يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
اية عظيمة من كتاب الله عز وجل يذكر الله سبحانه عباده فيها
بشان القلوب واعمالها وسرائرها مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم
كما ينبه الله عز وجل من خلال هذه الاية على ان هذه السرائر ستبلى
وتخـتبر يوم القيامة ويظهر ما فيها من الاخلاص والمحبة والصدق او ما يضادها
من النفاق والكذب والرياء وذلك في يوم القيامة يوم الجزاء والحساب
وهذا واضح من الاية وما قبلها وبعدها حيث يقول الله عز وجل
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ } (الطارق:10
والقلب هو محط نظر الله عز وجل وعليه يدور القبول والرد كما قال صلى الله عليه وسلم
ان الله لا ينظر الى اجسـامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم
رواه مسلم
والسريرة اذا صلحت صلح شان العبد كله
وصلحت اعماله الظاهرة ولو كانت قليلة والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة
فانها تفسد بفسادها اقوال العبد واعماله وتكون اقرب الى النفاق والرياء
ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية رحمه الله تعالى عن وهب قوله
ولا تظن ان العلانية هي انجح من السريرة فان مثل العلانية مع السريرة
كمثل ورق الشجر مع عرقها العلانية ورقها والسريرة عرقها
ان نخر العرق هلكت الشجرة كلها ورقها وعودها
وان صلحت صلحت الشجرة كلها ثمرها وورقها فلا يزال ما ظهر من الشجرة في خير
ما كان عرقها مستخفيا لا يرى منه شيء
كذلك الدين لا يزال صالحا ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته
فان العلانية تنفع مع السريرة الصالحة كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها
وان كان حياتها من قبل عرقها فان فرعها زينتها وجمالها
وان كانت السريرة هي ملاك الدين فان العلانية معها تزين الدين وتجمله
اذا عملها مؤمن لا يريد بها الا رضا ربه عز وجل
ويقول الإمام ابن القيم- رحمه الله تعالى
في تفسير قوله تعالى يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
وفي التعبير عن الاعمال بالسر لطيفة
وهو ان الاعمال والاقوال نتائج السرائر الباطنة فمن كانت سريرته صالحة
كان عمله صالحا
فتبدو سريرته على وجهه نورا وإشراقا وحياء
ومن كانت سريرته فاسدة كان عمله تابعا لسريرته لا اعتبار بصورته
فتبدو سريرته على وجهه سوادا وظلمة وشينا
وان كان الذي يبدو عليه في الدنيا انما هو عمله لا سريرته
فيوم القيامة تبدو عليه سريرته ويكون الحكم والظهور لها
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
وقوله يوم تبلى الســرائر اي تخـتبر السرائر وهي القلوب
فان الحساب يوم القيامة على ما في القلوب والحساب في الدنيا على ما في الجوارح
ولهذا عامل النبي صل الله عليه وعلى اله وسلم المنافقين معاملة المسلمين
حيث كان يستاذن في قتلهم فيقول
لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه
فكان لا يقتلهم وهو يعلم ان فلانا منافق وفلانا منافق
لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله تعالى
اي تختبر سرائر الصدور ويظهر ماكان في القلوب من خير وشر على صفحات الوجوه
قـال تعـالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
ففي الدنيا تنكتم كثير من الامور ولا تظهر عيانا للناس واما في القيامة
فيظهر بر الابرار وفجور الفجار وتصير الامور علانية
تحيه معطرة بالورد
اهديها لكم على هذا الموضوع القيم
راق لي جداا ماقرأته هنا
شكرا لكم على جمال طرحكم
ننتظر جمالا كهذا الجمال وأكثر
أطيب التحايا وارق المنى