تقارب الثقافات

تشترك شعوب العالم في الكثير من الثقافات، ولا تفترق سوى بمحددات شكلية تخص العادات والقيم المجتمعية التي تنظم حيواتها، وإذا نظرنا إلى روح العصر فإن العالم اليوم يقترب من توحيد ثقافته بمختلف الأصعدة وصولاً إلى نمط حياة مشتركة. الثقافة لا تشمل فقط الفنون والعلوم الإنسانية، وإنما هي محتوى هائل لمختلف أنماط الحياة، للقيم والعادات والمعتقدات والمنجزات العلمية، ولكي يتم التقارب بين ثقافات الشعوب المختلفة لابدّ من احترام تلك الخصوصية التي تقوم عليها كل ثقافة، والبحث في النقاط الجامعة التي تؤسس لمنتج حضاري إنساني، يتسم بالإيجابية ويعود بالنفع والإفادة للجميع، يوّحد دون هيمنة ومحاولة صهر شعوب بأخرى. في حديثنا هنا لا نقصد ما اصطلح على تسميته بـ “العولمة”، التي بما لها من مؤيدين ومعارضين، وإن أسهمت في مكان ما بانفتاح الشعوب والعوالم على بعضها البعض، إلا أنها في حيز آخر كانت لها نتائجها السلبية، والتي من أخطرها ازدياد منسوب التطرف والعنف والتقوقع، أما التقارب بين الثقافات يقوم على ترسيخ ثقافة وقيم الحوار، واحترام الاختلافات، بما تتطلب من عمل متواصل ومستمر، لأن الحضارة الإنسانية اليوم لم تعد تقف سنوات طويلة ساكنة، بل هي في تطور مستمر تؤسس لحضارة عالمية متعددة الثقافات. الثقافات هي صنعة تحّكم تقوم بها الشركات الكبرى، وتجري عليها تعديلات طفيفة بحسب الطبيعة العميقة لكل شعب، وبالعودة إلى الجذور نرى أن القرون القديمة التي سادت فيها الصراعات، ونشط فيها الاستعمار، كانت هي الأخرى تسعى إلى ثقافة متقاربة تتيح لكل الشعوب الاستفادة من نمط الحياة وتفعيل التجارة، باعتبار أن التواصل والتفاعل والتقارب بين الثقافات وصولاً إلى حوار بنّاء، هو ظاهرة متأصلة في التاريخ الإنساني، وليست وليدة زمن ما أو مرحلة ما. من النادر وجود ثقافة خالصة إلا تلك المعزولة في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، لذا على البلدان الذكية أن تطور إنتاجها حتى تخلق ثقافة سائدة ومربحة، وإلا تبقى سلبية وتتلقى ما يفرضه الغير لتحقيق مصلحته، في زمن هيمنة ثقافات الدول التي تمتلك القوة. .

الموضوع الأصلي: تقارب الثقافات || الكاتب: نجوى الروح || المصدر: منتديات هبوب الجنوب

www.h-aljnoop.com

كلمات البحث

برامج | سيارات | هاكات | استايلات | أكواد | الوان مجموعات | برمجه | منتديات عامه | العاب

غرام الشوق ,جوريه ,الوافـي معجبون بهذا