إذا لم يَحلِقْ شَعرًا.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبدِ البَر (19) ، والبَغَويُّ (20) ، والقُرْطُبيُّ (21) ، والنَّوويُّ (22) ، والصَّنعانيُّ (23) .
المطلب الثالث: التَّداوي بما ليس بطِيب
يَجوزُ للمُحرِمِ مُباشرةُ ما ليسَ بطِيبٍ والتَّداوي به.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابن عبد البر (24) .
المطلب الرابع: السِّواكُ
يَجوزُ السِّواكُ للمُحرِمِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابن المنذر (25) ، والحطاب (26) .
المطلب الخامس: ذَبحُ بَهيمةِ الأنعامِ ونَحْوِها
يجوزُ للمُحْرِم ذَبحُ بهيمةِ الأنعامِ والدَّجاجِ ونَحْوِها.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ (27) ، وابنُ قُدامة (28) .
المبحث الثَّالث: آدابُ دُخولِ مكَّةَ والمسجِدِ الحَرامِ
المطلب الأوَّل: دخولُ مكَّةَ مِن أعلاها والخُروجُ مِن أسفَلِها
يُستحَبُّ للمُحْرمِ أن يدخُلَ مكَّةَ مِن أعلاها (29) ، ويخرُجَ مِن أسفَلِها (30) ، إن تيسَّرَ له ذلك (31) وإلَّا فله أن يدخُلَ من أيِّ طريقٍ شاء (32) وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (33) ، والمالِكيَّة (34) ، والشَّافعيَّة (35) ، والحَنابِلة (36) .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدخُلُ مِنَ الثَّنِيَّةِ العُلْيا، ويخرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلى)) (37) .
المطلب الثَّاني: الغُسْلُ قبلَ دُخولِ مَكَّة
يُستحَبُّ للمُحْرمِ أن يغتَسِلَ قبل دُخولِه إلى مكَّةَ، وذلك عند ذي طُوًى، أو غيرِه من مداخِلِ مكَّةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (38) ، والمالِكيَّة (39) ، والشَّافعيَّة (40) ، والحَنابِلة (41) .
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ:
عن نافعٍ قال: ((كان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما إذا دخل أدنى الحَرَمِ أمسَكَ عن التَّلبيةِ، ثُمَّ يبيتُ بذي طُوًى، ثم يصلِّي به الصُّبحَ، ويغتَسِل ويُحَدِّثُ أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يفعَلُ ذلك)) (42) .
المطلب الثَّالث: دخولُ مكَّةَ نهارًا
يُستحَبُّ للمُحْرمِ أن يدخُلَ مكَّةَ نهارًا، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (43) ، والشَّافعيَّة (44) ، والحَنابِلة (45) ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ (46) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((بات النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذي طُوًى حتى أصبَحَ، ثم دخلَ مكَّةَ، وكان ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما يفعَلُه)) (47) .
المطلب الرابع: أن يكون أوَّلَ ما يشتَغِلُ به عند دُخولِه الطَّوافُ بالبَيتِ
يُستحَبُّ للمُحْرمِ عند دخولِه إلى مكَّة أن يبدأ بالطَّواف وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (48) ، والمالِكيَّة (49) ، والشَّافعيَّة (50) ، والحَنابِلة (51) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أوَّلُ شيءٍ بدأَ به حين قَدِمَ مكَّةَ أنَّه توضَّأَ، ثم طاف بالبيتِ)) (52) .
ثانيًا: مِنَ الآثار
عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ قال: ((حَجَّ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيت، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه مثل ذلك، ثم حَجَّ عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بدأَ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكنْ عُمْرةً، ثمَّ معاويةُ، وعبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثم حجَجْتُ مع أبي الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، فكان أولَّ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكن عُمْرةً، ثم رأيتُ المهاجرينَ والأنصارَ يفعلون ذلك، ثمَّ لم تكن عُمْرةً، ثم آخِرُ مَن رأيتُ فَعَلَ ذلك ابنُ عُمَرَ، ثم لم يَنْقُضْها عُمْرةً، وهذا ابنُ عُمَرَ عندهم فلا يسألونَه، ولا أحَدَ مِمَّن مضى، ما كانوا يبدَؤونَ بشيءٍ حتى يضعوا أقدامَهم مِنَ الطَّوافِ بالبيتِ، ثم لا يَحِلُّون، وقد رأيتُ أمِّي وخالتي حين تَقْدَمان، لا تَبْتَدِئان بشيءٍ أوَّلَ مِنَ البيت؛ تطوفانِ به، ثمَّ إنَّهما لا تَحِلَّان)) (53) .
المطلب الخامس: ما يُقالُ عند دخولِ المسجِدِ الحرامِ
يُسَنُّ أن يدعوَ عندَ دُخولِ المسجدِ الحرامِ، كغيرِه مِنَ المساجِدِ، فيقول: أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجْهِه الكريمِ، وبِسلطانِه القديمِ، مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيم، اللهُمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، وعند الخروجِ يقول: اللهمَّ إني أسألُكَ مِن فَضْلِك.
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أبي حُمَيد أو أبي أُسَيدٍ السَّاعديِّ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا دخل أحدُكم المسجِدَ فلْيَقُل: اللهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، وإذا خرج فلْيَقُل: اللهُمَّ إنِّي أسألُك مِن فَضْلِك)) (54) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقول إذا دخل المسجد: ((أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوَجْهِه الكريمِ، وسُلطانِه القديمِ، مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ)) (55) .
المطلب السادس: تقديمُ الرِّجْلِ اليُمْنى
يُسَنُّ أن يُقَدِّمَ رِجْلَه اليُمْنى عند دُخولِ المسجِدِ الحرامِ؛ كغيرِه مِنَ المساجد.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عمومُ ما جاء عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها؛ حيث قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ التيمُّنَ ما استطاعَ، في شأنِه كُلِّه: في طُهُورِه، وتَرَجُّلِه، وتَنَعُّلِه)) (56) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #34



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأوَّل: تعريفُ الطَّوافِ
الطَّوافُ لغةً: دورانُ الشَّيءِ على الشَّيءِ (1) .
الطَّوافُ اصطلاحًا: هو التعبُّدُ لله عزَّ وجلَّ، بالدَّوَرانِ حولَ الكعبةِ على صفةٍ مخصوصةٍ (2) .
المبحث الثَّاني: مشروعيَّة الطَّوافِ
الطَّوافُ بالبيتِ عبادةٌ مَشْروعةٌ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قولُه تعالى: وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[البقرة: 125].
2- قولُه تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ[الحج: 26].
3- قولُه تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الطَّويلُ، في صِفَةِ حَجِّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((حتَّى إذا أتَيْنا البيتَ معه استلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا...)) الحديث (3) .
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف في الحَجِّ أو العُمْرةِ أوَّلَ ما يَقْدَمُ سعى ثلاثةَ أطوافٍ، ومشى أربعةً، ثم سجَدَ سجدتينِ، ثم يطوفُ بين الصَّفا والمروةِ)) (4) .
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه توضَّأَ، ثم طاف)) (5) .
المبحث الثَّالث: فَضْلُ الطَّوافِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن طاف بهذا البيتِ أُسْبوعًا فأحصاه، كان كعِتْقِ رقبةٍ؛ لا يضَعُ قَدَمًا، ولا يرفَعُ أخرى، إلَّا حَطَّ اللهُ عنه بها خطيئةً، وكَتَبَ له بها حسنةً)) (6) .
المبحث الرابع: مِن حِكَمِ مَشروعيَّة الطَّوافِ
مِن حِكَم التقرُّبِ إلى اللهِ بعبادةِ الطَّوافِ؛ إقامةُ ذِكرِ الله تبارك وتعالى؛ فما يقومُ بقَلْبِ الطَّائف مِن تعظيمِ الله تعالى يجعَلُه ذاكرًا لله تعالى، وتكون حرَكاتُه ومَشْيُه واستلامُه للحَجَرِ والرُّكنِ اليمانيِّ، والإشارةُ إلى الحَجَر- يكونُ كلُّ ذلك ذِكرًا لله تعالى؛ لأنَّها عباداتٌ، وكلُّ العبادات ذِكرٌ لله تعالى بالمعنى العامِّ، فضلًا عمَّا ينطِقُ به بلسانه مِنَ التكبيرِ والذِّكرِ والدُّعاءِ؛ فهو ذِكرٌ للهِ تعالى (7) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #35



