الرحلات البرية آداب وأحكام
****************************************
الحمد لله الذي جعل لهذه الأمة فُسحة، ورفع عنها الحرج والمشقة
وأُصلي على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مُعلم هذه الأمة وعلى
أصحابه ومن سار على نهجه وسلم تسليماً
لقد خلق الله سبحانه الإنسان لحكمة عظيمة وغاية جليلة ذكرها
في كتابه الكريم:
بل يعبد ربه في كل زمان ومكان
براً وبحراً وجواً، وصيفاً وشتاءً
فهو يحقق في هذا المحراب
العظيم محراب الحياة
العبودية لله سبحانه
وتعالى، ويسعى
لتحقيق هذا الأصل
العظيم في جميع
شؤون حياته
الخاصة والعامة، وأفعاله
صغيرها وكبيرهاً، ويرتقي
كل عمل في حياة المسلم
إلى تحقيق هذا الأمر العظيم:
فوا عجباً كيف يعصى المليك *** أم كيف يجحده الجاحدون
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الخالق
فمما يزيد الإيمان، ويقوي الإسلام
ويربط الإنسان بخالق الأكوان،
هو التفكير والتدبر في
مخلوقات الله.
وإن رحلة (الــــــــــــــــــــــــــــــبر)
على ما فيها من إدخال السرور للنفس وإنعاشها
ونشاطها، إذا جعلها الإنسان فرصة للتأمل
وجد ثمرة هذا التفكر
والتأمل - خصوصاً
عندما يخرج لذلك
المكان الفسيح
الذي يرى
فيه عظمة
هذا الكون صافياً
من مؤثرات الحياة المستجدة
( الضوء ـ الضوضاء ـ وغير ذلك )
ونظر وأطلق بصره لتلك الآيات العظيمة
المعجزة في دلالتها، القوية في معانيها
المؤثرة في عظمة من خلقها
يقول أحد الأحباب:
خرجت إلى رحلة البر وعندما أظلم الليل وأسدل ستاره،
استلقيت على ظهري لكي أنام، فإذا منظر مهيب
وموقف عظيم، ارتعش له جسدي، واقشعر له
بدني، وأنا أنظر ولأول مرة منذ فترة طويلة
إلى تلك السماء التي حرمت من النظر إلى
صفائها وما فيها من المخلوقات
العجبية، فإذا نجوم عظيمة، وشهب
تنطلق من هنا وهناك، فقلت
: ما أعظم
هذا الكون!
وأعظم منه مَن خلقه!
فما زلت أنظر وأتأمل
وأتذكر قول الله
سبحانه وتعالى:
فشعرت بقلب ينبض بالإيمان
وجسد تسري فيه معاني
القرآن، فخرجت من تلك
الرحلة بثمرة
عظيمة وهي:
( تجدد الإيمان )
فاجعل - أخي الحبيب -
من رحلتك هذه رحلة
إلى الإيمان
ومعرفة آيات
خالق الأكوان
البر وأحكام
"""""""""""""""""""""""""""
لقد جاء الشرع بأحكام ينبغي للمسلم
أن يسير عليها في كل مكان ويجب
مراعاتها والحفاظ عليها، والسؤال
عنها، وعدم التساهل فيها
ومن أعظم
الأحــــــكام:
هي المحافظة على الواجبات وترك المحرمات
في تلك الأماكن التي قد يغفل الإنسان
ويتساهل فيها لبعده عن أعين الناس
ونسي أو تناسى أن الله سبحانه
وتعالى يعلم السر وأخفى
وأنه لا يخفى عليه
شيء في
الأرض ولا في السماء، وأعظم
هذه الأحكام خطراً:
هو ذلك الركن الركين
وأصل الإسلام العظيم الذي لا يصح إسلام
المرء إلا بالقيام به، وهي:
الصلاة... الصلاة... الصلاة... الصلاة
الصلاة... الصلاة... الصلاة... الصلاة
محافظةً عليها، وأداءها في وقتها
وعدم التساهل بها، وإليك أحكامها:
اعلم - أخي الحبيب ويا صاحب (الرحلة) -
أن في المحافظة على الصلاة
أجراً عظيماً في الإقامة والترحال
وأن في المحافظة على الصلاة في
تلك الأماكن (الفلاة) أجراً ذكره رسول الله في حديث أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه:
{ صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحدة
خمساً وعشرين درجة، فإذا صلاها بأرض فلاة فأتم وضوءها وركوعها
وسجودها، بلغت صلاته خمسين درجة } .
معرفة دخول الوقت والحرص على الصلاة في وقتها
لما صح عنه
عندما سئل عن أفضل الأعمال قال:
{ الصلاة على وقتها }
ويلحق
بهذا الأذان وخصوصاً في أرض الفلاة لما
في ذلك من فضل ذكره الرسول
من حديث عبدالله بن عبدالرحمن
بن أبي صعصعة:
{.. فإنه لا يسمع مدى
صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة }
ولحديث عقبة بن عامر قال:
سمعت رسول الله يقول:
{ يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية
جبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله
عز وجل:
انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني
قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة }
ولما فيه من طرد للشيطان لحديث أبي هريرة عن النبي أنه قال:
{ إن الشيطان إذا نودي للصلاة أدبر }
التأكد من القبلة والاجتهاد في ذلك، فإن
اجتهد وصلّى وتحرى القبلة
فصلاته صحيحة، ولو
اكتشف بعد الانتهاء
من الصلاة أنه
صلّى إلى غير
القبلة فلا يعيد
وصلاته صحيحة
الوضوء وهو شرط لصحة الصلاة، ويحرص
المسلم على إكماله وإتمامه
فإن تعذر الماء أوخاف
استعامله لمرض
أو برد شديد
تيمم
وقد أجرى بعض العلماء على
من خرج في رحلة أو متنزه أجرى
عليها قياساً أحكام السفر من
الرخص وغيرها.
فمن ذلك: المسح على الخفين للمسافر
ثلاثة أيام بلياليهن. ومن ذلك:
قصر الصلاة وجمعها، فتقصر الرباعية ويستثنى من ذلك
(الفجر والمغرب)
وتجمع الصلاتان الظهر والعصر، والمغرب والعشاء
سواء ذلك تقديماً
أو تأخيراً، على
حسب الحاجة والحال
وتصلى الجمعة ظهراً، وإن وجد مكاناً قريباً من قرية
أو غيرها فصلاها جمعة فحسن.
ومن الأحكام المهمة في البر:
هي معرفة أحكام
الصيد وما يتعلق في ذلك من شروط وضوابط
شرعية لئلا يقع المسلم في محاذير شرعية محرمة
في الصيد
(ويكون ذلك بحمل ر سالة لهذا الباب)
تنبيه وتحذير:
وإن مما يتساهل به مما يتعلق باستعمال السلاح بدون
ضوابط ومراعاة للمكان، واستعمال عشوائي مما
يسبب خطراً عظيماً في الأنفس، وخصوصاً إذا
استعمل من قبل صغار السن
والأطفال، فلينتبه لهذا.
آداب الخروج إلى البر
*****************************
إن من خصائص هذا الدين وعظمته وشموله
أنه جاء بآداب عظيمةوأخلاق فاضلة
ينضبط بها المسلم في كل زمان
ومكان في بره وبحره
وجوه، وهذه الآداب هي
ثمرة الإيمان الصادق والإسلام
الكامل والاستقامة
على دين الله، فالدين
مبني على عقيدة سليمة
وعبادة صحيحة، وآداب جليلة
استحباب بعد المكان عن الناس
إذا كان في الفضاء (الفلاة)، (البر)
لحديث المغيرة بن شعبة قال:
كنت مع النبي في سفر فقال:
{ يا مغيرة خذ الإداوة فأخذتها فانطلق رسول الله حتى توارى
عني فقضى حاجته }
ولحديث عبدالرحمن بن أبي قداح:
{... وكان إذا أتى حاجته أبعد }
استحباب استتار البدن حال قضاء الحاجة
لحديث عبدالله ابن جعفر:
{... وكان أحب ما استتر الرسول به: هدف، أو حائش نخل }
- وجوب ستر العورة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي :
{ كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض }
وللحديث السابق.
ومن ذلك النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط لحديث أبي
أيوب الأنصاري أن النبي قال:
{ إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة
أو تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا.. } .
النهي عن البول في الطريق والظل النافع
وتحت الشجرة المثمرة
لما سبق من حديث أبي هريرة.
النهي عن البول في الشق أو الجحر أو غيره لحديث عبدالله ابن سرجس
أن النبي قال:
{ لا يبولن أحدكم في الجحر }
لما فيها من الهوام والسباع
وقيل: إنها مساكن الجن.
طلب المكان الرخو عند قضاء الحاجة قال النووي:
( وهذا الأدب متفق
على استحبابه حتى يأمن التلوث من البول
وحتى لا يرتد رشاش بوله )
كراهية استقبال الريح، وفي هذا تعليل
وهو أنه قد يتلوث بالنجاسة
بأن يرتد عليه بوله.
ومن تلك الآداب:
الآداب العامة التي ينبغي مراعاتها
من عدم إيذاء الناس، ومزاحمتهم، وخصوصاً ما يقع
من بعض الشباب هداهم الله من إيذاء الناس
في حلهم وترحالهم، فقد قال
الله سبحانه وتعالى:
ومن تلك الآداب التي تتعلق بالمرأة المسلمة
من احتشام وحفظ لحيائها
ومراقبة ربها، وعدم سفورها
وتبرجها في حضرة الرجال
وغير محارمها
فالحجاب لايرتبط بمكان
أو زمان بل أمر من الله
سبحانه وتعالى لأمته: