(أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير - منتديات هبوب الجنوب

العودة   منتديات هبوب الجنوب > الاقسام الأدبية والثقافية > ۩۞۩ هبوب القصص والروايات الأدبية ۩۞۩

الملاحظات

۩۞۩ هبوب القصص والروايات الأدبية ۩۞۩ مجموعة من القصص والروايات الحقيقية والخيالية والأدبية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 22-03-2014
سلطان الشوق غير متواجد حالياً
    Male
 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 
افتراضي (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



•:*¨ أحــــــــــلام `*:•.



بقلم / رشا محمود الصغير





(1)
يوم ميلادى



أشرقت الشمس معلنة قدوم يوم جديد .. يوم آخر يجىء برغم كل شىء .. قمت من فراشى بتثاقل وعشرات المطارق تهوى على رأسى من أثر سهاد أمس .. كنت أريد أن أتشبث به لآخر لحظة قبل أن تشرق شمس اليوم معلنة انسحاب سنواتى الربيعية ولتدفع بى على حافة الهاوية حيث تنتصب تحتها سنواتى الثلاثون كسكاكين حادة توشك على تمزيقى .. أطلقت تنهيدة خافتة وأنا أخطو خارج الحجرة بحذر وأدعو الله ألا يتذكر أحد أن هذا اليوم هو ..........


- كل سنة وأنتِ طيبة يا أبلة أحلام


قالتها أختى الصغيرة (مى) بمرح وبصوت سمعه الجيران


منحتها ابتسامة صفراء وأنا أقول من بين أسنانى
- وأنتِ طيبة يا حبيبتى


هممت بالهرب منها قبل أن تسألنى
- بقى عندك كام سنة انهاردة يا أبلة؟


نظرت لها بغيظ قبل أن أقول
- ايه رأيك تحسبيها انتِ .. انتِ عندك كام سنة؟


رفعت كفيها معا وهى تفرق أصابعها العشر


هززت رأسى وأنا أقول
- طيب .. اضربى عمرك x 3 والناتج اضربيه x 2 وبعدين الناتج اجمعيه على نفسه واللى يطلع اقسميه على 4 هتعرفى وقتها عمرى كام سنة


انطلقت تعدو إلى غرفتها لتقوم بالعملية الحسابية التى أظنها ستنهيها فى العام القادم بلا شك


جلست على المقعد وأنا أفكر ما دام الخبر قد تسرب لمى إذن البيت كله قد تذكر يوم ميلادى الذى تمنيت لو محوته من ذاكرتهم هذا العام بالذات


ما أصعب أن تبلغى عامكِ الثلاثون وأنتِ ما زلتِ فى بيت أسرتكِ وتحملين بلا فخر لقب آنسة .. ما أقسى نظرات من حولكِ التى تتباين بين دهشة وتساؤل وإشفاق وشماتة أحيانا وكأنه ذنبى أنا كونى لم أنل شرف الارتباط بأحدهم حتى اليوم وكأن هذا هو المبرر الوحيد لحياتى ومن دونه فربما الموت أفضل لى .. يا لقسوتك أيها الواقع الظالم


أفقت على صوت أمى وهى تقول
- صباح الخير يا أحلام


أجبتها بشرود
- صباح الخير يا ماما


جلست أمامى وهى تنظر نحوى بحزن لم تنجح محاولاتها فى إخفاءه قبل أن تتصنع المرح وهى تقول
- كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبتى


أجبتها دون أن أرفع عينى لها
- وأنتِ طيبة يا ماما


صمتت قليلا قبل أن تستجمع شجاعتها لتقول
- هاعملك التورتة بنفسى وأحطلك فيها الشمع و .....


- 120 شمعة يا ماما


التفتنا معا نحو المشاغبة الصغيرة وهى تهتف بذكاء وتلوح بكراستها فى انتصار


شهقت أمى وهى تقول
- 120 شمعة ليه هو عيد ميلاد أم زينهم!!


جذبتها من يدها وانتزعت الكراسة لأرى معادلتها العبقرية قبل أن أقول
- نسيتِ تقسميها على 4


نظرت لها بتهديد قبل أن أقول
- روحى واقسميها قبل ما أقسمك أنا نصين


انطلقت تعدو من أمامى و قامت أمى من مكانها وكلمتها ترن فى أذنى ( أم زينهم) تلك العجوز التى أظنها أكبر معمرة فى الكون والتى تسكن حينا وتعد أهم ظواهره .. لا أحد يجهل أم زينهم .. ولا أحد يتأخر عن أى طلب تطلبه .. وكل يوم تشرق الشمس تصيبنا بالدهشة من كونها مازالت على قيد الحياة وابتسامتها العجوز لا تفارقها رغم وحدتها .. فلا نرى لها أبناء أو أحفاد ولا أحد يزورها .. ولا أحد يعرف من هو زينهم هذا الملتصق باسمها ولا أين هو .. تنهدت فى صمت وأنا أتخيل وحدتى بعد سنوات وسنوات من الآن لأتحول بدورى إلى أم زينهم جديدة .. ارتجفت من الفكرة وهززت رأسى بعنف لأنفضها عنى قبل أن يخترق صوت مى طبلة أذنى وهى تهتف


- 60 شمعة يا أبلة صح


نظرت لها وشياطين الغضب تتقافز من عينى قبل أن أمسك بخفى

وأعدو خلفها لألقنها درسا يعلمها ألا تخطىء فى الحساب مرة أ

خرى ولا سيما حساب سنوات عمرى الـ ... ثلاثون!


يتبع...