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأوَّل: صِفَةُ الطَّوافِ
صِفةُ الطَّوافِ بالبيت هي: أن يبتدِئَ طوافَه مِنَ الرُّكْنِ الذي فيه الحَجَرُ الأَسْوَدُ، فيستقْبِلَه، ويستَلِمَه، ويُقَبِّلَه إن لم يؤذِ النَّاس بالمزاحمةِ، فيحاذيَ بجميعِ بَدَنِه جميعَ الحَجَرِ، ثم يبتدئَ طوافَه جاعلًا يسارَه إلى جهةِ البَيتِ، ثم يمشِيَ طائفًا بالبيتِ، ثمَّ يمُرَّ وراءَ الحِجْر، ويدورَ بالبيتِ، فيمُرَّ على الرُّكْنِ اليمانيِّ، ثم ينتهي إلى ركُنِ الحَجَرِ الأسودِ، وهو المحلُّ الذي بدأ منه طوافَه، فتَتِمُّ له بهذا طوفةٌ واحدةٌ، ثم يفعَل كذلك، حتى يُتَمِّمَ سبعًا (1) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #36



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المطلب الأوَّل: النِّيَّة
يُشْتَرَطُ نيَّةُ أصْلِ الطَّوافِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ (1) : الحَنَفيَّة (2) ، والمالِكيَّة (3) ، والحَنابِلة (4) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عُمَرَ بنِ الخطابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)) (5) .
2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((الطَّوافُ حَولَ البيتِ مِثلُ الصَّلاةِ، إلَّا أنَّكم تتكلَّمونَ فيه، فمن تكلَّمَ فيه فلا يتكَلَّمنَّ إلَّا بخيرٍ)) (6)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَمَّى الطَّوافَ صلاةً، والصَّلاةُ لا تَصِحُّ إلا بالنيَّة اتفاقًا (7) .
ثانيًا: الطَّوافُ عبادةٌ مقصودةٌ؛ ولهذا يُتَنَفَّل به، فلا بدَّ مِنِ اشتراطِ النيَّةِ فيه (8) .
مسألةٌ: هل يُشتَرَطُ تعيينُ نوعِ الطَّوافِ إذا كان في نُسُكٍ مِن حَجٍّ أو عُمْرة؟
لا يُشتَرَط تعيينُ نوعِ الطَّواف إذا كان في نُسُكٍ مِنْ حجٍّ أو عُمْرة, فلو طاف ناسيًا أو ساهيًا عن نوعِ الطَّواف أجزأه عن الطَّوافِ المشروعِ في وَقْتِه، ما دام أنَّه قد نوى النُّسُكَ الذي هو فيه: العُمْرةَ أو الحَجَّ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة (9) , والمالِكيَّة (10) ، والشَّافعيَّة في الأصَحِّ (11) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّه ثبت عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أمر أصحابَه في حجَّةِ الوداعِ بعدما دخلوا معه وطافوا وسَعَوْا أن يَفْسَخُوا حَجَّهم ويَجْعَلوه عُمْرةً، وكان منهم القارِنُ والمُفْرِدُ، وإنَّما كان طوافُهم عند قُدومِهم طوافَ القُدومِ، وليس بفَرْضٍ، وقد أمَرَهم أن يَجْعَلوه طوافَ عُمْرةٍ، وهو فَرْضٌ (12) .
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُنْ يُعْلِنُ لأصحابِه، أو يأمُرُهم بإعلامِ الطَّائفينَ بأنَّ هذا طوافٌ للقُدوم، وذلك طوافٌ للإفاضةِ، بل كان يؤدِّي المناسِكَ، ويقول: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (13) ، ولا شَكَّ أن كثيرًا ممن حَجَّ معه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكن مستحْضِرًا أنَّ الطَّوافَ بعد الوقوفِ بعَرَفةَ، هو طوافُ الزِّيارة، وهو الطَّوافُ الرُّكْن، وإنَّما كانوا يُتابِعون النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مناسكِه (14) .
ثانيًا: أنَّ نِيَّةَ النُّسُك تَشْمَلُ أعمالَ المناسِك كُلَّها بما فيها الطَّوافُ بأنواعِه، فلا يُحتاجُ إلى نيَّةٍ، كما أنَّ الصَّلاةَ تشمَلُ جميعَ أفعالِها، ولا يُحتاجُ إلى النيَّةِ في ركوعٍ ولا غيرِه (15) .
ثالثًا: أنَّ أركانَ الحجِّ والعُمْرةِ لا تحتاجُ إلى تعيينِ النيَّةِ، كالوقوفِ بعَرَفةَ، والإحرامِ، والسَّعْيِ، والطَّوافُ رُكْنٌ في النُّسُكِ بالإجماع، فلا يَفْتَقِر إلى تعيينِ النيَّة (16) .
رابعًا: أنَّ نِيَّةَ الطَّواف في وقته يقعُ بها عن المشروعِ في ذلك الوقتِ دون الحاجةِ إلى تعيينِ النيَّةِ، فإنَّ خُصوصَ ذلك الوقتِ إنَّما يستحِقُّ خصوصَ ذلك الطَّوافِ بسبب أنَّه في إحرامِ عبادةٍ اقتضت وقوعَه في ذلك الوقتِ، فلا يُشرَع غيرُه (17) .
خامسًا: أنَّ القولَ باشتراطِ تعيينِ النيَّة فيه حرجٌ كبيرٌ؛ إذ إنَّ أكثرَ الحُجَّاجِ على جهلٍ كبيرٍ بمناسِكِ الحجِّ، ومعَرَفةِ الواجِبِ فيه (18) .
المطلب الثَّاني: سَتْرُ العورةِ
سَتْرُ العورةِ شرطٌ لا يصِحُّ الطَّوافُ بدونه، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (19) ، والشَّافعيَّة (20) ، والحَنابِلة (21) ، وحُكِيَ الإجماعُ على وجوبِه (22) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ[الأعراف: 31].
وَجْهُ الدَّلالةِ
أنَّ سببَ نُزولِ الآيةِ أنَّهم كانوا يطوفونَ بالبيتِ عُراةً، وكانت المرأةُ تطوفُ بالبيتِ وهي عُريانةٌ، فنزلت هذه الآيةُ، وقد ثبت هذا التفسيرُ عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، وعلى ذلك جماهيرُ عُلَماءِ التَّفسيرِ، وصورةُ سبَبِ النُّزولِ قطعيَّة الدخولِ عند أكثَرِ الأصوليِّينَ (23) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((بعثني أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ في الحجَّةِ التي أمَّره عليها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبل حَجَّةِ الوداعِ في رَهْطٍ، يؤذِّنونَ في النَّاسِ يومَ النَّحْر: لا يحُجُّ بعد العامِ مُشْرِكٌ، ولا يطوفُ بالبيتِ عُريانٌ)) (24) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّ عِلَّةَ المنعِ مِنَ الطَّوافِ كونُه عُريانًا، وهو دليلٌ على اشتراطِ سَتْرِ العورةِ للطَّوافِ (25) .
ثالثًا: من الآثار
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((الطَّوافُ بالبيتِ صلاةٌ)) (26) .
وَجْهُ الدَّلالة
أنَّ قَوْلَه: ((الطَّوافُ صلاةٌ)) يدلُّ على أنَّه يُشتَرَط في الطَّوافِ ما يُشتَرَط في الصَّلاة، إلا ما أخرجه دليلٌ خاصٌّ كالمشيِ فيه، والانحرافِ عن القبلةِ، والكلامِ، ونحوِ ذلك، ولَمَّا كان من شروطِ الصَّلاةِ المُجْمَعِ عليها عند أهل العِلمِ سَتْرُ العَورةِ، كان شرطًا أيضًا لصِحَّةِ الطَّواف (27) .
المطلب الثَّالث: الطَّهارةُ مِنَ الحدثِ الأصغرِ والأكبرِ في الطَّوافِ
الفرع الأوَّل: طوافُ الحائِضِ لغيرِ عُذْرٍ
يَحْرُمُ طوافُ الحائِضِ لغيرِ عُذرٍ (28) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها حينَ حاضت وهي مُحْرِمةٌ: ((افعلي ما يفعَلُ الحاجُّ، غيرَ أن لا تطوفِي بالبيتِ حتى تطهُري))، وفي روايةٍ: ((حتى تغتَسلي)) (29) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أن تطوفَ بالبيتِ وهي حائِضٌ، والنهيُ في العباداتِ يقتضي الفسادَ، وذلك يقتضي بُطلانَ الطَّوافِ لو فعَلَتْه (30) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ صفيَّةَ حاضت، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وإنَّها لحابِسَتُنا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، قد زارت يومَ النَّحْرِ، قال: فلْتَنْفِرْ معكم)) (31) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أن هذا الحديثَ يدلُّ على أنَّ الحائِضَ تنتظرُ حتى تطهُرَ ثم تطوف، وهذا يدلُّ على اشتراطِ الطَّهارةِ (32) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
أجمع العُلَماءُ على تحريمِ طوافِ الحائِضِ؛ نقله النوويُّ (33) ، وأقرَّه الصَّنعانيُّ (34)
