تيسير النحو.. كيف تتصرف مع الكلمة المنتهية بحرف علة؟

تسيطر عروض التوضيح والتسهيل على التواليف والتصانيف النحوية منذ أمد بعيد، وزاد شيوعها في كتابات زمننا، ولا بد أن من اقترب من هذه الأدبيات قد رأى في عناوينها ألفاظا مثل الواضح والتوضيح وأوضح والتسهيل والتيسير والإيجاز والموجز والوجيز والخلاصة، ويشير تكرار هذه الألفاظ إلى شعور المصنفين -ومنهم أئمة أعلام- بإشكال في النصوص النحوية السابقة وشروحها. وسأحاول تقديم إسهام في هذا الباب ولكن بمنهجية جديدة، وهي إعادة صياغة القاعدة النحوية بطريقة أقرب إلى الواقع اللغوي وأيسر في التطبيق والاستعمال والصياغة. وأبدأ بهذا المقال الذي يقدم اقتراحًا لحل الإشكالات والصعوبات في عدة أبواب نحوية وصرفية، ويصوغ لذلك جملة قصيرة سهلة الفهم والتطبيق، ويمكن تعميمها في هذه الأبواب مع الدقة في مراعاة قواعد العربية المعيارية والشروط المنهجية؛ كالدقة والإحاطة والشمول والاطراد. وسأعيد ترتيب 3 أبواب في الدراسات اللغوية بطريقة تساعد في ضبط إجراءات الصياغة الصحيحة الفصيحة، وهي إسناد الفعل الناقص أي المعتل اللام -مثل قضى والتقى- إلى الضمائر، وتثنية الاسم المعرب المقصور المختوم بألف -مثل ملتقى- وجمعه، وتثنية الاسم المعرب المنقوص المختوم بياء -مثل المحامي والمعتدي- وجمعه. ويقترح هذا المقال جمع هذه الأبواب في باب واحد هو اللواحق، وهي حروف تزاد في آخر الكلمة لإضافة وتوليد معان جديدة، كإضافة ألف ونون إلى "رجل" للدلالة على المثنى، وإضافة ألف الاثنين إلى "خرج" فنقول "خرجا" لإفادة أن الفاعل مثنى، وإضافة "واو ونون" إلى "معلم" فنقول "معلمون" للدلالة على الجمع، وإضافة "ياء" إلى "اكتب" فنقول "اكتبي" للدلالة على أن الفاعل "مخاطبة". وإضافة اللواحق -كما ترى- إلى الكلمات المختومة بحرف صحيح لا إشكال فيها، ولكن إذا كانت الكلمة مختومة بحرف علة؛ "ألف" أو "واو" أو "ياء"، فإنها تحتاج إلى إجراءات تصريفية إضافية. للتسهيل والتيسير، نصوغ قاعدة جامعة تحل الإشكال في 3 أبواب، فنقول إن اللاحقة إذا كانت "ألفا" فإنها تَقلب الألف في آخر الكلمة ولا تؤثر في "الياء" ولا "الواو"، وإن اللاحقة إذا كانت "واو مد" أو "ياء مد" فإنها تحذف ما قبلهما دائما. وقد عانى الدارسون من صعوبات في هذه الأبواب بسبب كثرة التفاصيل في كتب النحو والصرف عند الحديث عن كلمة آخرها حرف علة تضاف إليها لاحقة هي أيضا حرف علة، وذلك مثل إسناد "مضى" مثلا إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة، أو تثنية "فتى" أو جمع "فتاة"، أو جمع "المحامي" و"الملتقى". ويمكننا للتسهيل والتيسير نصوغ قاعدة جامعة تحل هذا الإشكال في 3 أبواب؛ فنقول إن اللاحقة إذا كانت "ألفا"، فإنها تَقلب الألف في آخر الكلمة ولا تؤثر في "الياء" ولا "الواو"، وإن اللاحقة إذا كانت "واوا" أو "ياء مد" فإنها تحذف ما قبلهما دائما. فمع الألف، نقول مثلا في "رمى" إذا أضفنا إليها ألف الاثنين "رميا"، وكذلك في "التقى" نقول "التقيا"، وفي "فتى" إذا أردنا التثنية نقول "فتيان" ويلحق بها "فتيين"، ونقول في "فتاة" إذا شئنا الجمع "فتيات". فقد رأينا أن الألف اللاحقة قلبت الألف في آخر الكلمة باطراد في إسناد الفعل للضمائر "التقيا"، وكذلك تثنية المقصور أي المختوم بالألف "فتيان" وجمعه "فتيات". ومع الواو، نقول في "قضى" إذا أسندناه إلى واو الجماعة "قضوا"، وفي اشتكى اشتكوا، وفي "رضي" نقول "رضُوا"، وفي "يدعو" نقول "يدعون"، وكذلك إذا أضفنا الواو والنون إلى الاسم لجمعه جمع مذكر نقول في المحامي "المحامون". وقد رأينا أن اللاحقة الواو حذفت الألف في "قضوا" والواو في "يدعو" والياء في "المحامي". ومع الياء، نقول في "تصغي" إذا أسندناه إلى ياء المخاطبة "تصغين" بحذف الياء في آخر الفعل بسبب اللاحقة "الياء" ، وكذلك في إسناد "تدعو" إلى ياء المخاطبة نقول "تدعين"، وقد رأينا أن الياء حذفت الواو، وكذلك نقول في "تنهى تنهين"، فالياء اللاحقة للمخاطبة حذفت الألف من آخر الكلمة. وقيدنا الياء والواو بالمد حتى لا يحتج علينا "بالمعتديين" مثنى "المعتدي"، لأن الياء هذه ليست مدا، فياء المد يكون ما قبلها مكسورا. وأضيف للحصر أن ضمائر الرفع المتحركة -أي تاء الفاعل ونون النسوة ونا الفاعلين- تأخذ حكم الألف؛ أي تقلب الألف ولا تؤثر في الياء والواو، فنقول في قضى قضيت وقضين وقضينا بقلب الألف، ونقول في رضي رضِيت ورضِين ورضِينا بلا تغيير في آخر الكلمة، ونقول في سرُو سروْتُ سروْنَ وسرونا بلا تغيير في آخر الكلمة. وتبقى تاء التأنيث التي تحذف الألف ولا تؤثر في الياء والواو فنقول رمَتْ واستدعَتْ ورضِيَتْ وسرُوَتْ. وبعدما تم لنا البيان، ورأينا اطراد القاعدة على نحو ما اقترحتها، بقي أن أفصل القول في القضية لنعرف حقيقتها وكيف وصلت إلى هذا المقترح بعد دراسة حصرية لجميع الحالات والأمثلة. ولما كان الأمر يتعلق بحروف الحركة، فقد مهدت لتوضيح إشكالات الصعوبة ببيان خصائص الصوائت التي أدت إلى ذلك في الأداء اللغوي، وأوجزت في تقسيم اللواصق إلى سوابق ولواحق وحشو، ثم ختمت بإعادة القاعدة وذكر جدول بتفاصيل الحالات. ما يعنينا في هذ المقال أن الصوائت تؤدي دورا نحويًا وصرفيًا وإعرابيا خطيرًا، ولذلك فإن النظر في تراثنا الصوتي واللغوي العربي يظهر أن العلماء اهتموا كثيرًا بحروف المد أي الحركات الطويلة الصوائت وهي أصوات الحركة، وتسمى الطويلة منها في العربية حروف العلة؛ أي الألف والواو والياء وقصيراتها الفتحة والضمة والكسرة. والصوائت تؤدي دورا كبيرًا في النظام الصوتي والصرفي والنحوي في اللغة الإنسانية، لما لها من أثر واضح في التنغيم وتجويد الصوت وتحقيق البيان والمتعة بمرونتها واستجابتها للتنوع والتلوين، فالفارق الكمي بين خطب وخاطب، والنوعي بينهما وبين خوطب؛ اكتسب من المرونة في التحول وأدى إلى توليد 3 معان إضافية، كما تعد أصوات الحركة نواة المقطع الصوتي ومركزه، وتتميز بأنها تتكون من ذبذبات أكثر عددا وانتظاما مما يجعلها أكثر وضوحا في السمع، كما تتميز بالحساسية المفرطة للتغيير لأن أقل عيب في النطق بها وأدنى خلل في إنتاجها تدركه الأذن سريعا فتنفر منه، وقد أدركت معامل اللغات هذه السمة في الصوائت فركزت في مناهجها على تعليم الحركات بدقة. وما يعنينا في هذا المقال أن الصوائت تؤدي دورا نحويا وصرفيا وإعرابيا خطيرا، ولذلك فإن النظر في تراثنا الصوتي واللغوي العربي يظهر أن العلماء اهتموا كثيرا بحروف المد أي الحركات الطويلة، حتى إن اهتمام النحويين العرب بالحركات سبق اهتمام علماء الأصوات أنفسهم، وقد امتلأت كتب النحو والتصريف بدراسة حركة الكلمات المعتلة بحيث لا يخلو باب من تفصيلات واستطرادات في الحديث عن أحوال هذه الكلمات والتغييرات التي تطرأ عليها مع أي إجراء لغوي لإضافة معنى جديد أو توليده. التوليد وأهم وسائل التوليد في اللغة العربية الاشتقاق والتركيب والإلصاق. فالاشتقاق يكون بصياغة لفظ واحد بتصرف وتحويل من لفظ آخر، كتحول "ضَرَبَ" الماضي إلى "ضرْب" المصدر، و"يناضل" المضارع إلى الأمر "ناضل". والتركيب يكون بمزج كلمتين لتكونا كلمة واحدة مثل "حضرموت" و"بعلبك" و"خمسة عشر" و"حيص بيص". والإلصاق يكون بإضافة أحرف في أول الكلمة، مثل إضافة الهمزة إلى "كرم" لتكون "أكرم"، وإضافة الهمزة والسين والتاء إلى "علم" لتكون "استعلم"، أو في آخر الكلمة كإضافة الألف والنون إلى "رجل" لتكون "رجلان"، أو إضافة الألف إلى "كتب" لتكون "كتبا"، أو في حشو الكلمة كإضافة ياء التصغير إلى "رجل" لتكون "رجيل". الكتابات الصرفية درجت على التقديم لاتصال الفعل بالضمائر بإيجاز عن تقسيم الفعل إلى صحيح ومعتل، كما درجت في تصريف الأسماء على إفراد فصول في باب التثنية والجمع للمنقوص والمقصور والممدود لما في هذه الأنواع من الكلمات من إجراءات خاصة في قبول العلامات اللواحق وغرضنا النظر في اللواحق، وهي في غالبها ضمائر متصلة بالأفعال والمشتقات الاسمية والحروف تحدث تغييرا في البنية الصرفية للكلمة بالإبدال والإعلال والحذف والقلب والإدغام أو فك الإدغام، مثل قضى قضيا قضوا قضيت قضينا، وغير الضمائر مثل قضت ودعت والقاضون والداعون. وواضح ما أحدثته اللواحق، سواء كانت ضمائر كالألف والواو أو غير ضمائر كتاء التأنيث والألف علامة الرفع في المثنى والواو علامة الرفع في الجمع، فقد حذفت الألف مع الواو وتاء التأنيث وقلبت ياء مع ألف الاثنين وتاء الفاعل ونا الفاعلين. ولغرضنا في المقال نقسم الكلمات التي تقبل اللواحق إلى صحيحة ومعتلة، واللواحق إلى متحركة وساكنة. وقد درجت الكتابات الصرفية على التقديم لاتصال الفعل بالضمائر بإيجاز عن تقسيم الفعل إلى صحيح ومعتل، كما درجت في تصريف الأسماء على إفراد فصول في باب التثنية والجمع للمنقوص والمقصور والممدود لما في هذه الأنواع من الكلمات من إجراءات خاصة في قبول العلامات، لأن علامة التثنية "الياء والنون أو الألف والنون" وعلامة جمع المذكر "الواو أو النون والياء والنون" وعلامة جمع المؤنث "الألف والتاء" كلها مفتتحة بحروف حركة تلي حرف الحركة في ختام المنقوص والممدود كما تلي الهمزة في الممدود. وقد رجعت إلى كتب الصرف للنظر في طريقة تناول هذه الحالة في الفصول السابقة، ولاحظت الآتي: كثرة التفصيلات والتفريعات والتقسيمات، كقولهم إذا أسند الناقص الماضي إلى الضمير الساكن، فإن كان الضمير الساكن ألفا نظرنا في عدد حروف الناقص لنعرف إن كان ثلاثيا أم غير ثلاثي، فإن كان ثلاثيا نظرنا في أصل لام الكلمة الواو أو الياء… إلخ. إحالة التطبيق بعد ذكر القاعدة إلى النظر في أبواب أخرى، كقولهم في إسناد الضمير الساكن إلى الفعل الناقص إذا أسند الماضي الذي آخره ألف إلى ألف الاثنين ردت لامه إلى أصلها. التمثيل بكلمات قليلة كالقول في الماضي الناقص فإن كانت لامه واوا مثل سرو وتمثيلهم للاسم المختوم بواو قبلها ضمة بسمندو وقمندو أو ما سمي بالفعل مثل يصحو ويغدو. كما نظرت في حالة الدارسين غير المتخصصين الذي يحتاجون إلى معرفة لغوية ضرورية لتحقيق الكفاية في الحديث الفصيح فلاحظت التالي: شيوع الخطأ في أبواب مثل إسناد الألف إلى الناقص الثلاثي "دعا"، فمعظم الإجابات كانت دعيا. تشابه الأخطاء؛ إذ كان الخطأ في إسناد دعا إلى ألف الاثنين شبيه بالخطأ في تثنية عصا عصيان أو عصاتان وعدم التمييز بين تثنية دعوة ودعوى. عدم إدراك المصطلحات مثل لام الناقص الثلاثي إذا أسند إلى ضمير الرفع الساكن. التوقف عند عبارات تشمل إحالات ترد اللام إلى أصلها. وبعد الوقوف على كل ما سبق، أعدت النظر في تفاصيل المعالجات الصرفية في 4 أبواب: التثنية والجمع وإسناد الفعل إلى الضمائر وكتابة الألف المتطرفة، مع النظر في الواقع اللغوي في الخطاب المعاصر، ورأيت أهمية دراسة هذه الأبواب لما يأتي: شيوع أمثلتها في لغة الخطاب. كثرة الأخطاء فيها على ألسنة المتحدثين والكتاب وتشابهها كما بينت سابقا. تكرار الإجراءات الصرفية والمعالجات اللغوية بين هذه الأبواب. الخلاصة لقد انطلقت من الملاحظة الأخيرة نحو صياغة قاعدة عامة في جملة قصيرة تبدد إشكالات الصعوبة في هذه الأبواب، فقلت إن الألف اللاحقة تقلب الألف ولا تؤثر في الياء والواو، وأن واو المد وياء المد تحذفان ما قبلهما. وأؤكد أن هذه القاعدة تطرد في جميع الأبواب المذكورة وتقدم حلا شاملا للصعوبة في إسناد الفعل إلى الضمائر وتثنية المقصور والمنقوص وجمعهما وكتابة الألف. وتقوم هذه القاعدة على إعادة ترتيب هذه الأبواب لتدرس تحت عنوان اللواحق الساكنة للكلمات المعتلة. ولإتمام القاعدة نسجل 3 ملاحظات ظاهرة كلها: الأولى: الألف الثالثة عندما لحقتها الألف قلبت واوا في عصا عصوان وعصوات ودعا دعوا بالرد إلى الأصل. الثانية: أن الألف قبل الواو حذفت وبقيت فتحة تفرق بين دعوا من دعا ورضُوا من رضي. الثالثة: الياء اللينة التي لم يكسر ما قبلها غير المد ولذلك لم تؤثر وقلنا المعتديين. عبد الرافع محسن

الموضوع الأصلي: تيسير النحو.. كيف تتصرف مع الكلمة المنتهية بحرف علة؟ || الكاتب: نجوى الروح || المصدر: منتديات هبوب الجنوب

www.h-aljnoop.com

كلمات البحث

برامج | سيارات | هاكات | استايلات | أكواد | الوان مجموعات | برمجه | منتديات عامه | العاب

موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

كل الشكر و التقدير على
المرور و الرد

تحاياي

لكم من الابداع رونقه
ومن الاختيار جماله
دام لنا عطائكم المميز والجميل

قل مميز بوركت جهودك

تحيه معطرة بالورد
اهديها لكم على هذا الموضوع القيم
راق لي جداا ماقرأته هنا
شكرا لكم على جمال طرحكم
ننتظر جمالا كهذا الجمال وأكثر
أطيب التحايا وارق المنى

اهنيك ع الذوق
إبداع في الطرح وروعة في الإنتقاء
وجهداً ملحوظ تشكر عليه
دمت بروعة طرحك
أكاليل الزهر أنثرها في متصفحك