كلمات البحث

برامج | سيارات | هاكات | استايلات | أكواد | الوان مجموعات | برمجه | منتديات عامه | العاب






رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #2


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(2)
لا جديد فى الأفق

ذهبت فى طريقى للعمل فى تلك المكتبة الصغيرة التى تجاور بيتنا والتى يملكها كهل طيب هو عم حامد الذى ما زال يؤمن بقيمة الكتاب ويحلم بأن يقدره الناس حق قدره .. وبرغم صعوبة هذا الحلم فى وقتنا هذا إلا أنه ما زال يتشبث به وبكتبه الكثيرة التى تكتظ بها المكتبة والتى قليلا ما تجد رواجا عند الناس .. وقد رفض تماما أن يغير نشاط مكتبته أو حتى أن يضيف لها بعض ما يجعلها ذات نفع مادى له على الأقل .. يا له من موقف نادر وتمسك بالمبدأ قلما نراه عند أحد

قمت بفتح المكتبة وجلست فى مكانى المفضل لأكمل قراءة الرواية التى بدأتها بالأمس .. أنا أيضا أعشق الكتب والروايات .. أعشق أوراقها الصفراء والرائحة المميزة التى تنبعث منها والتى تنقلنى لعوالم أخرى تمنح شخوصها الحق فى الحياة والسعادة

- إزيك يا أحلام

رفعت عينى نحو الصوت الذى أعرفه ونظرت للقوس قزح البشرى الماثل أمامى .. كتلة من الألوان مُزجت معا لتخرج منها الآنسة سمية بشعرها المصبوغ بذهبى صارخ ووجهها الملون بألوان الطيف وملابسها التى لا تخرج عن الأحمر أوالبرتقالى أوالأصفر بكل درجاتهم .. وقفت أمامى وهى تلوك اللادن كعادتها ويبتسم فمها المطلى بلون شديد الحمرة كأنما فرغت لتوها من التهام دلو من المربى .. دفع مظهرها ابتسامة صغيرة لتشق جانب شفتى وأنا أقول

- أهلا يا سوما

سوما كما تحب أن يناديها كل من حولها تعمل فى محل الملابس الجاهزة القريب من المكتبة وهى فتاة شديدة الفضول ولا تكف عن زيارتى كل يوم صباحا لتروى لى آخر الأخبار كوكالة أنباء عالمية دون أن أطلب منها ذلك .. هززت رأسى بصمت دون أن أتابع كلامها وعيناى على صفحات الرواية حتى أنهت نشرة أخبارها وانصرفت بسلام .. تنهدت فى صبر وأكملت القراءة وقد عاد الهدوء إلى المكان أخيرا

انتهى يوم العمل الهادئ الذى لم يأت فيه سوى شخص أو اثنين إلى المكتبة ممن لا زالوا يقدرون قيمة الكتاب .. لكم أشفق عليك يا عم حامد .. عدت إلى البيت وما أن خطوت إلى الداخل حتى انشقت الأرض فجأة عن المشاغبة الصغيرة وهى تتقافز كالقرد وتهتف فى سعادة

- عريس .. عريس .. عريس يا أبلة أحلام

ويقفز معها قلبى ليستقر فى كعب حذائى




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #3


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير





(3)
نبأ كاذب

خطوت للداخل بساقين مرتعشتين .. كانت أمى تجلس مع إحدى جاراتنا .. ألقيت عليهما التحية بابتسامة مفتعلة وجلست على أقرب مقعد قابلنى فلم يعد بإمكانى الوقوف لحظة أخرى .. ساد الصمت للحظات والجارة تتفحصنى بصمت مريب .. لا أظنها قد جاءت لخطبتى لأحدهم .. فلديها ابنة تصغرنى بعدة أعوام ولا يمكن أن يتسرب عريس من بين أيديها لتهبه لى أنا بدلا منها .. قطع الصمت صوت أمى وهى تقول

- باركى لأم سمر يا أحلام .. سمر خطوبتها بكرة

تسمرت فى مكانى للحظات قبل أن أنتزع الكلمات انتزاعا لألقيها فى أذنها
- مبروك يا طنط .. ربنا يتمم بخير

نظرت لى تلك النظرة المعهودة قبل أن تقول
- عقبالك يا أحلام

انتظرت فى صبر حتى قامت من مكانها وهى تخطو بخيلاء حتى خرجت من الباب .. تنفست بعدها الصعداء ووجهت نظرة لأمى التى يكسو ملامحها حزن عميق .. ليت الأمر بيدى يا أمى .. ليتنى أتمكن من منحكِ لحظة السعادة تلك .. لكنت فعلت فورا .. لا أطيق نظرة الانكسار فى عينيكِ هاتين .. أعرف ما يدور برأسكِ الأن .. وأدعو الله كل يوم ألا أكون سببا فى شقائكِ وأن يمن علىّ بالعريس المنتظر لأجلكِ فقط

قاطع أفكارى صوت مى وهى تهتف بذكاء
- شفتى العريس يا أبلة أحلام هييجى بكرة صح

نظرت نحوها بصمت قبل أن أقول من بين أسنانى
- ممكن تجيبيلى (الشوز) بتاعى من عند الباب يا مى

انطلقت مى وأحضرته بسرعة

أمسكت به واستعدت قلبى الذى سقط بداخله وأعدته مكانه ثم عدوت به خلف تلك المزعجة التى أصابها الحول فى أذنيها حتى لا تقوم بنقل أخبار خاطئة قد تتسبب فى نوبة قلبية لأحدهم دون شك


دخلت حجرتى وأغلقتها خلفى وتوجهت نحو المرآة .. نزعت حجابى ونظرت لصورتى داخلها وأنا أخلل خصلات شعرى بأصابعى .. تأملت ملامحى جيدا .. لا يمكن لأحد أن يتهمنى بالقبح أبدا .. فلدى بشرة خمرية صافية وملامح مريحة وعينان بنيتان واسعتان وشعر أسود طويل .. لا يعيب شكلى شىء والحمد لله .. كما أننى أحمل شهادة جامعية وأنتسب لأسرة طيبة والجميع يشهد لى بحسن الخلق .. لكن أى من هذه المؤهلات لم تدفع أحد ما للتقدم لى ليمنحنى لحظة الفرح تلك .. وليطوق أصبعى بقيد ذهبى جميل يحمينى من نظرات الآخرين التى تقتلنى