الفرع الثَّاني: طوافُ الحائِضِ عند الضَّرورةِ
يجوزُ للحائِضِ الطَّواف، إذا كانت مضطرةً لذلك، كأن تكونَ مع رُفقةٍ لا ينتظِرونَها ولا يُمْكِنُها البقاءُ (35) ، لكن تتوقَّى ما يُخْشَى منه تنجيسُ المسجِدِ بأن تستثْفِرَ (36) ، وهذا اختيارُ ابنِ تيميَّة (37) ، وابنِ القَيِّمِ (38) وابنِ عُثيمين (39) وبه أفتت اللجنةُ الدائمةُ (40)
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((وإذا أمَرْتُكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استَطَعْتُم)) (41) .
ثالثًا: أنَّ الصَّلاةَ أعظَمُ مِنَ الطَّواف، ولو عجز المصلِّي عن شرائِطِها مِنَ الطَّهارة أو سَتْرِ العورةِ أو استقبالِ القبلةِ؛ فإنَّه يُصَلِّي على حسَبِ حالِه، فالطَّوافُ أَوْلى بذلك؛ فإنَّ أصولَ الشريعةِ مبنيَّةٌ على أنَّ ما عجز عنه العبدُ مِن شُروطِ العباداتِ يَسْقُطُ عنه، وكما لو عجز الطَّائِفُ أن يطوف بنَفْسِه راكبًا وراجِلًا، فإنَّه يُحْمَلُ ويُطافُ به (42) .
رابعًا: تستَثْفِرُ لئلَّا يسيلَ الدَّمُ، فيُلَوِّثَ المسجِدَ (43)
الفرع الثالث: طَوافُ المُستحاضَةِ ونَحوِها
تطوفُ المستحاضةُ ومَن به سَلَسُ البَولِ ونحوُهما بالبيتِ، ولا شيءَ عليهما.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن تيميَّة (44) ، وابن القيِّم (45) .
الفرع الثَّالث: اشتراطُ الطَّهارة مِنَ الحَدَثِ في الطَّوافِ
أجمَعَ أهلُ العلمِ على مشروعيَّةِ الطَّهارة في الطَّوافِ (46) ، ثم اختلفوا في اشتراطِها على أقوالٍ، أقواها قولانِ:
القول الأوّل: أنَّ الطَّهارةَ مِنَ الحَدَثِ شَرْطٌ في صِحَّةِ الطَّوافِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ (47) مِنَ المالِكيَّة (48) , والشَّافعيَّة (49) , والحَنابِلة (50) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها ((أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ مكَّة أنه توضَّأَ ثم طاف بالبيتِ)) (51) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ فِعْلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا كان لبيانِ نصٍّ مِن كتابِ الله، فهو على اللُّزومِ والتحتُّم، فدلَّ ذلك على اشتراطِ الطَّهارةِ للطَّوافِ؛ ولأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَيَّنَه بفِعْلِه، وقال: خُذوا عنِّي مناسِكَكم، ولم يَرِدْ دليلٌ يخالِفُ ذلك؛ فثبت أنَّ الطَّهارةَ للطَّوافِ شَرْطٌ (52) .
2- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها حين حاضت، وهي مُحْرِمةٌ: ((افعلي ما يفعَلُ الحاجُّ، غيرَ أن لا تطوفي بالبيتِ، حتَّى تطْهُرِي)) وفي روايةٍ ((حتى تغتَسِلي)) (53) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رخَّصَ لعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أن تفعلَ وهي حائضٌ كلَّ ما يفعَلُه الحاجُّ غيرَ الطَّوافِ، فإنَّه جَعَلَه مقيَّدًا باغتسالِها وطهارَتِها مِنَ الحيضِ، فدَلَّ على اشتراطِ الطَّهارةِ للطَّوافِ، وفي معنى الحائِضِ: الجُنُبُ والمُحْدِثُ (54) .
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أراد مِن صفيَّةَ بعضَ ما يريدُ الرَّجُلُ مِن أهلِه. فقالوا: إنها حائِضٌ يا رسولَ اللهِ. قال: وإنَّها لحابِسَتُنا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، قد زارت يومَ النَّحْرِ، قال: فلْتَنْفِرْ معكم)) (55) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أن هذا الحديثَ يدلُّ على أنَّ الحائِضَ تنتظِرُ حتى تطْهُرَ ثم تطوف، وهذا يدلُّ على اشتراطِ الطَّهارةِ (56) .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((الطَّوافُ بالبيتِ صلاةٌ...)) (57) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه شَبَّه الطَّوافَ بالصَّلاةِ, فدَلَّ ذلك على أنَّ للطَّوافِ جميعَ أحكامِ الصَّلاة إلَّا ما دلَّ الدَّليلُ على استثنائِه؛ كالمَشْيِ، والكلامِ، وغَيْرِه, ومن ذلك الطَّهارةُ؛ لِقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تقبَلُ صلاة بغَير طُهورٍ)) (58) .
القول الثاني: أنَّ الطَّهارةَ سُنَّةٌ في الطَّوافِ، وهذا قولٌ عند الحَنَفيَّة (59) ، وروايةٌ عن أحمَدَ (60) ، وهو قولُ ابْنِ حَزْمٍ (61) ، وابنِ تيميَّة (62) ، وابنِ القَيِّم (63) ، وابنِ عُثيمين (64) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنه لم يَنقُلْ أحدٌ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أمَرَ الطَّائفينَ بالوضوء، ولا باجتنابِ النَّجاسة، لا في عُمَرِهِ ولا في حَجَّتِه مع كثرةِ مَن حَجَّ معه واعتمَرَ، ويمتَنِعُ أن يكون ذلك واجبًا ولا يُبَيِّنه للأمَّة، وتأخيرُ البيانِ عن وَقْتِه ممتنِعٌ (65) .
ثانيًا: قياسًا على أركانِ الحَجِّ وواجباتِه؛ فإنَّه لا يُشتَرَط لهما الطَّهارة، فكذلك الطَّوافُ، لا يُشتَرَط له الطَّهارةُ (66) .
المطلب الرابع: ابتداءُ الطَّوافِ مِنَ الحَجَرِ الأسودِ
ابتداءُ الطَّوافِ مِنَ الحَجَرِ الأسودِ شَرْطٌ لصحَّةِ الطَّواف، فلا يُعتَدُّ بالشَّوط الذي بدأه بعد الحَجَرِ الأسود، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (67) , والحَنابِلة (68) , وروايةٌ عند الحَنَفيَّة (69) ، وقولٌ عند المالِكيَّة (70) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين يَقْدَمُ مكَّةَ، إذا استلَمَ الرُّكْنَ الأسودَ أوَّلَ ما يطوف؛ يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ مِنَ السَّبْعِ)) (71) .
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رَمَلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الحَجَرِ إلى الحَجَرِ ثلاثًا ومشى أربعًا)) (72) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
3- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واظب على ابتداءِ الطَّوافِ مِنَ الحجَرِ الأسودِ, ومواظَبَتُه دليلٌ على فرضيَّةِ الابتداءِ به؛ لأنَّها بيانٌ لإجمالِ القرآنِ في قَولِه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (73) .
المطلب الخامس: أن يجعَلَ البيتَ عن يَسارِه
يُشتَرَط أن يجعَلَ البيتَ عن يسارِه، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ (74) مِنَ المالِكيَّة (75) ، والشَّافعيَّة (76) ، والحَنابِلة (77) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن جابِرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ مكَّة أتى الحَجَرَ فاستلَمَه ثم مشى على يمينِه فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا)) (78) ، وقد قال: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (79) .
المطلب السادس: دخولُ الحِجْرِ ضمِنَ الطَّوافِ
الطَّوافُ مِنْ وراءِ الحِجْرِ (80) فَرْضٌ، مَن تَرَكَه لم يُعْتَدَّ بطوافِه، حتى لو مشى على جدارِه لم يُجْزِئْه، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (81) , والشَّافعيَّة (82) , والحَنابِلة (83) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: ((ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا عن قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه: لئِنْ كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أُرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ)) (84) .
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لولا أنَّ قَوْمَك حديثو عهدٍ بجاهليةٍ- أو قال بكُفْرٍ- لأنفقْتُ كَنْزَ الكعبةِ في سبيلِ اللهِ؛ ولجعَلْتُ بابَها بالأرضِ؛ ولأدخَلْتُ فيها مِنَ الحِجْرِ)) (85) .
وَجْهُ الدَّلالةِ مِنَ الحديثينِ:
أنَّ الحِجْر أكثَرُه مِنَ الكعبة؛ فيجب أن يكونَ الطَّوافُ مِن ورائه، فإنْ لم يَطُفْ من ورائِه لم يتحَقَّقِ الطَّوافُ حول الكعبة (86) .
2- مواظبةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الطَّوافِ مِن وراءِ الحِجْرِ، وفِعْلُه بيانٌ للقرآنِ الكريم، فيلتَحِق به؛ فيكون فَرضًا (87) .
المطلب السابع: أن يقَعَ الطَّوافُ في المكانِ الخاصِّ (داخِلَ المسجِدِ الحرام)
يُشْتَرَط أن يكونَ مكانَ الطَّوافِ حول الكعبةِ المُشَرَّفة داخِلَ المسجِدِ الحرام، قريبًا مِنَ البيتِ أو بعيدًا عنه، وهذا شَرْطٌ متَّفَقٌ عليه بين المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة (88) , والمالِكيَّة (89) , والشَّافعيَّة (90) , والحَنابِلة (91) ، وحُكِيَ الإجماعُ على عَدَمِ صحَّةِ الطَّوافِ خارِجَ المسجِدِ الحرام (92)
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ، أمر بالطَّوافِ بالبيت، فمن طاف خارجَ البيت لم يكُنْ طائفًا به (93) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
فِعْلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم, فقد طاف عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ داخِلَ المسجِدِ الحرامِ، وقال: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (94) .
ثالثًا: أنَّه إذا طاف خارِجَ المسجِدِ لم يكن طائفًا بالبيتِ، وإنَّما طاف حول المسجِدِ (95) .
المطلب الثامن: الطَّوافُ بالبيتِ سَبْعًا
يُشتَرَط أن يطوف بالبيتِ سبعًا، ولا يُجْزِئُ أقَلُّ منها، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ المالِكيَّة (96) ، والشَّافعيَّة (97) ، والحَنابِلة (98) ، وهو قول الكمال ابن الهُمامِ مِنَ الحَنَفيَّة (99) ، وبه قال بعضُ السَّلَف (100) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيت سبعًا)) (101) ، وقد قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (102) .
2- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنه قال في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلم الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (103) .
فرعٌ: الشَّكُّ في عَدَدِ الأشواطِ
لو شكَّ في أثناءِ الطَّوافِ في عددِ الأشواطِ التي طافها؛ فإنَّه يبني على اليقينِ، وهو الأقلُّ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (104) ، والشَّافعيَّة (105) والحَنابِلة (106) ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك (107) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فلم يَدْرِ كم صلَّى: ثلاثًا أم أربعًا، فلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ على ما استيقَنَ، ثم يسجُدْ سجدتينِ قبل أن يُسَلِّمَ؛ فإن كان صلَّى خمسًا شفعْنَ له صلاتَه، وإن كان صلَّى إتمامًا لأربعٍ كانتا ترغيمًا للشيطانِ)) (108) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أَمَر باطِّراحِ الشَّكِّ والبناءِ على اليقين، وهو الأقلُّ، وفي حُكْمِ الصَّلاةِ: الطَّوافُ (109) .
المطلب التاسع: الموالاةُ بينَ الأشواطِ
تجِبُ الموالاةُ بين الأشواطِ، وهذا مذهب المالِكيَّة (110) ، والحَنابِلة (111) ، واختاره ابنُ عُثيمين (112) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والى بين أشواطِ طَوافِه، وقد قال: ((لِتَأْخُذوا مناسِكَكم)) (113) .
ثانيًا: أنَّ الطَّواف كالصَّلاةِ؛ فيُشتَرَط له الموالاةُ كسائِرِ الصَّلواتِ، أو أنَّه عبادةٌ متعلِّقةٌ بالبيت؛ فاشتُرِطَتْ لها الموالاةُ كالصَّلاةِ (114) .
فرعٌ: حكمُ قَطْعِ الطَّوافِ إذا أقيمَتِ الصَّلاةُ
إذا أُقِيمَتْ صلاةُ الفريضةِ، فإنَّه يقطَعُ الطَّوافَ بنيَّةِ الرُّجوعِ إليه بعد الصَّلاة، فإذا قُضِيَتِ الصَّلاة يبدأ من حيث وَقَف، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (115) ، والمالِكيَّة (116) ، والشَّافعيَّة (117) ، وبه قال أكثَرُ أهلِ العِلمِ (118) ، وهو قَولُ ابْنِ حَزْمٍ (119) .
الأدِلَّة:
دليلُ قَطْعِ الصَّلاة:
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أقيمَتِ الصَّلاةُ فلا صلاةَ إلَّا المكتوبةُ)) (120) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الطَّوافَ صلاةٌ، فيدخُلُ في عمومِ الخبرِ، بوجوبِ المبادرةِ إلى الصَّلاةِ، وقَطْعِ طوافِه (121) .
دليلُ البناءِ على ما سبق:
أنَّ ما سبق بُنِيَ على أساسٍ صحيحٍ، وبمقتضى إذنٍ شرعيٍّ؛ فلا يُمكِنُ أن يكون باطلًا إلَّا بدليلٍ شرعيٍّ (122) .
المطلب العاشر: المَشيُ للقادِرِ عليه
إذا كان قادرًا على المشي، فيجب عليه أن يطوف ماشيًا، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (123) ، والمالِكيَّة (124) ، والحَنابِلة (125) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((شكوتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أشتكي، قال: طوفي مِن وراءِ النَّاسِ وأنت راكبةٌ، فطفتُ ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يقرأُ بالطُّورِ وكتابٍ مَسطورٍ)) (126) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الترخيصَ لها بالطَّوافِ راكبةً بسبب العُذْرِ يدلُّ على أنَّ العزيمةَ بخلاف ذلك، وأنَّ الأصلَ أن يطوفَ ماشِيًا (127) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيت في حجَّةِ الوداعِ على راحِلَتِه، يستلِمُ الحَجَرَ بمِحْجَنِه؛ لِأنْ يراه النَّاسُ وَلْيُشْرِفَ وليسألوه؛ فإنَّ النَّاس غَشُوه)) (128) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما طاف راكبًا إلا لعُذرٍ، وهو أن يراه النَّاس ليتأسَّوْا به (129) .
الفرعٌ الأول: حكمُ الطوافِ راكبًا أو محمولًا للعاجزِ عن المَشي
إذا كان عاجزًا عن المشيِ، وطاف راكبًا أو محمولًا، فلا فداءَ ولا إثمَ عليه.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((شكوتُ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أشتكي، قال: طوفي مِن وراءِ النَّاسِ وأنت راكبةٌ، فطفتُ ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصَلِّي إلى جَنْبِ البيتِ، يقرأُ بالطُّورِ وكتابٍ مَسطورٍ)) (130) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه رخَّصَ لها في الطَّوافِ راكبةً للعُذْرِ (131) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيت في حَجَّةِ الوداع على راحِلَتِه، يستلِمُ الحَجَر بمِحْجَنِه؛ لأن يراه النَّاسُ ولْيُشْرِفَ وليسألوه؛ فإنَّ النَّاس غَشُوه)) (132) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طاف راكبًا للعذر، وهو أن يراه النَّاس ليتأسَّوْا به (133) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (134) ، والباجي (135) وابنُ قُدامة (136) وابنُ تيميَّة (137) وابنُ القَيِّم (138) .
الفرعٌ الثاني: طوافُ الصَّبيِّ
الصَّبيُّ الصَّغيرُ يُطافُ به.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر (139) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #37



