بخصائص لم تكن لأحد من الخلق قبله ولا بعده ولا عجب في ذلك فهو أكرم مخلوق على الله سبحانه
وهو خير نبي أرسله وللعالمين أجمعين بعثه ...
وذكر خصوصياته صل الله عليه وسلم لا يحيط بها كتاب فضلاً أن يستوعبها مقال وحسبنا في مقامنا
هذا أن نقف عند بعض خصوصياته التي وردت في الحديث الصحيح
وهو قوله صل الله عليه وسلم : ( أعطيت خمساً لم يُعطهن أحد قبلي، نُصرت بالرعب مسيرة شهر
وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل
وأُحلت ليَ الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)
رواه البخاري ومسلم.
فما اُختص به نبي هذه الأمة نصرته بالرعب مسيرة شهر وهذه الخصوصية حاصلة له صل الله عليه وسلم على الإطلاق فهو منصور
حتى لو كان وحده من غير رجال أو عتاد وهل هذه الخاصية حاصلة لأمته من بعده ؟
قال ابن حجر: فيه احتمال ويُرجِّح هذا الاحتمال كون معظم الخصائص التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم كانت عامة له ولأمته.
وخُص عليه الصلاة والسلام أيضاً بجعل الأرض له مسجداً وطهوراً وهذه الخاصية ثابتة لأمته من بعده أيضاً بنص الحديث
فكل مسلم أدركته الصلاة يصلي في المكان الذي هو فيه
وهذا خلاف ما عليه الشرائع الأخرى حيث لا تؤدى العبادات فيها إلا في أماكن مخصوصة لا تجوز في غيرها
ومن خصوصياته عليه الصلاة والسلام إحلال الغنائم له ولم تكن أُحلِّت لأحد من قبله حيث كانت الغنائم تُجمع ثم تحرق أو تجمع وتترك إلى أن تأتيَ
نار من السماء فتأكلها فأحلَّها الله إكراماً لخير أنبيائه وجعل هذه الخاصية شاملة لأمته من بعده تبعاً له صل الله عليه وسلم.
ومن جملة ما اختص الله به نبيه محمداً صل الله عليه وسلم الشفاعة العظمى حيث يشفع في الخلائق ليريحهم من هول الموقف وطول الوقوف
انتظاراً للحساب يوم القيامة بعد أن يعتذر جميع الأنبياء عن ذلك. والشفاعة العظمى وهي المقام المحمود ثبتت له خاصَّة عليه الصلاة والسلام
في أحاديث عدة بلغت مبلغ التواتر نقتطف منها حديثاً واحداً،
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع ) رواه مسلم.
والشفاعة كما ذكر العلماء - أنواع فمنها الشفاعة في الخلاص من هول الموقف يوم القيامة ومنها الشفاعة في قوم يدخلون الجنة بغير حساب
ومنها الشفاعة في رفع الدرجات ومنها الشفاعة في إخراج قوم من النار وكل هذا وردت فيه أدلة ليس
هذا مكان ذكرها
يُضاف إلى خصوصياته غير ما تقدم أن دعوته صل الله عليه وسلم كانت دعوة للناس كافة بينما كانت دعوة من قبله من الرسل لأقوامهم خاصة،
قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ } (سـبأ:28) وفي رواية لمسلم وبعثت إلى كل أحمر وأسود ) وفي رواية أخرى له : ( وأرسلت إلى الخلق كافة )
ولو تأملنا في هذه الخصائص النبوية الخمس
التي أتينا على ذكرها لوجدناها تتفق تمام الاتفاق مع هذه الشريعة المباركة - شريعة الإسلام التي جاء بها رسولنا الكريم
فهي الرسالة الخالدة و الرسالة العامة للناس كافة وهي الرسالة الوسط فلا إفراط فيها ولا تفريط وهي الرسالة الشاهدة على الناس أجمعين يوم القيامة