النصيب .. كلمة قالتها أمى .. لا يسعنى سوى الصبر والانتظار حتى يأتى هذا النصيب وينتشلنى من تلك الهموم التى تحاصرنى وتلك العيون التى لا هم لها سوى مراقبتى وتلك الأفواه التى لا حديث لها سوى السؤال عما إذا جاء النصيب أم لا

متى ستأتى أيها النصيب؟
متى؟




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #4


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(4)
صفاء

- أحلام .. تعالى كلمى صفاء على التليفون

قالتها أمى وهى تقف على باب حجرتى .. أسرعت نحو الهاتف لأحادث صديقتى العزيزة وما لبثت نبرات صوتها المختلطة بدموعها أن فجرت فى نفسى شلالات من القلق عليها ولم أفهم من حديثها الكثير لذا قررت الذهاب إليها لأطمئن عليها بنفسى

صفاء فتاة رقيقة وديعة لا تكاد تسمع لها صوتا .. نحيفة القوام ذات ملامح مريحة وبشرة بيضاء وشعر بنى ناعم وعينين من نفس اللون .. دمثة الخلق شديدة التهذيب .. مطيعة جدا .. باختصار ملاك رقيق يسير على الأرض
ترى ما الذى يحزنكِ إلى تلك الدرجة يا صفاء؟

وصلت إليها وما أن دخلت حجرتها حتى ارتمت بين ذراعى وهى تبكى بكاء يمزق القلب .. ربت عليها والقلق ينهشنى وانتظرتها حتى هدأت قليلا وبدأت تخبرنى بما حدث

عرفت منها أن صديق أخيها قد تقدم لخطبتها وأن أسرتها ترحب به بشدة لكونه جاهز ماديا ولديه كل الإمكانيات لبناء بيت وتكوين أسرة وهو يكبرها بعشر سنوات

ما المحزن فى الأمر إذن يا صفاء؟ .. إنه حلمنا جميعا منذ تفتحت براعم الأحلام داخلنا

قالت لى من بين دموعها

- مش قادرة يا أحلام .. أنا .. أنا مش مرتاحة .. بصراحة بخاف منه .. لو شفتيه قلبك هيتقبض من الخوف .. على طول مكشر وملامحه مرعبة ولا مرة ابتسم فى وشى ولا قالى كلمة واحدة تطمنى من ناحيته

صمتت قليلا قبل أن تضيف
- أنا حاسة انى هاموت لو اتجوزته

انفجرت بعدها فى نوبة بكاء جديدة لم أتمكن من إيقافها .. أعرف صعوبة موقفكِ يا صفاء .. كما أعرف تعنت أبيها وأخيها وعدم اقتناعهم أن للفتاة الحق فى رفض من يتقدم لها إن لم تشعر بالقبول نحوه .. فهم ممن يهدرون هذا الحق الإلهى دون ذرة خوف من مانحه

يا لها من قسوة .. حين يتحول الحلم لكابوس .. نظرت بحزن لتلك الزهرة الرقيقة التى لا تملك من أمرها شىء والتى ستساق فى ليلة ما إلى مصيرها المجهول مع إنسان لا تقبل به زوجا .. أى شرع يقبل بتلك الزيجة ؟ .. أى مأذون قادر على منحها تلك الوثيقة رغما عنها ؟ .. لا أملك من الأمر شيئا .. لا أملك أن أرفع هذا الظلم عنكِ يا صفاء .. لا أملك سوى البكاء معكِ قهرا .. وأن أدعو الله لكِ يا صديقتى

خرجت من غرفتها بقلب مثقل يحمل هموم الكون وساقين لا تقويان على حملى .. توجهت نحو الباب قبل أن يدوى صوت أمها فى أذنى

- عقلى صاحبتك يا أحلام .. هى ما بقتش صغيرة .. دى عدت التلاتين

توقفت غصة فى حلقى من أثر كلماتها .. حتى أنتِ أيتها الأم لا ترحمى ابنتكِ فقط لوصولها لسن الإعدام رميا بالنظرات والكلمات والطعنات من كل من حولها .. أولى بكِ أن ترفقى بتلك الضعيفة وتسانديها وتمنحيها بعض من حنان قد عدمه أقرب الناس إليها

آه أيتها الـثلاثون .. لو أملك لمحوتكِ من عالم الأرقام إلى الأبد .. لنحيا فى سلام بعيدا عن مطاردتكِ لنا كشبح يثير الرعب فى قلوبنا الصغيرة .. ويبعث الرجفة فى أجسادنا الفتية ويكسو أرواحنا الغضة بالكآبة وينزع الألوان عن أحلامنا الوردية

عدت إلى البيت ودخلت غرفتى وشعور بالعجز يكبلنى .. لم لم أفعل شىء لصفاء؟ .. لم لم أحاول مساعدتها بأى شكل؟ .. ولكن ما الذى يمكننى فعله من أجلها .. فأنا أماثلها فى الضعف وقلة الحيلة وأشاركها ذات الإعاقة

نعم أشعر بإعاقة لا تشفى فى روحى .. أقنعنى بها كل من حولى .. أشعر وكأننى عاجزة .. ينقصنى أهم شىء قادر على أن يكملنى ويمنحنى صك صلاحيتى للحياة

توجهت نحو النافذة وتعلقت عيناى بالسماء وشكوت لله ظلم خلقه لخلقه ودعوته أن يساند صفاء فى محنتها

وفعلت الشىء الوحيد الذى باستطاعتى والذى تفعله صفاء دون شك الآن
اندفعت فى نوبة بكاء مريرة أغرقت وسادتى فى بحر الأحزان




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #5


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(5)
صباح صاخب



(يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا)

