۩۞۩ هبوب الطب والصحة العامة ۩۞۩ الأهتمام بالصحة العامة والغذآء والعناية بالجسم والمظهر العام |
16-09-2009 | #11 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
وفاء صبي
* وفاء صبي *
الكاتبة : إيمان علي كان ولد صغير اسمه إبراهيم يلعب مع مجموعة أولاد بعمره . عندما رأى كرة ملونة وسط الحشائش ، فأسرع ليلتقطها ، لكنها انطلقت مبتعدة وكأن أحد جذبها بقوة بخيط لا يرى ، وتوقف متعجباً ، ثم لما رأى الكرة تتوقف ثانية جرى إليها ، وجرت الكرة أمامه ، صارت الكرة تجري بسرعة والولد إبراهيم يجري بسرعة أكبر ليلحق بها ويمسكها . وفجأة .. سقط الولد إبراهيم في بئر عميقة ولم يستطع الخروج منها . أخذ إبراهيم يصيح لعل أحداً يسمعه ويخرجه غير أن الوقت مر وحل الليل وإبراهيم وحده في البئر حاول الصعود على جدرانها لكنها كانت ملساء وعالية ومبتلة ، وحاول أن يحفر بأظافره في جدرانها ولم يقدر على شيء .. فترك نفسه يتكوم داخل البئر ويبكي .. في هذه الأثناء كان رجل يمر وهو راكب على حصانه ، حينما سمع صوت البكاء فاقترب قليلاً قليلاً ، واستمع ، ونظر ، لكنه لم ير أحداً . دهش الرجل وحار كثيراً فيما يفعل ، البكاء يأتي من باطن الأرض ، فهل هو جني يبكي ؟ نعم لعله جني حقاً ، وهتف الرجل هل يوجد أحد هنا ؟ وبسرعة صرخ إبراهيم من داخل البئر .. أنا .. نعم .. أنا .. هنا ، وسأله الرجل هل أنت إنسان أم جني؟ أسرع إبراهيم يجيب صائحاً : أنا إنسان .. ولد .. ولد .. أرجوك أنقذني .. هنا .. هنا .. أنا في بئر هنا .. وانطلق يبكي .. فنزل الرجل عن حصانه ، ودنا ببطئ وهدوء ، وهو يتلمس الأرض بيديه ويبحث بين الحشائش ، وكان يتحدث مع الولد لكي يتبع صوته حتى عثرت أصابعه بحافة البئر وبسرعة رفع قامته ليأتي بحبل من ظهر الحصان ، فهتف الولد : أرجوك يا عمي لا تتركني .. أنقذني أرجوك. وأجابه الرجل ، لا تخف سأجلب حبلاً به أسحبك إلى فوق .. وهكذا جلب الحبل ورماه إلى الولد الذي تمسك به بقوة ، فسحبه الرجل وصعد به إلى الأرض ، وبعد أن استراح الولد قليلاً أركبه الرجل لكي يوصله إلى أهله ، الذين شكروه كثيراً على حسن صنيعه . ومضت الأيام والأسابيع والشهور والسنين ، ونسى إبراهيم ذلك اليوم المخيف في حياته ، وقد كبر إبراهيم كثيراً حتى صار شاباً قوياً وسيماً ، وأخذ يعمل بالتجارة ، فيقطع المسافات الطويلة . وفي إحدى سفراته الطويلة ، كان مع أفراد قافلته قد ناموا في استراحة بعد يوم سفر طويل ، لكن حين استيقظ وجد نفسه وحيداً ، وقد تحركت قافلته ، ولم ير أي أثر لها ، فتعجب ، وتساءل : أيمكن أن يكونوا قد تعمدوا تركه؟؟ وهكذا مضى سائراً على قدميه سيراً حثيثاً ، محاولاً السير في طريق قافلته ، غير أنه وجد نفسه تائهاً في صحراء لا نهاية لرمالها ... أخذ يسير ويسير ، وقد بقى لديه قليل من ماء وطعام عندما رأي غير بعيد عنه شيئاً مكوماً ، فرفع سيفه وتقدم إليه ، وهو يتساءل بينه وبين نفسه ( هل سمعت صوتاً ينادي؟) وتقدم أكثر إليه ، وعندئذ سمع صوتاً يصيح ( النجدة .. أنقذوا عجوزاً يموت .. ) وتعجب إبراهيم ، فمن جاء بهذا العجوز إلى هذا المكان ؟ . حين وصل إليه ، وجده وهو يكاد يموت ، فأسرع ينزل قربته من كتفه ويقربها من فم العجوز المرتجف ويقول له: خذ يا عم .. اشرب .. فليس في قربتي غير هذا القليل من الماء فرد العجوز بصوته المرتجف بعد أن شرب واستراح: بارك الله فيك يا .. ولدي.. وأخرج له بقايا خبز لديه ، وقال له: كل يا عم .. كل هذا الخبز القليل لتقوي به.. فتناوله العجوز ودفعه إلى فمه وقال : جزاك الله خيراً .. أيها الشاب الطيب .. وسأل إبراهيم : ولكن كيف وصلت إلى هذا المكان المقفر في هذه الصحراء القاحلة وأنت في هذه الحال ؟ رد العجوز : حظي الذي أوصلني إلى هذا المكان ، وحظي الذي جعلني في هذه الحال . حين سمع الشاب إبراهيم الرجل ، أخذ يفكر أنه يتذكر هذا الصوت .. إنه يعرفه .. وردد : أنا أعرفه.. لابد أني أعرفه .. وكان العجوز ما زال يتكلم: لقد تلفت ساقاي في حريق شبّ في بيوت القرية ، وبيت أهلي منها منذ زمن .. وصرت أتنقل على ظهر فرسي البيضاء .. وكنت الآن في طريق إلى أهلي وبيتي ، لكن قطاع الطرق أخذوا فرسي ورموني للموت هنا.. وسأل متعجباً : ولم يرقوا لحالك ويعطفوا عليك ؟ فأجابه العجوز : لا تعمر الرحمة قلوب الجميع يا ولدي.. فجأة سطعت الذكرى في رأسه ، وتذكر الرجل الذي أنقذه من البئر ، يوم كان صبياً صغيراً ، هكذا انزاح الضباب وظهر وجه الرجل .. وهتف في نفسه : ( هو .. هو .. إنه هو .. ) وسأله العجوز : ما لك يا ولدي ؟ فأجابه الشاب إبراهيم بسرعة : إنه أنت .. نعم أنت هو .. حمداً لله وشكراً .. هذه غاية عطاء الله لي.. وسأله العجوز : ماذا حدث لك يا ولدي ؟ وسأله إبراهيم : هل تذكر يا عم . أنك قبل سنين كثيرة أنقذت ولداً صغيراً ساقطاً في بئر؟ في البداية لم يتذكر الرجل ، لكنه سرعان ما تذكر هو الآخر تحت وصف وإلحاح الشاب إبراهيم .. وقال له إبراهيم: الحمد لله إنك تذكرت .. أنا هو يا عم .. أنا إبراهيم الذي أنقذته.. الشاب إبراهيم حمل الرجل العجوز على كتفيه وهو عطش وجائع وانطلق يسير به ويسير وهو يقول: سأسير بك ما دمت قادراً على السير حتى أوصلك إلى بيتك أو أموت وحين وصلوا إلى قرية العجوز ، تجمع الناس حولهما مكبرين العمل الذي قام به إبراهيم ورأوا فيه كل معاني الإنسانية والوفاء ...
|
|
|