عجائب لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
على الإنسان ألا يفقد الأمل بالله تعالى أبدًا مهما عظم حجم الكرب، ولحل جميع المشاكل
والهموم يجب اللجوء إلى الله تعالى ليفرج الغم ويشرح الصدر، ويتخلص من الأحزان والتعاسة،
وهنالك العديد من الأعمال تقرب العبد من الله تعالى، مثل الصلاة في وقتها، والصيام،
ودعاء الله تعالى بإلحاح، والإيمان الكامل بأن الله سيستجيب للدعاء، وهناك أوقات مخصصة
من اليوم يستحب الدعاء فيها، مثل ساعة الغروب، أو بعد صلاة الفجر، أو أثناء السجود في الصلاة،
كما يوجد أنواع مختلفة من الأدعية والأذكار التي يستحب ترديدها مثل: لا اله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين، ودعاء سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، واستغفر الله العظيم،
والصلاة على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فجميعها أدعية خفيفة على اللسان لكنها
عظيمة عند الله تعالى وكافية ليستجيب الله للأماني والأدعية وليكف الشرور عنا.
ومن فضل دعاء لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قوله عز وجل في كتابه،
(وذا النون إذ ذهب مغاضبًا وظنّ أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين* فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)
صدق الله العظيم، ويقول النبي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (عن سعد رضي الله
عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صل الله عليه وسلم، فقال: ألا أخبرك بشيء إذا نزل
برجل منكم في كرب، أو بلاء من بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه؟ فقيل له: بلى، فقال: دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) صدق رسول الله
صل الله عليه وسلم، وقال ابن القيم رحمه الله عن فضل هذا الدعاء أيضًا: (أما دعاء ذي النون فإن فيه من كمال التوحيد والتنزيه لله عز وجل، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهمّ والغمّ، وأبلغ الوسائل إلى الله سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج).
تفسير دعاء لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
لا إله إلا أنت: يثبت كمال العبودية لله تعالى وحده، ويوحد الله ويوصفه بأنه هو الرب الوحيد
للعالمين وأنه لا شريك مع الله عز وجل في ملكه وحكمه.
سبحانك: يبعد عن الله تعالى كل شي لا يساوي قدره ومقامه عز وجل، وأنه منزّه عن
كل شيء لا يليق به، وأنه الأعلى في الدنيا عن جميع العالمين.
إني كنت من الظالمين: اعتراف العبد بجميع أخطائه وذنوبه، وأنه يطلب العفو والمغفرة من
الله عز وجل لمسامح تهعلى أخطائه التي اقترفها في الدنيا، وهو من أفضل الأبواب عند
الله تعالى لتحقيق الأماني ولتفريج الكروب وقضاء الحوائج.
فإن لقول العبد: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فضلًا عظيمًا وخيرًا كثيرًا؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ
إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، إِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ بِهَا. رواه أحمد في المسند, والحاكم في المستدرك وغيرهما, وصححه الألباني. وأما الاستغفار فقد وردت في فضله نصوص كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم؛ فمن ذلك قول الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ
لَكُمْ أَنْهَارًا (12) {نوح}. وقال صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وغيره, وتكلم بعض أهل العلم في سنده. وقال صلى الله عليه وسلم: والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة. رواه البخاري.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»، مِائَةَ مَرَّةٍ.
رواه ابن ماجه وغيره, وصححه الألباني.
فلتحمدي الله تعالى أن وفقك لذكره, ولتسأليه المزيد من نعمه, والثبات على طاعته. والحاصل: أن هذه الأذكار لها فضل عظيم, وفيها خير كثير, وثواب جزيل, سواء كان
لها سبب أو لم يكن؛ لذلك كان السلف الصالح يكثرون منها؛ فقد كان أبو هريرة - رضي الله عنه - يستغفر الله ويتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة - كما جاء