:
- عن عبدالله بن عمرو (رضي الله عنهما) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر" خرجه البخاري ومسلم.
وخرجه في الصحيحين أيضاً من
حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - قال ("آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد اخلف، وإذا ائتمن خان"). وفي رواية لمسلم ("وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم") وفي رواية له أيضاً ("من علامات المنافق ثلاث") وقد روى هذا عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من وجوه آخر، وهذا الحديث قد حمله طائفة ممن يميل إلى الأرجاء على المنافقين الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم حدثوا النبي صلى الله عليه وسلم فكذبوه. وائتمنهم على سره فخانوه. ووعدوه أن يخرجوا معه في الغزو فأخلفوه، فالحديث ثابت عنه صلى الله عليه واله وسلم لا شك في ثبوته وصحته والذي فسره به أهل العلم المعتبرون: - أن النفاق في اللغة: هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير وإبطان خلافه، وهو في الشرع: ينقسم إلى قسمين: * احدهما النفاق الأكبر: وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القران بذمّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار. * والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة ويبطن ما يخالف ذلك... وأصول هذا النفاق: يرجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث وهي خمس: * احدها: أن يحدّث بحديث لم يصدق به وهو كاذب له، وفي المسند عن النبي - صلى الله عليه سلم - قال: ("كبرت خيانة أن تحدّث أخاك حديثا هو لك مصدّق وأنت به كاذب") قال الحسن: كان يقال: (النفاق اختلاف السر والعلانية والقول والعمل والمدخل والمخرج)، وكان يقال: (أس النفاق الذي بنى عليه الكذب). * والثاني: إذا وعد أخلف وهو على نوعين: احدهما: - أن يعد ومن نيته أن لا يوفي بوعده، وهذا أشر الخلق، ولو قال: افعل كذا أن شاء الله تعالى ومن نيته أن لا يفعل كان كذبا وخلفا، قاله الأوزاعي. والثاني: أن يعد ومن نيته أن يفي ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف. وخرج أبو داوود والترمذي من حديث زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("إذا وعد الرجل ونوى أن يفي به فلم يف به فلا جناح عليه") وقال الترمذي: ليس إسناده بالقوى. وخرج الإسماعيلي وغيره من حديث سلمان (أن عليا لقي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: مالي أراكما ثقلين قالا: حديث سمعناه من النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكر خلال المنافق "إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا ائتمن خان" فأينا ينجو من هذه الخصال؟ فدخل علي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: قد حدثتهما ولم أضعه على الموضع الذي تضعونه، ولكن المنافق إذا حدث وهو يحدث نفسه أن يكذب وإذا وعد وهو يحدث نفسه أن يخلف، وإذا ائتمن وهو يحدث نفسه أن يخون).
وفي سنن أبي داوود عن ابن عمر (رضي الله عنهما) عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع" وفي رواية له أيضاً "ومن أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله".... * الرابع (إذا عاهد غدر) ولم يف بالعهد، وقد أمر الله بالوفاء بالعهد فقال- {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} - وقال – {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا} – وقال– {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}.