الاستمرار على الخُلف في الوعد من علامات النفاق:
• فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كَذَبَ، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان)).
• وفي البخاري ومسلم أيضًا من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهماقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدَعَهَا: إذا حدث كَذَبَ، وإذا عاهد غدَر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فَجَرَ)).
تنبيهان:
1 - وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا وعد اخلف))، ينزل على مَن وعد وكان عازمًا على أن لا يفي، أو ترك الوفاء من غير عذر، فأما مَن عزم على الوفاء فظهر له عُذرٌ منَعه من الوفاء، لم يَلحَقه الوعيد، ولا يتصف بأوصاف المنافقين، وإن جرى عليه ما هو صورةُ النفاق، ولكن ينبغي أن يحترز من صورة النفاق أيضًا كما يحترز من حقيقته.
2 - لا تَعِد إلا إذا كنت عازمًا على الوفاء، قادرًا عليه، ويستحبُّ أن تُلحِق الوعد بكلمة رجاء، مثل أن تقول: "أرجو أن أفعل"، أو مَن أراد أن يَعِد فعليه أن يُلحِق الوعد بالمشيئة، فيقول: "سأفعل إن شاء الله"، وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه لا يعد وعدًا إلا ويقول: "إن شاء الله" وهذا هو الأولى؛ حتى يَخرج من دائرة العزم والإصرار على فِعل ما لا يَملكه.
ثم إذا فُهم مع ذلك الجزمُ في الوعد فلا بد من الوفاء، إلا أن يَتعذَّر.
♦ كما أن الخلف في الوعد من علامات النفاق؛ فإن الصدق والوفاء في الوعد من علامات الإيمان والتقوى:
• فقد نادى الله تعالى أهل الإيمان، فقال:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1].
• وأثنَى الله تعالى على سيدنا إسماعيل عليه السلام؛ بأنَّه كان يَفي بالوعد، فقال تعالى:
﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54].
• وأخرج أبو داود والبيهقي وابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت" بسندٍ فيه مَقالٌ عن عبدالله ابن أبي الحَمْسَاءِ قال: بايعتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبْعَث، وبقيَت له بقيَّة[2] فوعدتُه أن آتيَه بها في مكانه ذلك، فنسيت يومي والغد، فأتيتُه اليوم الثالث وهو في مكانه، فقال: ((يا فتى لقد شقَقتَ عليَّ؛ أنا ها هنا منذ ثلاثٍ انتظرك))؛ (ضعفه الألباني في سنن أبي داود: 299).
• وذكر ابن أبي الدُّنيا في "كتاب الصمت" أثر عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهماوفيه: "أنه لما حضَرَته الوفاة، قال: إنه كان خطب إليَّ ابنتي رجل من قريش، وقد كان مني إليه شِبهُ الوعد، فوالله لا ألقى الله بثُلث النِّفاق، أُشهِدكم أني قد زوَّجتُه ابنتي".
جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك
ورفع الله قدرك في الدنيــا والآخــــرة
وأجـــــــــزل لك العطـــاء