الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، الحمد لله حمدًا حمدًا، والشكر له حتى يرضى، سبحانه جل في علاه، أهل المنة والفضل، وكلنا له عبد، تقدست أسماؤه، وتعالت صفاته، الواحد الأحد، الفرد الصمد، ومن ثم الصلاة على النبي المختار محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
وجوب إخلاص العمل لله يتتطلب مجاهدة النفس على تغلبها على هواها واتباع ما جاء به الكتاب والسنة ومتابعة أقوال أهل العلم، فلا يزال علماؤنا في بلادنا والحمد لله يوضحون ويعيدون شرح المسائل التي تنفع الناس في عقيدتهم وفي أداء عباداتهم.
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب أنه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ، ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ)).
على المسلم أن يعتني بصلاح قلبه أولًا ليعبد الله على بصيرة؛ كما جاء في الحديث الشريف ((...أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))؛ متفق عليه.
ومما يعين على إصلاح القلب محاسبة النفس وتذكُّر أن هذه الدنيا زائلة وأن الحياة قصيرة وإنما نحن في دار بلاء لا دار بقاء.
• سؤال الله الثبات خاصة في السجود؛ كما كان يفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم في دعاء: ((يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك)).
• الحرص على المحافظة على اتِّباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء العبادات.
• إخلاص العمل لله والتبرُّؤ من الشرك وذلك في دعاء: ((اللهمَّ إني أعوذُ بك أنْ أُشرِكَ بك وأنا أعلمُ، وأستغفرُك لما لا أعلمُ)).
• الإكثار من العبادات التي لا يعلم عنها أحد شيئًا إلا الله، وجعل خبيئة لك بينك وبين الله.
• أخذ العلم من أهله، والابتعاد عن أئمة الضلال، فالبعض حريص جدًّا على نظافة ما يدخل بطنه من المأكولات أو المشروبات ولا يبالي بما يدخل إلى قلبه من عقيدة توافق ما حثنا الله عليه في القرآن وما جاءت به السنة الصحيحة، وما صحَّ من أقوال الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما في جانب دعوة الناس إلى دين الله، فعلى الداعي إخلاص دعوته لله والتسلح بالعلم من الكتاب والسنة وما جاء به سلفنا الصالح وبأقوال العلماء، والحرص على اجتماع الناس على السمع والطاعة في الطاعة، حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر.
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن مسعود أنه قال: خطَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خطًّا بيدِه ثم قال: ((هذا سبيلُ اللهِ مستقيمًا))، وخطَّ خطوطًا عن يمينِه وشمالِه، ثم قال: ((هذه السبلُ ليس منها سبيلٌ إلا عليه شيطانٌ يدعو إليه))، ثم قرأ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153].
كما أن هناك مفترقَ طرقٍ دائمًا في هذه الحياة تبين للعبد من يعمل لخدمة هذا الدين أو من يتبع هواه أو طاعة لحزب أو جماعة معينة مما لا يزيدنا إلا فرقة وضعفًا.
ولنا في تاريخ الأمم السابقة عبرة وما حصل في أمتنا العربية حاضرًا خيرُ دليلٍ على ذلك ... فيبتعد الناس عن أهل العلم ومن ثم يجهلون في أداء عباداتهم، ومن ثم تضعف العقيدة، ومن ثم تجد البدعة لها طريقًا ميسرًا، فتنشأ الأحزاب ويفترق الناس، فاعتبروا يا أولي الألباب.
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
والله اعلم
منقول