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأوَّل: الاضْطِباعُ
المطلب الأوَّل: تعريفُ الاضْطِباعِ
الاضطباعُ لغةً: مشتقٌّ مِنَ الضَبْع, بمعنى: العَضُد؛ سُمِّيَ بذلك لإبداءِ أحدِ الضَّبعينِ (1) .
الاضطباعُ اصطلاحًا: أن يتوشَّحَ بردائِه ويُخْرِجَه من تحتِ إبطِه الأيمنِ، ويُلقِيَه على مَنْكِبِه الأيسرِ، ويغَطِّيَه، ويبدِيَ مَنْكِبَه الأيمنَ (2) .
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاضطباعِ
الاضطباعُ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ الطَّواف، وهو للرِّجالِ دون النِّساء, وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (3) , والشَّافعيَّة (4) , والحَنابِلة (5) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن يَعلَى بنِ أمَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طاف مُضْطَبِعًا)) (6) .
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه اعتمروا مِنَ الجِعْرانَةِ، فرمَلوا بالبيتِ، وجعلوا أردِيَتَهم تحت آباطِهم، قد قَذَفوها على عواتِقِهم اليُسرى)) (7) .
3- عن أسلَمَ مولى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعْتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه يقول: ((فِيمَ الرَّمَلانُ (8) اليومَ والكَشْفُ عن المناكبِ، وقد أطَّأَ (9) اللهُ الإسلامَ، ونفى الكفْرَ وأهلَه، مع ذلك لا نَدَعُ شيئًا كنَّا نَفْعلُه على عهدِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) (10) .
المطلب الثَّالث: الطَّواف الذي يشرع فيه الاضطباع؟
الاضطباعُ مشروعٌ في طوافِ القُدومِ, وطوافِ العُمْرةِ فقط، وهو مذهَبُ الحَنابِلة (11) , وقولٌ عند الشَّافعيَّة (12) , واختاره ابنُ باز (13) , وابنُ عُثيمين (14) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن يَعلَى بنِ أميَّةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طاف مُضْطَبِعًا)) (15) .
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه، اعتَمَروا مِنَ الجِعْرَانةِ، فرَمَلوا بالبيتِ، وجعلوا أردِيَتَهم تحت آباطِهم، قد قذفوها على عواتِقِهم اليُسرى)) (16) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
دلَّ هذانِ الحديثانِ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما اضطبَعَ في طوافِه أوَّلَ مَقْدَمِه، ولم يُروَ عنه الاضطباعُ في غيرِ ذلك.
المبحث الثَّاني: الرَّمَل
المطلب الأوَّل: تعريفُ الرَّمَل
الرَّمَل لغةً: الهَرْوَلة؛ يقال: رمل: إذا أسرعَ في المشيِ، وهزَّ مَنْكِبَيه (17) .
الرَّمَل اصطلاحًا: هو الإسراعُ في المشيِ، مع تقارُبِ الخُطى وتحريكِ المَنْكِبَينِ, وهو دون الوثوبِ والعَدْوِ، ويُسَمَّى أيضًا الخَبَب (18) .
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الرَّمَل
الرَّمَلُ سُنَّةٌ للمُحْرمِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (19) , والمالِكيَّة (20) , والشَّافعيَّة (21) , والحَنابِلة (22) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف بالبيت الطَّوافَ الأوَّلَ يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعةً، وأنَّه كان يسعى بَطْنَ المَسيلِ، إذا طاف بين الصَّفَا والمروةِ)) (23) .
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويل- في حجَّةِ الوداعِ؛ قال: ((فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (24) .
3- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه مكَّةَ، وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يثربَ، فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم غدًا قومٌ قد وَهَنَتْهم الحُمَّى، ولَقُوا منها شِدَّةً، فجلسوا مِمَّا يلي الحِجْرَ، وأمَرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَرْمُلوا ثلاثةَ أشواطٍ، ويَمْشُوا ما بين الرُّكْنينِ؛ ليرى المشركونَ جَلَدَهم، فقال المشركونَ: هؤلاءِ الذينَ زَعَمْتم أنَّ الحُمَّى قد وَهَنَتْهم، هؤلاءِ أجلَدُ مِن كذا وكذا)) (25) .
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَمَل مِنَ الحَجَرِ الأسودِ حتى انتهى إليه ثلاثةَ أطوافٍ)) (26) .
5- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمَلَ مِنَ الحَجَر إلى الحَجَر)) (27) .
المطلب الثَّالث: الرَّمَل في الأشواطِ الثَّلاثةِ الأُوَلِ
الرَّمَلُ يكون في الثَّلاثةِ الأشواطِ الأُوَلِ مِنَ الطَّوافِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا طاف بالبيت الطَّوافَ الأوَّلَ، يَخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعةً)) (28) .
2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في حجَّةِ الوداعِ، قال: ((فرَمَل ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (29) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (30) ، وابنُ قُدامة (31) , والنوويُّ (32) .
المطلب الرابع: الرَّمَلُ خاصٌّ بطوافِ القُدُومِ وبطوافِ المُعْتَمِر فقط
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابر رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في حجَّةِ الوداعِ، قال: ((فرَمَل ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (33) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أن هذا الرَّمَلَ كان في طوافِ القُدومِ (34) .
2- عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه مكَّةَ، وقد وَهَنَتْهم حُمَّى يثربَ، فقال المشركون: إنَّه يَقْدَمُ عليكم غدًا قومٌ قد وَهَنَتْهم الحُمَّى، ولَقُوا منها شِدَّةً، فجلسوا مِمَّا يلي الحِجْرَ، وأمَرَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَرْمُلوا ثلاثةَ أشواطٍ، ويَمْشُوا ما بين الرُّكْنينِ؛ ليرى المشركونَ جَلَدَهم، فقال المشركونَ: هؤلاءِ الذينَ زَعَمْتم أنَّ الحُمَّى قد وَهَنَتْهم، هؤلاءِ أجلَدُ مِن كذا وكذا)) (35) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا الرَّمَل كان في طوافِ العُمْرةِ (36) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (37) ، وابن قُدامة (38) .
المطلب الخامس: هلْ على النِّساءِ رَمَلٌ؟
ليسَ على النِّساءِ رمَلٌ في الطَّوافِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر (39) ، الطحاوي (40) ، وابن عبد البر (41) ، وابن بطال (42) ، وابن رشد (43) .
المبحث الثَّالث: استلامُ الحَجَرِ الأسودِ وتَقبيلُه
المطلب الأوَّل: حُكْمُ استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ وتقبيلِه
يُسَنُّ استلامُ الحَجَر الأسوَدِ وتقبيلُه (44) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال للرُّكْن: ((أمَا واللهِ، إنِّي لأعلمُ أنَّك حَجَر لا تَضُرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استَلَمَك ما استَلَمْتُك، فاسْتَلَمَه، ثمَّ قال: فما لنا وللرَّمَل، إنَّما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ، وقد أهْلَكَهم اللهُ؟ ثم قال: شيءٌ صَنَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا نُحِبُّ أن نَتْرُكَه)) (45) ، وفي روايةٍ: ((أنَّه جاء إلى الحَجَرِ الأسوَدِ فقَبَّلَه، فقال: «إنِّي أعلَمُ أنَّك حَجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفَعُ، ولولا أنِّي رأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقَبِّلُك ما قَبَّلْتُك)) (46) .
2- عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ، قال: ((رأيتُ عُمَرَ قبَّل الحَجَرَ والتَزَمَه، وقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بك حفِيًّا)) (47) .
3- عن الزُّبَير بن عربيٍّ، قال: ((سأل رجلٌ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عن استلامِ الحَجَر، فقال: رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُه ويُقَبِّلُه، قال: قلت: أرأيتَ إن زُحِمْتُ؟ أرأيتَ إن غُلِبْتُ؟ قال: اجعَلْ أرأيتَ باليَمَنِ، رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه)) (48) .
4- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا قَدِمَ مكَّة أتى الحَجَرَ فاستلَمَه، ثم مشى على يَمينِه، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (49) .
ثانيًا: مِنَ الإجماع
نقل الإجماعَ على سُنِّيَّة استلامِ الحَجَرِ الأسوَدِ ابْنُ حَزْمٍ (50) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (51) ، وابنُ رُشْدٍ (52) والنوويُّ (53) .
المطلب الثَّاني: التكبيرُ عند الحَجَرِ الأسْوَدِ في كلِّ طَوْفَةٍ
يُسَنُّ التكبيرُ (54) عند استلامِ الحَجَرِ الأسودِ، أو الإشارةُ إليه، وذلك كلَّما حاذاه في كلِّ طَوْفَةٍ.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((طافَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ على بعيرٍ، كلَّما أَتَى الرُّكْنَ أشارَ إليهِ بشيءٍ كان عندَهُ وكَبَّرَ)) (55) .
المطلب الثَّالث: كيفيةُ الإشارةِ إلى الحَجَرِ الأسوَدِ
إذا لم يستَلِمِ الحَجَرَ الأسودَ ويُقَبِّلُه، فله أن يستَلِمَه ويُقَبِّلَ يَدَه، وله أن يستَلِمَه بشيءٍ يكون معه، ويقَبِّلَه، وله أن يشيرَ إليه بِيَدِه من غيرِ تقبيلٍ.
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن نافعٍ، قال: ((رأيتُ ابنَ عُمَرَ يستلِمُ الحجَرَ بيَدِه، ثم قبَّلَ يدَه، وقال: ما تركتُه منذ رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُه)) (56) .
2- عن أبي الطُّفَيلِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطوف بالبيتِ، ويستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معه، ويقبِّلُ المِحْجَنَ)) (57) .
3- عن جابرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالبيتِ في حجَّةِ الوداعِ على راحِلَتِه يستلِمُ الحَجَر بمِحْجَنِه؛ لأنْ يراه النَّاسُ ولِيُشْرِفَ ولِيَسألوه؛ فإنَّ النَّاسَ غَشُوه)) (58) .
المبحث الرابع: استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ
يُستحبُّ استلامُ الرُّكْنِ اليمانيِّ، وهو الرُّكْنُ الواقِعُ قبل رُكْنِ الحَجَرِ الأسودِ, ولا يُقَبِّلُه، ولا يُقَبِّلُ ما استلَمَ به.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((ما تركتُ استلامَ هذين الرُّكْنينِ: اليمانيِّ والحَجَر، مُذْ رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْتَلِمُهما، في شدةٍ ولا رخاءٍ)) (59) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((لم أرَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسَحُ مِنَ البيت، إلَّا الرُّكْنينِ اليَمَانِيَّينِ)) (60) .