شادية تصدح منذ الصباح الباكر عند الجيران بأغنيتها الشهيرة .. قمت بفزع من الصوت الجهورى لمكبر الصوت التى يصل صخبه إلى الأحياء المجاورة .. حككت رأسى بضياع وقد تشتت ذاكرتى .. خطوبة من؟ .. آه صفاء .. ولكن ماذا تفعل شادية عند الجيران؟ .. هل انتقلت صفاء للسكن بحينا؟ .. وهل هى سعيدة لدرجة أن توقظ الحى كله فى تلك الساعة؟ .. ربما تخلت أسرتها عن فكرة ارتباطها بالعريس المرعب وهذا هو سر سعادتها .. لكن ما دخل شادية ودبلة خطوبتها بالأمر؟

الحق أن خلايا عقلى كلها كانت تتجه نحو صفاء من شدة قلقى عليها

( نتهنى بالخطوبة ونقول من قلبنا .. يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا)

هناك من يصر إذن

اختلست نظرة من خلف النافذة ووجدت الزينات المعلقة على شرفة الجيران والتى تستعد لتتوهج فى المساء

وتذكرت دفعة واحدة .. اليوم خطوبة جارتنا سمر .. لقد نسيت ذلك تماما .. شردت بذهنى مع مظاهر الفرح المتوالية وأصوات الزغاريد التى لا تنقطع من بيت لآخر .. فالجميع هنا يتشاركون فى الفرح والحزن على حد سواء

تلك اللحظات الملونة بألوان الفرح عند البعض والمتسربلة بالسواد والحزن عند البعض الآخر .. يا لعجائب الحياة

خرجت من حجرتى غير متوقعة أن يكون أحد قد استيقظ سواى .. لكنى فوجئت بمن فى البيت جميعا مستيقظون .. وباب شقتنا مفتوح على مصراعيه .. ووفود تدخل وأخرى تخرج .. أطفال من كل الأعمار والأشكال .. كل منهم يحمل طبقا أو كأس عصير فارغ أو كوب شربات ويتحركون فى طابور كالنمل .. وقفت أراقبهم ببلاهة حتى ميزت مى من بينهم .. جذبتها وما تحمله بيدى وأجلستها على مقعد أمامى وأنا أسألها عما يحدث بالضبط .. أجابتنى بذكاءها الخارق

- انهاردة خطوبة أبلة سمر

أعلم أن اليوم خطوبة سمر .. ولكن ما الذى يدفعنا للانتقال اليوم؟ .. وإلى أين تذهب أغراض البيت تلك؟ .. وماذا يفعل طابور النمل البشرى هذا فى بيتنا؟

قفزت من مكانها لتنضم للطابور من جديد وهى تهتف
- ماما اللى قالت لنا نبعت الحاجة دى لطنط أم سمر

ذهبت إلى أمى التى كانت تعد الشراب الأحمر فى المطبخ .. نظرت نحوى بابتسامة وهى تقول

- صباح الخير يا أحلام .. أكيد الدوشة صحتكِ من النوم بدرى .. معلش الناس عايزة تفرح .. عقبالكِ يا حبيبتى

هززت رأسى بصمت وأنا أنسحب من المطبخ وبعد محاولات كثيرة وتعثرات أكثر تمكنت من اختراق طابور النمل هذا ووصلت إلى الحمام .. قمت بتفتشه جيدا بحثا عن أى نمل مختبئ قبل أن أغلقه خلفى .. توجهت نحو الحوض وغسلت وجهى مرارا حتى أفقت تماما

وما زالت شادية تصدح
( القلب وانشبك وراح مع الشبك .. ولقينا فى الشبك نصيبنا وحبنا)

ابتسمت لكلماتها وأنا أقول لنفسى

لو أعرف لتعلمت الصيد منذ زمن .. لكن أين هو هذا البحر الذى يحوى فى أعماقه النصيب المنتظر؟

هل يعرفه أحدكم ؟!!




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #6


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



6)
الحفل



كرنفال من الألوان والأضواء المبهرة تسطع فى حينا الذى تألق احتفالا بخطوبة إحدى بناته .. الصخب يعلو والأصوات تتداخل والأطفال يتصايحون دون توقف .. لحظات من سعادة بمفهومهم لا تكتمل دون هذا الضجيج القادر على تفتيت خلايا عقلى كلها

تناولت قرص مسكن عله يخفف تلك الآلام التى تتملكنى .. جلست وقد وضعت رأسى بين يدى وأسبلت عينى فى محاولة يائسة لجلب بعض الراحة لنفسى .. ظللت على حالتى تلك للحظات قبل أن أفتح عينى فارتطمت بأمى التى تقف أمامى ناظرة إلىّ تلك النظرة التى تمزقنى .. لابد أنها فهمت وضعى هذا بشكل خاطىء .. ابتسمت بوهن وأنا أقول

- ماتخافيش يا ماما شوية صداع .. هابقى كويسة كمان شوية

نظرت لى بحزن قبل أن تقول
- لو مش عايزة تروحى .. بلاش خليكِ مرتاحة

بالطبع يا أمى .. أتمنى ألا أذهب هناك .. ألا أقابل من يرشقونى بنظراتهم الجارحة .. من يقتلونى بكلماتهم السامة .. من يمنحوننى حكما بالإدانة لاتهامى بالعنوسة مع سبق الإصرار .. رغم كونى لم أصر عليها يوما ولم أتمسك بها لحظة واحدة .. أى قاض فى تلك الحياة قادر على تحريرى من خلف قضبان ظلمهم ومنحى حريتى كاملة

هززت رأسى ببطء وأنا أقول
- لا يا ماما أنا جاية معاكِ نعمل الواجب .. لحظات بس عشان أجهز

على عكس ما تفعل الفتيات عادة فى تلك المناسبات .. قمت بارتداء ملابس بسيطة وأنيقة فى ذات الوقت .. وزينت وجهى بلمسات هادئة تكاد لا ترى .. نظرت لنفسى وابتسمت لصورتى وأنا أدعوها لتتماسك وأن لا تظهر الضيق لما قد يقابلها فقد اعتدته على كل حال .. لحظات وكنا ثلاثتنا أنا وأمى ومى نخطو إلى بيت العروس حيث الحفل البهيج

يا الله .. أفواج من البشر .. كيف اتسع لهم ذلك البيت الصغير .. اندفعت أمى تشق أمواج البشر القابعة خلف الملابس الزاهية وأنا خلفها ممسكة بيد (مى) حتى لا يدهسها هذا الطوفان .. وأخيرا وصلنا لأم العروس التى كانت تقف فى فخر وشموخ وهى تستقبل التهانى من الأقارب والجيران .. سلمنا عيها وألقينا الكلمات المعهودة التى لا أظنها قد سمعتها لفرط الصخب المحيط بنا .. جلسنا بأعجوبة على مقعدين متجاورين بالقرب من مكان العروس التى لم تحضر بعد

وجوه كثيرة .. أعرف البعض منها وأجهل أكثرها .. تتباين الملامح وتختلف القسمات وتتلاقى جميعا فى اختفاء حقيقتها خلف عدة كيلوجرامات من الطلاء الملون الذى تعشقه النساء .. ويفرطن فى نقشه بسخاء على وجوههن فى تلك المناسبات الهامة وكأنه جواز مرورهن إليها ومن دونه فربما لن يتمكن من الشعور بالفرح

آه أيها الفرح .. كم من الجرائم تُرتكب باسمك
صخب وضجيج وتبرج وتبذير كلها تدعى أنها تنتمى إليك وأنت منها برىء

تشاغلت بتأمل الوجوه الملونة بطريقة غير مباشرة حتى لا أصطدم بنظرة لا أريد رؤيتها أشد حلكة من كحل صاحبتها .. أو من شفاة تصطبغ بالأحمر وتلقى بابتسامتها الصفراء نحوى .. لا أدرى لماذا تحولت إلى محور الكون فى هذا الحى؟ .. لست الآنسة الوحيدة هنا أم لكونى أكبر فتياته عمرا وما زلت أحمل اللقب اللدود

هل كبرت عليك حقا؟ .. هل ضاقت حروفك بى وتتمنى لفظى من داخلها؟ .. ألم تعد تناسبنى أبدا .. فماذا أفعل لك إذن .. ماذا أفعل لكم جميعا لأنال بعض من رحمة قد هجرت قلوبكم

- عقبالك يا أحلام

اخترقت الكلمة أذنى للمرة العشرون أو الثلاثون أو ربما المائة .. وكل مرة تصل لمسامعى رغم الضجيج من حولى .. وكأنه يخفت خصيصا ليصلنى كل حرف منها .. هززت رأسى بابتسامة زائفة وأنا ابتلع فى صمت ما ترمى إليه

وصلت العروس أخيرا .. صوت أبواق موكب السيارات يمتزج بصياح الأطفال معلنا ذلك .. وبعد فترة دخلا العروسان ومرا بين الحضور حتى جلسا فى مكانهما والعيون كلها تتابعهما فى شغف وتتباين المشاعر بين فرح وانبهار وحسد

كانت سمر تبدو أجمل من المعتاد .. اختفت بشرتها الخمرية خلف الطلاء الساحر فأصبحت ناصعة البياض .. وتبدو عينيها أكثر اتساعا من حقيقتها .. وتتألق شفتيها المصطبغة بطلاء رقيق يماثل فستانها الوردى الأنيق فى لونه الهادىء

ما أجمل أن تكونى عروس تلتف حولك العيون ولا تبالى وقتها لكل نظرة وما تحمله من معان .. فقد عبرتِ ذلك الحاجز الذى يسجنكِ خلفه وجاء الفارس ليعبر بكِ جسر الأحلام إلى حيث واقع أكثر جمالا .. تجنبت النظر إلى فارسها حياء .. ليس من اللائق التفحص فى ما يخص الآخرين .. أليس كذلك؟

- شفتى يا أحلام .. عريس زى القمر .. والله أحلى من سمر بكتير .. يا بختها


التفت نحو سوما التى نطقت بعبارتها فى حسد واضح وهى تحدج سمر بنظرة نارية تنافس أصباغها جميعا توهجا وقوة .. هززت رأسى بصمت وأشحت بوجهى عنها بينما توجهت هى بخطوات الطاووس نحو سمر وقد أتقنت وضع قناعها الزائف وهى تسلم عليها وتمنحها قبلة باردة

يبدو أن أحدا لن يرتاح فى هذه الحياة .. نحن مهووسون بالآخرين .. نراقبهم .. ننقدهم .. نتفنن فى اكتشاف نواقصهم وكأننا ضمنا الكمال لذواتنا التى يراقبها آخرون دون أن ندرى وتدور الدائرة الأبدية .. يا لطبائع البشر العجيبة

أخذتنى أفكارى بعيدا عن كل شىء وارتفعت بى عن الصخب والضجيج والأقنعة الزائفة والمشاعر المفتعلة والكلمات المجردة من الإحساس حتى أننى لم أشعر بأمى وهى تجذبنى من يدى لنبارك للعروس .. وجدتنى أمامها فجأة .. نفضت عنى شرودى وأنا أمد يدى نحوها وأتمتم بعبارات المباركة المعهودة وأنا أتساءل داخل نفسى .. هل كنت صادقة حقا .. أم ترانى انضممت لركب البشر ووضعت القناع على وجهى دون أن أشعر؟!




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #7


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(7)
لقب جديد

أخيرا عاد الهدوء للحى .. وعاد الصمت الحبيب يلف ما حولى وينزع عنى تلك الآلام التى كانت تفترس رأسى من صخب حفل أمس .. وعاد كل شىء لحاله .. ما عدا أغراضنا هى الوحيدة التى لم تعد بعد من بيت أم العروس .. يبدو أنها فضلت البقاء لتنعم بجو الفرح السائد هناك عوضا عن البقاء معنا لترقد بصمت وتنتظر حدوث معجزة ما لتخرجها للنور .. فأمى لا تمس تلك الأغراض المخصصة لكبار الزوار وبالأخص العريس المنتظر الذى لا نصيب له فى استخدامها حتى الآن .. لا أدرى أى كرم حاتمى تملك أمى لتدفع بأغراضها الثمينة تلك إلى مصير مجهول داخل السيرك الذى أقيم أمس فى بيت الجيران .. ربما أرادت لها أن تنال بعض بركات العروس لتنقل لنا عدوى الفرح قريبا

حقا أنا لا أفهمكِ يا أمى

لم أهنأ طويلا بالهدوء الجميل .. فقد هبطت فوق رؤوسنا فجأة ابنة خالتى العزيزة (ماجدة) ومشاغبيها الثلاثة الصغار القادرين على محو مفردة الهدوء من قاموس الكون ذاته .. فقد بدأت العاصفة فور دخولهم إلى البيت .. الوداع أيها الهدوء

رسمت ابتسامة على وجهى وخرجت لاستقبالهم .. كانت ماجدة كالعادة عابسة الوجه لا تكف عن التذمر والشكوى من كل شىء .. سلمت عليها وجلست جوارها استمع بصبر لحديثها مع أمى الذى لا يتعدى الشكوى من زوجها الذى لا يقدر جهودها ومن أطفالها الذين أتعبوها كثيرا ولم تعد تحتملهم وعن الأعباء التى تتحملها وحدها وعن طاقتها التى شارفت على النفاذ .. وكانت تقطع حديثها من حين لآخر لتصرخ فى أحد صغارها تارة .. وتهدد آخر بقطع أذنيه تارة أخرى .. وتكتفى بقذف حذاءها على الأخير

كانت نموذج مجسد للسخط على كل شىء .. لا تجد فى حياتها شىء يشعرها بالرضا .. لا تكف عن الرثاء لنفسها وتذكر كيف كان حالها قبل الزواج وتلعن حماقتها التى دفعتها للزواج يوما ما

يا للبشر .. متى يشعرون بالرضا .. ليتكِ تعرفين أى نعم تحيط بكِ ولا تريدين رؤيتها .. ليتك تقدرين عطية الله لكِ وتحمديه عليها بدلا من التذمر منها .. أتدرى كم فتاة تتمنى مثل حياتكِ؟ .. كم فتاة تحلم ببيت وزوج وأسرة .. أتدرى كم زوجة تتمنى طفل واحد يملأ عليها حياتها حتى وإن لم يكف عن الصخب لحظة واحدة؟ .. لو فكرتِ قليلا يا ماجدة لحمدتِ الله كثيرا

أفقت من شرودى على حديثهما .. كانت أمى تحاول تهدئتها وكانت لا تزال ترغى وتزبد وتلعن الزواج وأيامه .. وبعيدا عن أى تعقل خرجت كلماتها كالسهام المسمومة وهى تقول

- يا ريتنى ما كنت أتجوزت أبدا .. يا ريتنى عنست زى أحلام

توقف كل شىء فجأة ولفنا صمت مهيب بعد جملتها الأخيرة .. شعرت بالعرق البارد يغمرنى وستة أزواج من العيون تحملق بى .. فقد توقف الصغار عن صخبهم مع مى ووقفوا جميعا يرقبوننى تتباين فى عيونهم النظرات وتجتمع على الإمعان فى تعذيبى

نظرت لوجه ماجدة الذى غادرته مياه الحياة وبدت كالشبح .. أعرف أنها لم تقصد ما رمتنى به .. ولكن من يمكنه أن يعيد كلمة قالها وأصاب بها ما أصاب .. استجمعت شجاعتى الهاربة وشحذتها لتنطق شفتاى بابتسامة لا أدرى كيف شقت مكانها فى وجهى
- احمدى ربنا على نعمته يا ماجدة

تمتمت هى ببعض كلمات مبهمة وهى تقوم بسرعة تلملم شتات نفسها الغارقة فى الخجل وتلملم أطفالها وتغادرنا منكسة الرأس تتعثر فى خطواتها .. غابت نظرات أمى التى تتفحص الأرضية هربا من النظر لوجهى حتى لا أرى تلك الدمعة اللامعة التى تقف بحيرة عند جفنها لا تدرى هل تسيل بمجراها الطبيعى أم عليها الانتظار؟ .. قمت من مكانى لأقسح لها الطريق علها تريح نفس أمى المهمومة بى .. دخلت إلى حجرتى وكلمة ماجدة ترن فى أذنى بلا توقف

ماذا أفعل الآن؟ .. لا رغبة لى بالبكاء .. لا رغبة بى أبدا

انفجرت بالضحك .. نعم نوبة ضحك هستيرية من النوع الذى يدمع العينين .. كلا لم أجن بعد .. لكنى وأخيرا تخلصت من اللقب اللدود

لم أعد آنسة

فقد أصبحت

عانس

أغمضت عينى وأنا ابتلع حروف الكلمة الثقيلة

تماسكى يا أحلام .. واقبلى الواقع .. وليعينكِ الله




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #8


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(8)
أيام حزن


الأيام تمر ومساحات الحلم تتقلص واللون الوردى ينسحب تدريجيا أمام رمادية واقعى
دفنت نفسى بين الكتب فى المكتبة وانغمست فى عملى
لم يعد عم حامد قادرا على متابعة عمل المكتبة لمرض ألم به وأجبره على ملازمة الفراش .. كنت أزوره من حين لآخر لأطمئن عليه وأطمئنه على كتبه الأثيرة التى يوصينى بها كل مرة .. كنت أشعر أن الكتب لديه كأبناء لم يشأ الله أن يهبه إياهم .. كنت أرى الرضا بقضاء الله على وجهه ووجه زوجته العجوز الطيبة التى شاركته العمر بكل ما فيه ورضيت بما كتبه الله لهما

كم كنت أراهما رائعين وتمنيت أن أرى نفسى بعد رحلة العمر زوجة صالحة لزوج طيب يؤنس نفسى ويعيننى على الأيام

كم أخشى الوحدة .. كم ترعبنى فكرة البقاء وحدى ككابوس يداهمنى كلما مر العمر بى ولا شىء ينبىء بأن الحلم قد يتحقق

غفرانك يا رب .. ليس لى الاعتراض على مشيئتك .. سأرضى بما كتبته لى .. فافرغ اللهم صبرا فوق ذلك القلب الذى خلقت لى

مضيت فى طريقى للبيت وصورة الزوجين الطيبين لا تفارق مخيلتى

لا أدرى لم خطرت صفاء على بالى فجأة .. كيف نسيتها؟ .. أردت الاطمئنان عليها .. اتصلت بها وردت علىّ والدتها وأخبرتنى أن صفاء تم زفافها .. وأخبرتنى أيضا أنهم لم يقيموا لها حفلا .. فقط ذهبت مع زوجها فور عقد قرانهما .. يا إلهى هل حُرمت حتى مظاهر الفرح التى تنتظرها كل فتاة .. حتى وإن كانت زائفة .. أغلقت الهاتف والألم يعتصرنى .. ترى كيف حالها؟.. لا يمكننى تخيل حياتها الآن والتى بدأت بجريمة فى حقها .. صبركِ الله يا صفاء

لا أدرى لم يحمل لى كل يوم عبئا جديدا يلقيه فوق قلبى المسكين الذى لم يعد قادر على احتمال المزيد

وما أن أصبح يوم جديد حتى جاءنى بخبر كجبل من صخور انهار فوق رأسى ليدفنى تحته

أما اكتفيت منى أيها الحزن

أما اكتفيت!!




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #9


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(9)
الرحيل


انتهت مراسم العزاء

وتوارى الجسد تحت التراب

وبقى طوفان من الحزن يجتاح قلوب تعلقت بالراحل الطيب

قادتنى خطواتى إلى المكتبة

احتضنت كل الكتب الحبيبة وأفرغت دموعى بين أوراقها

شعرت بحزنها على أبيها وعاشقها وحارسها الأمين

شعرت بيتمها من بعده

من سيرعاكِ ويقدركِ كما كان يفعل

رحمك الله يا عم حامد

عدت إلى البيت بخطوات ثقيلة وقلب أشد ثقلا

كم بت أشفق على هذا القلب البائس

الذى لا تعرف له الفرحة عنوان

ماذا سأفعل الآن؟

الحزن يعصف بى ويلون كل ما حولى بلونه القاتم

أشعر بطعم المر فى حلقى

وغيمات المطر تغشى عينى وتنذر بالهطول
أرى صورته أمامى ووجه العجوز الطيب ووصيته لى بكتبه

أرى وجه أرملته الطيبة وقد فتتها الحزن إلى أشلاء بعد رحيل شريك العمر ورفيق الدرب وتركها وحيدة

أيتها الوحدة .. يا كابوس يؤرقنى .. ما بال تلك العجوز .. كيف ستحتملكِ؟ .. من سيرفق بها؟ .. من سيبعد شبحكِ عنها؟

من؟

- البقاء لله يا أحلام

- ونعم بالله

ربتت اليد الحنونة على كتفى قبل أن تغادرنى .. أسمع وقع خطواتها تبتعد وصرير الباب يُغلق خلفها .. انتفضت على صوته بفزع وأسرعت نحوه وفتحته على مصراعيه وأضأت كل الأنوار وفتحت النافذة لأتلقى النسمات الباردة على وجهى وقد بدأ مطر عينى فى الهطول ليصب فى بحر الأحزان الجشع الذى لا يعرف حد الاكتفاء

رفعت عينى إلى السماء .. تمثل الوجه المتغضن أمامى وابتسم لى .. صورته تتماوج وتمتزج بدموعى قبل أن تذهب كما ذهب صاحبها

رحمك الله يا عم حامد




رد مع اقتباس
قديم 22-03-2014   #10


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في » ملكني غلاك
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



(10)
العــــــــائد



يوم آخر يمر ببطء .. ما أقسى الفراغ .. لقد افتقدت المكتبة .. واشتقت لكتبى الحبيبة هناك .. لا أعلم إلى متى ستظل المكتبة مغلقة .. أرملة عم حامد لا تكاد تفيق من الحزن .. ولم أتمكن من محادثتها بهذا الشأن الآن .. كم يؤلمنى أن ينتهى الأمر على هذا الحال

وصية عم حامد تؤرقنى .. يجب أن أحافظ عليها وأعتنى بكتبه الأثيرة .. ولكن كيف سأتمكن من ذلك الآن؟ .. كيف؟

- أبلة أحلام .. أبلة أحلام

لا ينقصنى سواكِ الآن .. تنهدت فى صبر وسألتها
- فيه إيه يا مى؟

أخذت أنفاسها تتلاحق من مجهود عدوها من الشارع حتى البيت
أشرت لها أن تهدأ قليلا حتى أفهم ما تريد قوله

قالت بعد لحظات

- المكتبة
- مالها؟
- فيه عربية كبيرة واقفة عندها وبيلموا فيها الكتب
- إيه!

لا أدرى متى ولا كيف كانت خطواتى تركض فى اتجاه المكتبة ليذهلنى ما رأيت .. بعض العمال ينقلون الكتب إلى سيارة تقف أمام المكتبة .. اندفعت نحوهم وأنا اهتف بهم

- انتوا بتعملوا ايه .. واخدين الكتب على فين؟

لم أتلق ردا .. فازداد غضبى وقطعت عليهم الطريق وأنا أتشبث بكتبى الحبيبة

- مفيش كتاب واحد هيخرج من هنا .. فاهمين

- مين حضرتك؟


التفت نحو مصدر الصوت ليطالعنى وجه شاب يقف عاقدا ذراعيه أمام صدره وعينيه تتفحصنى بصمت

تقافزت شياطين الغضب من عينى وأنا أقول
- انت اللى مين .. وواخد الكتب دى على فين .. مين اللى سمحلك بكده

أجابنى بذات البرود

- ما قولتيش مين حضرتك

ابتلعت غضبى وأجبته

- أنا المسئولة عن المكتبة دى وكل اللى فيها أمانة فى رقبتى فى غياب عم حامد

- الله يرحمه

أعادتنى كلماته للواقع فغياب عم حامد سيطول كثيرا .. كثيرا جدا

أدرت ظهرى له لأدارى دمعة حزن انسابت رغما عنى قبل أن أسأله

- وتبقى مين حضرتك؟

- أنا خالد ابن أخوه

التفت نحوه ببطء .. عجبا لم يحدثنى عم حامد عنه أبدا .. وأين كان هو طوال السنوات الماضية .. لم لم يتذكر عمه سوى الآن بعدما رحل
ارتسم السؤال فى عينى ورسم ملامح استنكار على وجهى دفعته ليسرع بالإجابة عليه

- كنت مسافر .. ورجعت بعد ما بلغنى الخبر

أشرت إلى كومة الكتب الملقاة فى السيارة وأنا أقول

- وراجع تهدم حلمه بعد ما راح .. هتعمل ايه فى الكتب اللى كان معتبرها أولاده وكان بيوصينى عليها كل يوم .. هتحرقها ولا هترميها ولا هتبيعها برخص التراب اللى صاحبها تحته

- انتِ بتقولى ايه؟

قلت بثورة

- باقول اللى بتفكر فيه دلوقت .. خلاص عمى مات وحلمه مالوش مكان .. وأنا أولى بحق المكتبة من شوية ورق محدش عارف قيمتهم

رفع حاجبيه فى دهشة من غضبى وقبل أن يفتح فمه كنت أدرت ظهرى له وابتعدت

هتف بصوت مرتفع
- لو سمحتِ يا مدام

التفت له بنظرة مرعبة كما لو كان قذفنى بقالب من الطوب .. وليعلم الله أن كلمته أشد إيلاما ووجدتنى أصرخ فى وجهه

- آنسة .. اسمى آنسة أحلام
- انتِ عصبية ليه كده
- لو كنت عشت عمرك بين الكتب دى وحبيتها زى ما عم حامد حبها مكنش هيهون عليك تعمل فيها كده

مسحت وجهه بأكثر نظرات الضيق والاشمئزاز إيلاما وأنا أقول
- الله يرحمك يا عم حامد

ومضيت فى طريقى إلى البيت وقلبى يعتصر ألما على كتبى الحبيبة
أطلقت تنهيدة من أعماق صدرى ورفعت عينين دامعتين للسماء وأنا أردد
- سامحنى يا عم حامد




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(أحلام, الصغير, بقلم/, رائعة, كاملة/

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

أقسام المنتدى

۩۞۩ أناقـــة بنات ♣ نون النسـوه ۩۞۩ | ۩۞۩ آرشيف المواضيع المكرره والمحذوفات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب إستقبال الأعضاء الجدد ۩۞۩ | ۩۞۩ التنمية البشريه وتطوير الذات ۩۞۩ | الاقسام العامة | الاقسام الاسلامية | ۩۞۩ صوتيات ومرئيات هبوب الاسلامية ۩۞۩ | ۩۞۩ مدونات أعضاء هبوب الخاصة ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب تطوير المواقع والمنتديات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الديكور والأثاث المنزلي ۩۞۩ | الأسرة والمجتمع | ۩۞۩ هبوب القرارات الإدارية والتكريم ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الشيلات والقصائد الصوتيه ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الفتوشوب وملحقات التصميم ۩۞۩ | ۩۞۩ الحيوانات والطيور والنبات والطبيعة ۩۞۩ | ۩۞۩ التهانى والاهداءات والمناسبات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب ذوي الأحتياجات الخاصة ۩۞۩ | ۩۞۩ فعاليات ومسابقات الأعضاء ۩۞۩ | ركن تواصل الاعضاء | ۩۞۩{ هبوب الكمبيوتر والبرامج }۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب عالم الرجل ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الطب والصحة العامة ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب القرآن الكريم وعلومه ۩۞۩ | ۩۞۩ خاص بتطوير منتدى هبوب الجنوب ۩۞۩ | ۩۞۩ مطبخ أعضاء هبوب ۩۞۩ | ♔ الأقسام الإدارية ♔ | التصميم والجرافيكس | ۩۞۩ كوفي اعضاء هبوب الجنوب ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب السيارات والدراجات النارية ۩۞۩ | ۩۞۩ تصاميم أعضاء هبوب الحصرية ۩۞۩ | ۩۞۩ مرافئ كتابات الأعـضاء بأقلامهم ۩۞۩ | مجلة هبوب الشهرية | الأقسام التعليميه | ۩۞۩ هبوب التربيه والتعليم واللغات ۩۞۩ | الشباب والرياضة | ۩۞۩ هبوب طلبات التصاميم ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الشكاوي والاقتراحات ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب الرياضة العربيه ۩۞۩ | ۩۞۩ فواصل واكسسوارات تزيين المواضيع ۩۞۩ | الأقسام التقنية وتكنولوجيا البرامج | ۩۞۩ هبوب الجوالات بانواعها وتطبيقاتها ۩۞۩ | ۩۞۩ طلبات الاعضاء وتغيير النكات ۩۞۩ | الاقسام الأدبية والثقافية | ۩۞۩ هبوب شرح خصائص المنتدى ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب نبي الرحمة والصحابة الكرام ۩۞۩ | ۩۞۩ هبوب التراث والشخصيات التاريخية ۩۞۩ |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant