فؤائد قوله تعالى {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ}
[WHITE]
قال تعالى:فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ (البقرة:من الآية197)
قالَ السعديُّ :"واستدلَّ بهذه الايةِ الشافعيُّ ومَن تابعهُ على أنّه لا يجوزُ الإحرامُ بالحجِّ قبلَ أشْهُرِهِ ، قُلْتُ : لو قِيلَ : إنّ فيها دلالةً لقولِ الجمهورِ بصحّةِ الإحرامِ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لكانَ قريبًا ،
فإنّ قوله : فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ دليلٌ على أنّ الفرضَ قد يقعُ في الأشهرِ المذكورةِ ، وقد لا يقعُ فيها ، وإلاّ لم يُقيِّدْهُ ".
وقالَ الشيخُ ابن عثيمين :" ومنها- أيْ مِن فوائدِ الآيةِ - : أنّ الإحرامَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لا ينعقدُ ؛
لقولهِ تعالى : فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ؛
فَلَمْ يُرتِّبْ الله أحكامَ الإحرام ِإلا لمن فَرَضَهُ في أشهرِ الحجِّ ؛ومَعلومٌ أنّه إذا انتفتْ أحكامُ العملِ فمعناهُ أنّه لم يصحّ العمل ، وهذا مذهبُ الشافعيِّ - -
أنّه إذا أحرمَ بالحجِّ قبلَ دخولِ أشهرِ الحجِّ لم ينعقدْ إحرامهُ ؛ ولكن هل يَلْغُو ، أو ينقلبُ عمرةً ؟ في هذا قولانِ عندهم ؛أمّا عندنا مَذهبُ الحنابلةِ ؛ فيقولونَ : إنّ الإحرامَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ ينعقدُ ؛ ولكنه مَكروهٌ - يُكرَه أنْ يُحْرِمَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ - ومَذهبُ الشافعيِّ أقربُ إلى ظاهرِ الآيةِ الكريمةِ : أنّه إذا أحرمَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لا ينعقدُ حَجًّا ؛ والظاهرُ أيضًا أنّه لا ينعقدُ ، ولا ينقلبُ عمرةً ؛ لأنّ العبادةَ لم تنعقدْ ؛ وهو إنّما دخلَ على أنّها حَجٌّ ؛ فلا ينعقدُ لا حَجًّا ، ولا عمرةً ".
قُلْتُ : سببُ الخلافِ ما أشارَ إليه ابنُ العربي في تفسيرهِ
بقولهِ :" القولُ فيها دائرٌ مِن قِبَلِ الشافعيِّ على انّ الإحرامَ رُكْنٌ مِن الحجِّ مُختصٌّ بزمانهِ ، ومُعَوَّلُنَا – أيْ المالكية – على أنّه شرطٌ فيقدّمُ عليه ".