3- عن سالمٍ عن أبيه أنه قال: ((لم يكنْ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستلِمُ من أركانِ البَيْتِ إلَّا الرُّكْنَ الأسوَدَ، والذي يليه، من نحوِ دُورِ الجُمَحِيِّينَ)) (61) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (62) ، وابنُ رُشْدٍ (63) .
مطلبٌ: استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ:
لا يُسَنُّ استلامُ غيرِ الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((لم أرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يستَلِمُ مِنَ البيتِ إلَّا الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ)) (64) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لها: ((ألَمْ تَرَيْ أنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الكعبةَ اقتَصَروا على قواعِدِ إبراهيمَ؟ فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تَرُدُّها على قواعِدِ إبراهيمَ؟ قال: لولا حِدْثانُ قَوْمِك بالكُفْرِ لفَعَلْتُ، فقال عبدُ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: لئِنْ كانت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها سَمِعَتْ هذا من رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أُرى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرَكَ استلامَ الرُّكْنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ إلَّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ، وعنها قالت: سألتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الجَدْرِ؛ أمِنَ البيتِ هو؟ قال: نَعَمْ)) (65) .
ثانيًا: أنَّ الرُّكْنَ الذي فيه الحَجَرُ الأسوَدُ فيه فضيلتانِ: كَوْنُ الحَجَرِ فيه، وكونُه على قواعِدِ إبراهيمَ عليه السلام، والرُّكْنَ اليمانيَّ فيه فضيلةٌ واحدة: وهي كونُه على قواعِدِ أبينا إبراهيمَ عليه السَّلام، وأمَّا الشَّاميَّانِ فليس لهما شيءٌ مِنَ الفضيلتينِ؛ ولذا لم يُشْرَعْ استلامُهما (66) .
المبحث الخامس: الذِّكْرُ والدُّعاءُ في الطَّوافِ
يُستحَبُّ للطَّائِفِ أن يُكْثِرَ مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ في طوافِه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (67) : الحَنَفيَّة (68) ، والمالِكيَّة (69) ، والشَّافعيَّة (70) ، والحَنابِلة (71) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذا عَمَلٌ توارَثَه السَّلَفُ (72) .
ثانيًا: أنَّ ذِكْرَ الله مستحَبٌّ في جميعِ الأحوالِ؛ ففي حالِ التلبُّسِ بعبادةِ الطَّوافِ أَوْلى (73) .
مطلبٌ: ما يقولُ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ
مِنَ الأذكارِ المأثورةِ في الطَّوافِ بين الرُّكْنينِ اليَمانِيَّينِ أن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول ما بين الرُّكْنينِ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (74) .
المبحثُ السَّادسُ: قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ
لأهْلِ العِلْمِ في قراءةِ القرآنِ في الطَّوافِ قولان:
القول الأوّل: يُستحَبُّ قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ مع تفضيلِ الذِّكْرِ المأثورِ عليه، وهو مذهب الحَنَفيَّة (75) ، والشَّافعيَّة (76) ، وإحدى الرِّوايتينِ عن أحمد (77) ، ورُوِيَ عن طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ (78) ، واختاره ابنُ المُنْذِر (79) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الطَّوافَ صلاةٌ، ولا تُكْرَهُ القراءةُ في الصَّلاة (80) .
ثانيًا: أنَّ الموضِعَ موضِعُ ذِكْرٍ، والقرآنُ أفضَلُ الذِّكْر (81) .
ثالثًا: أنَّ قراءةَ القرآنِ مندوبٌ إليها في جميعِ الأحوالِ إلَّا في حالِ الجنابةِ والحَيْضِ (82) .
القول الثاني: يُكْرَه قراءةُ القرآنِ في الطَّوافِ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة (83) ، وقولٌ للحَنَفيَّة (84) ، وهو روايةٌ عن أحمَدَ (85) ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (86) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هَديَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو الأفضَلُ، والمشروعُ في الطَّوافِ مجرَّدُ ذِكْرِ الله تعالى، ولم يَثْبُتْ عنه في الطَّوافِ قراءةُ قرآنٍ، بل الذِّكْرُ، وهو المتوارَثُ مِنَ السَّلَفِ والمُجمَع عليه، فكان أَوْلى (87) .
ثانيًا: أنَّ ما ما ورد مِنَ الذِّكْرِ مختصًّا بمكانٍ أو زمانٍ أو حالٍ، فالاشتغالُ به أفضل مِنَ الاشتغالِ بالتلاوةِ (88) .
المبحث السابع: الدُّنُوُّ مِنَ البيتِ
يُستحَبُّ للطَّائفِ أن يدنُوَ مِنَ البيتِ, وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (89) , والمالِكيَّة (90) , والشَّافعيَّة (91) , والحَنابِلة (92) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ البيتَ أشرَفُ البقاعِ؛ فالدنوُّ منه أفضلُ (93) .
ثانيًا: أنَّه أيسَرُ في استلام الرُّكْنينِ وتقبيلِ الحَجَرِ (94) .
المبحث الثامن: صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّوافِ)
المطلب الأوَّل: حُكْمُ صلاةِ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّوافِ (ركعتا الطَّواف)
صلاةُ ركعتينِ خَلْفَ المقامِ بعد الطَّواف؛ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ, وهو مذهب الشَّافعيَّة في الأصحِّ (95) ، والحَنابِلة (96) , واختاره ابْنُ حَزْمٍ (97) ، وابنُ باز (98) , وابنُ عُثيمين (99) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى[البقرة: 125].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجعل المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث)) (100) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوفى قال: ((اعتمَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيتِ، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ)) (101) .
3- حديثُ الأعرابيِّ الذي جاء يسألُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الإسلامِ وما يجِبُ عليه، وفيه: ((خمسُ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلة)) فقال: هل عليَّ غيرُهُنَّ؟ قال: ((لا، إلا أن تَطَوَّعَ))... الحديث (102) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صرَّح بأنَّه لا يجب شيءٌ مِنَ الصَّلاةِ، إلَّا الصلواتُ الخَمْسُ المكتوباتُ (103) .
4- عن عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((خمسُ صلواتٍ كتَبَهُنَّ اللهُ على العبادِ، فمن جاء بهنَّ لم يُضَيِّعْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحَقِّهِنَّ؛ كان له عند الله عهدٌ أن يُدخِلَه الجنَّةَ، ومن لم يأتِ بهنَّ فليس له عند الله عهْدٌ، إن شاء عذَّبَه، وإن شاء أدخَلَه الجنَّةَ)) (104) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أخبَرَ أنَّ الصلواتِ التي فَرَضَها اللهُ على عبادِه، هي الصلواتُ الخَمْسُ فقط, وفي هذا دليلٌ على عدمِ وُجوبِ ركعتَيِ الطَّوافِ (105) .
5-عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من طاف أسبوعًا يُحصيه وصلَّى ركعتينِ، كان له كعَدْلِ رَقبةٍ)) (106)
وَجْهُ الدَّلالةِ:
كونُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخرَجَ الحديثَ مَخْرَج الفَضْلِ، وجعل لركعتَيِ الطَّوافِ أجرًا محدودًا؛ فإنَّه دليلٌ على أنَّها ليست بواجبةٍ؛ إذ إنَّ الواجِبَ غيرُ محدَّد الأجرِ والثَّوابِ (107) .
المطلب الثَّاني: مكانُ أداءِ رَكْعَتَيِ الطَّوافِ
يُشْرَعُ أداءُ ركعَتَيِ الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى[البقرة: 125].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم نفَذَ إلى مقامِ إبراهيمَ عليه السلامُ، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: 125] فجَعَلَ المقامَ بينه وبين البيتِ... الحديث)) (108) .
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطاف بالبيت سبعًا، وصلَّى خلْفَ المقامِ ركعتينِ) (109) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ (110) ، وابنُ تيميَّة (111) .
المطلب الثَّالث: مَن لم يستَطِعْ أداءَ الركعتينِ خَلْفَ المقامِ لمانعٍ
إذا لم يتيَسَّرْ للطَّائِفِ أداءُ ركعتي الطَّوافِ خَلْفَ المقامِ بسبب الزِّحامِ أو غيره، فإنه يُصَلِّيها في أي مكانٍ تيسَّرَ في المسجِدِ (112) ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (113) , والمالِكيَّة (114) , والشَّافعيَّة (115) والحَنابِلة (116) ؛ وذلك لأنَّ الركعتينِ تُجْزِئانِ في كلِّ مكانٍ مِنَ المسجدِ (117) .
المبحث التاسع: استلامُ الحَجَرِ بعد الانتهاءِ مِنَ الطَّوافِ
يُسَنُّ لِمَنِ انتهى مِن طوافِه وصلَّى ركعتيِ الطَّوافِ أن يعود إلى الحَجَرِ فيستَلِمَه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (118) , والمالِكيَّة (119) , والشَّافعيَّة (120) , والحَنابِلة (121) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
حديث جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه- الطويلُ- في صِفَةِ حَجِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((ثم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاستلَمَه)) (122) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة (123) وابن عَبْدِ البَرِّ (124) .
مسألةٌ: الكلامُ في الطَّوافِ:
يُكْرَهُ الكلامُ في الطَّوافِ لغَيرِ حاجةٍ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: مِنَ الحَنَفيَّة (125) ، والمالِكيَّة (126) ، والحَنابِلة (127) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّ وهو يطوف بالكعبةِ بإنسانٍ رَبَطَ يدَه إلى إنسانٍ بِسَيرٍ، أو بخَيطٍ، أو بشيءٍ غيرِ ذلك، فقَطَعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِيَدِه، ثم قال: قُدْهُ بِيَدِه)) (128) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تكلَّمَ في الطَّوافِ لحاجةٍ، وهي الأمرُ بالمعروفِ (129) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #38



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



محتويات الصفحة:

- المبحث الأوَّل: أسماءُ طَوافِ القُدومِ.- المبحث الثَّاني: حُكْمُ طَوافِ القُدُومِ.

المبحث الأوَّل: أسماءُ طَوافِ القُدومِ

يُسمَّى طوافَ القادِمِ، وطوافَ الوُرودِ، وطَوافَ الوارِدِ، وطَوافَ التَّحيَّة، وطَوافَ اللِّقاءِ (1) .

المبحث الثَّاني: حُكْمُ طَوافِ القُدُومِ

طوافُ القُدومِ سُنَّةٌ للقارِنِ والمُفْرِد القادِمَينِ مِن خارجِ مكَّةَ (2) ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (3) ، والشَّافعيَّة (4) ، والحَنابِلة (5) .

الأدِلَّة:

أوَّلًا: مِنَ الكِتاب

قَولُه تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29].

وَجْهُ الدَّلالةِ:

أنَّ الأمرَ المُطلَق لا يقتضي التَّكرارَ، وقد تعيَّنَ أنَّ المقصودَ بهذا الطَّوافِ طَوافُ الإفاضةِ بالإجماعِ، فلا يكون غيرُه كذلك (6) .

ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ

1- عن محمَّدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ نَوفلٍ القُرَشِيِّ، أنَّه سألَ عروةَ بنَ الزبيرِ، فقال: قد حجَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخبَرَتْني عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّه أوَّلُ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ أنَّه توضَّأَ، ثم طاف بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً. ثم حجَّ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكن عُمْرةً، ثم عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنه مثل ذلك، ثم حَجَّ عُثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثمَّ لم تكُنْ عُمْرةً، ثم معاويةُ، وعبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثم حجَجْتُ مع أبي الزُّبيرِ بنِ العوَّامِ، فكان أوَّلَ شيءٍ بدأ به الطَّوافُ بالبيتِ، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم رأيتُ المهاجرينَ والأنصارَ يفعلونَ ذلك، ثم لم تكُنْ عُمْرةً، ثم آخِرُ مَن رأيتُ فَعَلَ ذلك ابنُ عُمَرَ، ثم لم ينقُضْها عُمْرةً- وهذا ابنُ عُمَرَ عِنْدَهم فلا يسألونَه- ولا أحَدٌ مِمَّن مضى، ما كانوا يبدؤونَ بشيءٍ حتى يضعوا أقدامَهم مِنَ الطَّوافِ بالبَيْتِ، ثم لا يَحِلُّونَ، وقد رأيتُ أمِّي وخالتي حين تَقْدَمان، لا تبتَدِئان بشيءٍ أوَّلَ مِنَ البيتِ؛ تطوفانِ به، ثم إنَّهما لا تَحِلَّان)) (7) .

2- حديثُ جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، الطويلُ، في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفيه: ((حتَّى إذا أتَيْنا البيتَ معه استلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثلاثًا، ومشى أربعًا)) (8) .

ثالثًا: أنَّ اللهَ سبحانه لم يأمُرْ بذلك الطَّوافِ ولا رسولُه، ولا اتَّفَقَ الجميعُ على وجوبِه، وإنَّما اتفقوا على أنَّه مِن شعائِرِ الحَجِّ ونُسُكِه، وهذا اليقينُ، فلا يُخْرَجُ عنه إلَّا بِبُرهانٍ (9) .

رابعًا: سقوطُ هذا الطَّوافِ عن الحائِضِ، فلو كان واجبًا لوجَبَ قضاؤُه وتدارُكُه، أو جَبْرُه بدمٍ (10) .

خامسًا: القياسُ على تحيَّةِ المسجدِ، فإنَّها ليست واجبةً، ولا على مَن تَرَكَها شيءٌ، فكذلك طوافُ القُدومِ، فإنَّه تحيَّةُ البيتِ (11) .

سادسًا: أنَّه لا يجِبُ على أهلِ مكَّةَ بالإجماعِ، ولو كان ركنًا لوجب عليهم؛ لأنَّ الأركانَ لا تختَلِفُ بين أهلِ مكَّة وغيرِهم، كطوافِ الزِّيارةِ، فلمَّا لم يجِبْ على أهل مكَّة دلَّ أنَّه ليس برُكْنٍ (12) .

سابعًا: لأنَّ أركان الحَجِّ لا تتكرَّر، وطوافُ الزِّيارة رُكْنٌ بالإجماعِ، ولو كان طوافُ القدومِ فرضًا لتكرَّرَ (13) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #39



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



المبحث الأول: وقتُ طوافِ القُدومِ
يبدأ وقتُ طوافِ القُدومِ حين دخولِ مكَّةَ، وينتهي بالوقوفِ بعَرَفة، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والشَّافعيَّة (3) ، وهو قولٌ للحَنابِلة (4) ، اختاره ابنُ قُدامة (5) ، وابنُ تيميَّة (6) ، وصحَّحَه ابنُ رجبٍ (7) .
الأدِلَّة:
أدِلَّةُ أنَّ طَوافَ القُدوم ِيكونُ عند أوَّلِ القُدومِ إلى مكَّة
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((إنَّ أوَّلَ شيءٍ بدأ به حين قَدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه توضَّأَ ثمَّ طاف)) (8) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتى إذا أَتَيْنا البيتَ معه استلم الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثًا ومشى أربعًا)) (9) .
ثانيًا: لأنَّ طوافَ القُدومِ تحيَّةُ البيت، فاستُحِبَّ البدايةُ به كتحيَّةِ المسجِدِ (10) .
أدِلَّة أنَّ وَقْتَ طوافِ القُدومِ ينتهي بالوقوفِ بعَرَفةَ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فطاف الذين أهلُّوا بالعُمْرةِ، ثم حلُّوا، ثم طافوا طوافًا آخرَ، بعد أن رَجَعوا مِن مِنًى، وأمَّا الذين جمعوا بين الحجِّ والعُمْرةِ، فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا)) (11) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه إنَّما طافوا بعد يومِ عَرَفةَ طوافَ الإفاضةِ، ومنهم من كان متمتِّعًا لم يَطُفْ إلَّا طوافَ عُمْرَتِه، ومنهم من لم يُدْرِكِ الحجَّ إلَّا يومَ عَرَفةَ، فعُلِمَ أنَّ طوافَ القُدومِ إنَّما يُشرَع لِمَن أتى البيتَ قبل الوقوفِ بِعَرَفةَ (12) .
ثانيًا: أنَّ المُحْرِم بعد الوقوفِ بعَرَفةَ مُطالَبٌ بطوافِ الفَرْضِ، وهو طوافُ الزيارةِ (13) .
ثالثًا: أنَّ طوافَ الإفاضةِ يُغني عن طوافِ القُدومِ لِمَن لم يَقْدَمِ البيتَ إلَّا بعد يومِ عَرَفةَ، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُغني عن تحيَّة المسجد (14) .
رابعًا: أنَّ طواف القدومِ لو لم يَسْقُطْ بالطَّوافِ الواجِبِ، لشُرِعَ في حقِّ المعتَمِر طوافٌ للقدومِ مع طوافِ العُمْرةِ؛ لأنَّه أوَّلُ قُدومِه إلى البيتِ، فهو به أَوْلى مِنَ المتمتِّع، الذي يعود إلى البيتِ بعد رُؤْيَتِه وطوافِه به (15) .
خامسًا: أنَّ طوافَ القُدومِ شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائرُ الأفعالِ، فلا يكون الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً (16) .
المبحث الثاني: متى يسقُطُ طَوافُ القُدومِ؟
يسقُطُ طوافُ القُدومِ عن أربعةِ أصنافٍ:
أ – الحائض: وفي حُكْمِها النُّفَساء، وذلك إذا استمَرَّ دَمُهما إلى يومِ عَرَفةَ (17) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((خرَجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا نذكُرُ إلَّا الحجَّ، حتى جِئْنا سَرِفَ فطَمِثْتُ، فدخل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أبكي، فقال: ما يُبْكيكِ؟ فقلت: واللهِ، لوَدِدْتُ أنِّي لم أكُنْ خَرَجْتُ العامَ، قال: ما لكِ؟ لعلَّكِ نَفِسْتِ؟ قلتُ: نعم، قال: هذا شيءٌ كَتَبَه اللهُ على بناتِ آدَمَ، افعَلِي ما يفعلُ الحاجُّ غيرَ أنْ لا تطوفي بالبَيتِ حتى تَطْهُرِي. قالت: فلمَّا كان يومُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فأمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأفَضْتُ)) (18) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها لَمَّا حاضت، فقَرَنَتِ الحجَّ إلى العُمْرةِ- بأمْرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولم تَكُنْ طافت للقُدومِ- لم تطُفْ للقُدومِ، ولا أمَرَها به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (19) .
ب- المَكِّي: وفي حُكْمِه الآفاقيُّ إذا أحرم مِنْ مَكَّة (20) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماع على أنَّ المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة ابن رشد (21) .
ثانيًا: أنَّ طَوافَ القُدومِ شُرِعَ للقدومِ، فلا يُتَصَوَّر في حقِّ المكِّي طوافُ القدومِ؛ إذ لا قُدومَ له (22) .
ج- المُعْتَمِر والمتمَتِّع
يسقُطُ عن المُعتَمِر والمتَمَتِّع طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة (23) ، والمالِكيَّة (24) ، والشَّافعيَّة (25) ؛ وذلك لأنَّ طوافَ القُدومِ يندرِجُ في طوافِ العُمْرةِ، ويُجْزِئُ عنهما، كالصَّلاةِ الفَرْضِ تُجْزِئُ عن تحيَّةِ المسجد (26) .
د- مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ
مَن قَصَدَ عَرَفةَ رأسًا للوقوفِ يَسْقُطُ عنه طوافُ القُدومِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ مِنَ الحَنَفيَّة (27) ، والمالِكيَّة (28) ، والشَّافعيَّة (29) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ مَحَلَّ طوافِ القُدومِ المسنونِ قبل وقوفِ عَرَفةَ، وقد فات (30) .
ثانيًا: لأنَّ الطَّوافَ المفروضَ عليه قد دخل وقْتُه وخوطِبَ به، فلا يصِحُّ قبل أدائِه أن يتطَوَّعَ بطوافٍ؛ قياسًا على أصْلِ الحجِّ والعُمْرة (31) .
ثالثًا: لأنَّه شُرِعَ في ابتداءِ الحَجِّ على وجهٍ يترتَّبُ عليه سائِرُ الأفعالِ، فلا يكونُ الإتيانُ به على غيرِ ذلك الوَجْهِ سُنَّةً (32) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
قديم 14-07-2021   #40



 
 عضويتي » 1
 جيت فيذا » Mar 2009
 آخر حضور » منذ 17 ساعات (04:45 AM)
آبدآعاتي » 55,471
 حاليآ في » بمملكتي هنــا.
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » الوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond reputeالوافي has a reputation beyond repute
اشجع
مَزآجِي  »
sms ~
يقولون من يرفع راسه فوق تنكسر رقبته
وأنا أبي أرفع رآسي فوق وأشوف منهو كفو يكسرهـ
تراني أنتظركـ ..
 آوسِمتي »
اوسمتي
وسام وسام   مجموع الاوسمة: 2

 

الوافي غير متواجد حالياً

افتراضي



الفصل الأوَّل: تعريفُ السَّعيِ بين الصَّفا والمروةِ
1- السَّعي لغةً: المشيُ، والعَدْوُ مِن غيرِ شَدٍّ (1) .

2- الصَّفا لغةً: جمعُ صفاةٍ، وهي الحَجَرُ الصَّلْدُ الضَّخْم الذي لا يُنْبِتُ شيئًا؛ وقيل: هي الصَّخرةُ الملساءُ (2) .

الصَّفا اصطلاحًا: مكانٌ مرتفِعٌ مِن جبلِ أبي قُبَيسٍ، ومنه ابتداءُ السَّعيِ، ويقع في طَرَف المسعى الجنوبيِّ (3) .

3- المروة لغةً: حجارةٌ بِيضٌ برَّاقةٌ، والجمعُ مَرْوٌ (4) .

المروة اصطلاحًا: جبلٌ بمكَّة، وإليه انتهاءُ السَّعيِ، وهو في أصلِ جبل قُعَيْقِعان، ويقعُ في طَرَفِ المسعى الشَّمالي (5) .

السَّعْيُ بين الصَّفا والمروة اصطلاحًا: هو قَطْعُ المسافةِ الكائنةِ بين الصَّفا والمروةِ، سبعَ مرَّاتٍ في نُسُكِ حجٍّ أو عُمْرةٍ (6) .


 توقيع : الوافي

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لبيك, المهم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبيك تشوف لي صرفة دلع المشاعر ۩۞۩ هبوب الشعر وهمس القوافي ۩۞۩ 8 منذ أسبوع واحد 04:47 AM
كود اذكار للمسلم متحرك من الاسفل الى الاعلى الوافي ۩۞۩ هبوب تطوير المواقع والمنتديات ۩۞۩ 6 22-03-2024 01:19 PM

أقسام المنتدى

۩۞۩ أناقـــة بنات ♣ نون النسـوه ۩۞۩ | ۩۞۩ آرشيف المواضيع المكرره والمحذوفات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب إستقبال الأعضاء الجدد ۩۞۩ | ۩۞۩ التنمية البشريه وتطوير الذات ۩۞۩ | الاقسام العامة | الاقسام الاسلامية | ۩۞۩ صوتيات ومرئيات هبوب الاسلامية ۩۞۩ | ۩۞۩ مدونات أعضاء هبوب الخاصة ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب تطوير المواقع والمنتديات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الديكور والأثاث المنزلي ۩۞۩ | الأسرة والمجتمع | ۩۞۩ هبوب القرارات الإدارية والتكريم ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الشيلات والقصائد الصوتيه ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الفتوشوب وملحقات التصميم ۩۞۩ | ۩۞۩ الحيوانات والطيور والنبات والطبيعة ۩۞۩ | ۩۞۩ التهانى والاهداءات والمناسبات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب ذوي الأحتياجات الخاصة ۩۞۩ | ۩۞۩ فعاليات ومسابقات الأعضاء ۩۞۩ | ركن تواصل الاعضاء | ۩۞۩{ هبوب الكمبيوتر والبرامج }۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب عالم الرجل ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الطب والصحة العامة ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب القرآن الكريم وعلومه ۩۞۩ | ۩۞۩ خاص بتطوير منتدى هبوب الجنوب ۩۞۩ | ۩۞۩ مطبخ أعضاء هبوب ۩۞۩ | ♔ الأقسام الإدارية ♔ | التصميم والجرافيكس | ۩۞۩ كوفي اعضاء هبوب الجنوب ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب السيارات والدراجات النارية ۩۞۩ | ۩۞۩ تصاميم أعضاء هبوب الحصرية ۩۞۩ | ۩۞۩ مرافئ كتابات الأعـضاء بأقلامهم ۩۞۩ | مجلة هبوب الشهرية | الأقسام التعليميه | ۩۞۩ هبوب التربيه والتعليم واللغات ۩۞۩ | الشباب والرياضة | ۩۞۩ هبوب طلبات التصاميم ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الشكاوي والاقتراحات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الرياضة العربيه ۩۞۩ | ۩۞۩ فواصل واكسسوارات تزيين المواضيع ۩۞۩ | الأقسام التقنية وتكنولوجيا البرامج | ۩۞۩ هبوب الجوالات بانواعها وتطبيقاتها ۩۞۩ | ۩۞۩ طلبات الاعضاء وتغيير النكات ۩۞۩ | الاقسام الأدبية والثقافية | ۩۞۩ هبوب شرح خصائص المنتدى ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب نبي الرحمة والصحابة الكرام ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب التراث والشخصيات التاريخية ۩۞۩ |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant