الصامت الثرثار.. بني هل أنت بخير؟!

الصامت الثرثار.. بني هل أنت بخير
ريم علوان
1/1/2023

الصمت الاختياري ليست مصيبة كبيرة ولا مرضا نفسيا بل هو مشكلة بسيطة شائعة (شترستوك)
هل فوجئت من صغيرك الذي لا يتجاوز السادسة وهو يختار التباكم مع بعض الناس وفي بعض الأماكن خارج البيت؟! هل وردك اتصال من المدرسة وشكاوى تخبرك قلقهم من عدم حديثه طوال اليوم الدراسي مع معلميه وأصدقائه؟!

تتساءل بتوتر ما سبب امتناعه من الحديث خارج البيت وهو الثرثار؟! ترغب بأخذه إلى معالج نفسي أو اختصاصية في اللغة تطمئن قلبك عما يحدث له!

إذا كنت تعاني من كل تلك الأمور، خذ نفسا عميقا، شهيقا.. ثم زفيرا، والآن وقد هدأت تعال معي لتعرف أكثر عن هذا العرض الذي يسمي اضطراب التباكم الانتقائي لدى الأطفال.

ما هذا الاضطراب؟!
اضطراب الصمت الانتقائي "التباكم" (Selective Mutism) يحدث في مرحلة الطفولة، لدى الأطفال من 3 إلى 8 سنوات، بعدما تكونت اللغة عندهم وصاروا قادرين على التعبير عن أنفسهم بكلمات وجمل، يتميز برفض الحديث في بعض المواقف الاجتماعية، بما فيها المدرسة، أو في غير محيط الأسرة أو الأقرباء.

يستمر الاضطراب لمدة شهر وأكثر (لا يقتصر ذلك على أول شهر في المدرسة). وهناك درجات لهذا الصمت الانتقائي، أقلها هو استعمال الطفل الإيماءات مثل هزّ الرأس أو بواسطة مقاطع كلامية مختصرة بنغمة واحدة. وأعلاها صمته التام والكامل لفترات زمنية طويلة.

أحيانا يكون بسبب التدليل المبالغ فيه من قِبَل الأم، وقرب الطفل الشديد منها هو ما يسببه له هذا القلق، وبالتالي يختار الصمت الانتقائي لافتقاده إياه حوله في أوساطه الجديدة.

بعض المظاهر التي تترافق مع الصمت الانتقائي:
الخجل الشديد أو الحساسية الفائقة مما يجعل الطفل يختار بغير وعي الصمت الكامل في المكان الذي لا يشعر فيه بالأمان والراحة ولذا سمي بالصمت الانتقائي.
الخوف من الإحراج في المواقف الاجتماعية وعدم التواصل البصري بالعين مع الآخرين برغم انتباه الطفل لما يقال حوله.
الانسحاب والعزلة الاجتماعية وعدم القدرة على إقامة علاقات مع الآخرين سواء كانوا أطفالا أو كبارا.
فورة غضب من قبل الطفل، كهيجان أو سلوكيات معارضة وغاضبة إذا كان الطرف الآخر غير متفهم لصمته وجموده.
تؤثر بشكل سلبي على حياة الطفل الاجتماعية، ومستواه الدراسي كلما طالت المدة التي يعاني منها من هذا الاضطراب.
متى تستدعي الحالة تدخلا اختصاصيا؟
يجب علينا إعطاء من 5 إلى 6 أسابيع للطفل حتى يعتاد على مدرسته وبعدها نبدأ بالقلق إذا استمر الصمت الانتقائي. فهناك بعض الأطفال الخجولين يحتاجون إلى فصل دراسي كامل حتى يعتادوا على مدارسهم.

ولكن إذا استمر هذا الصمت الانتقائي للفصل الدراسي الثاني، هنا تبدأ المشكلة. وينبغي على الأهل التوجه إلى اختصاصي لمعرفة أسباب هذا الصمت وتشخيص تلك الحالة بدقة حتى يتخطى الطفل تلك المشكلة.

والآن، تعالوا لتعرفوا ما الطريقة المثلى للتعامل مع طفل مصاب بهذا الاضطراب النفسي:

إياك بالضغط على طفلك، ليتحدث في الأماكن التي امتنع عن الحديث فيها.
تستطيع الذهاب معه لمدرسته خارج أوقات دوامهم، تدخل معه الصف، تتنقل في أرجائها بل يمكنك جعله كأنه مرشدك الصغير الذي يخبرك عن الأماكن فيها والتي يفضلها، وبهذا تكون قد كسرت أول حاجز مع مدرسته.
يوم آخر تستطيع فيه أخذ مقابلة مع معلمة الصفّ، ويكون الطفل حاضرا وبهذا يكون اجتماعا ثلاثيا تكسر فيه الحاجز الثاني للطفل مع معلمته بوجود أبيه.
استضافة زملاء الصف بالبيت والبدء بأقرب زملائه له، ثم تصبح لزميلين، فثلاثة، وهكذا. فيزداد عدد الأصدقاء ونكسر الحاجز الثالث بين الطفل وزملائه باستضافتهم في بيئته التي يرتاح فيها.
كلما تفهّمته وأعطيته الشعور بالأمان، تخلّص طفلك من هذا الاضطراب النفسي بسرعة.
إذا استمرت حالة الصمت الانتقائي حتى الفصل الدراسي الثاني عليك بالتوجه الى مختصين نفسيين ليتعرفوا عن سبب استمرار هذا القلق عند طفلك، فهذا هو سبب اختياره للصمت.
قد يطول الصمت الانتقائي وقد يقصر باختلاف شخصية الطفل والمشكلة التي كان يعاني منها، وسرعة شعوره بالأمان وتخلصه مما يقلقه.
لذا فعليك بالصبر، والصبر، والصبر.. حتى يتخلص طفلك مما يعانيه.
البيئة الداعمة مهمة وخاصة التي يختار فيها الصمت، لذا على الآباء الحرص على طلب الدعم من المعلمين ليعطوا طفلهم الأمان والمحبة التي تجعله يجتاز فيها قلقه واضطرابه.
على المعلمين أن يخرجوا روح الطفل من داخلهم خصوصا معلمي الروضة والطفولة الذين لديهم تلاميذ يعانون من هذا الاضطراب النفسي، وعليهم باللعب معهم والمرح والمزاح لكسر حاجز الخوف والرهبة عن تلامذتهم الصغار.
على الآباء والأمهات تشجيع طفلهم على استخدام التواصل غير اللفظي مثل: الإيماءات وهزّ الرأس في الإجابة على معلميه حتى يشعر بالتحسن، فهذا تدرج، خطوة، خطوة يبدأ الكلام لذا لا تتعجلوا الخطوات.
إذا تفاعل طفلك مع الآخرين فلا تمدحوه أمام الآخرين حتى لا يخجل أو يعود لصمته.
وفي النهاية، الصمت الاختياري ليست مصيبة كبيرة ولا مرضا نفسيا بل هو مشكلة بسيطة شائعة وعرض نفسي يسهل علاجه وحلّه. وكلما تم علاج الطفل مبكرا من الصمت الانتقائي، كانت الاستجابة للعلاج أسرع، وكان التشخيص العام أفضل، وإذا ظل الطفل صامتا لسنوات عديدة يمكن أن يصبح الصمت الانتقائي عادة لا يمكن التخلص منها.

الموضوع الأصلي: الصامت الثرثار.. بني هل أنت بخير؟! || الكاتب: نجوى الروح || المصدر: منتديات هبوب الجنوب

www.h-aljnoop.com

كلمات البحث

برامج | سيارات | هاكات | استايلات | أكواد | الوان مجموعات | برمجه | منتديات عامه | العاب