قصيدة (دمع جرى) هي قصيدة لأبي الطيب المتنبي بن الحس..ين، الشاعر المجيد والفارس
الشجاع، وعدد أبياتها 39، وقد تعد من أشعاره النادرة
التي نظمها في الهوى والعشق والصبابة، والإفصاح
عن لواعج القلب، وتحمل في طياتها سمات الشعر
الغزلي العفيف، المشوب بالخوف والحيطة
والحذر، لأن المعشوقة من بيت أكابر، ولان
قصائده في شموليتها تتغنى بمشاعر الكبرياء
والشجاعة والفخر، وكرامة النفس، وتصبو
لتحقيق الأماني الصعاب، والطموح
الى السؤدد والمجد
وأغلب الظن ان المتنبي الذي لم يعرف العشق طريقا
الى روحه، وقع صريع عشق جارف سكن مهجته
[لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتِ فاعلةٌ
ولا لقاءُ عدوَّي مثلَ لُقياكِ
لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي
ما نالَ مِنَّيَ ما نالتْهُ عيناكِ]
وقد نظم هذه الاشعار القليلة في خولة أخت
سيف الدولة، التي يرجح ان يحدث بينهم تحاب
لم يود الافصاح عنه، لعدة دواع أمنية، ولأن
نظرته للعشق كانت سامية جدا، هو الذي
قضى عمره في البحث عن الإمارة، وروحه
لا تعشق إلا ما دون السماء، و(لا يُقنِعُ اِبنَ عَليٍّ نَيلُ مَنزِلَةٍ)،
زيادة على أنه لم يعرف العشق ولم يحب في
حياته امراة أخرى
(وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا)
والقصيدة التي بين أيدينا ، ملآى بالإيحاءات
والتلميحات على ان المعشوقة من بيت سلطان
وجاه، ومن حاشية سيف الدولة الذي يأتي
التلميح لاسمه مرات، دون القدرة على الافصاح
والتصريح بإسمها الصريح مخافة بطش وغضب
أخيها سيف الدولة، الذي كان يقربه، اليه
مع ابي فراس الحمداني ابن عمه
[هامَ الفُؤادُ بِأَعرابِيَّةٍ سَكَنَت
بَيتاً مِنَ القَلبِ لَم تَمدُد لَهُ طُنُبا
مَظلومَةُ القَدِّ في تَشبيهِهِ غُصُناً
مَظلومَةُ الريقِ في تَشبيهِهِ ضَرَبا
بَيضاءُ تُطمِعُ فيما تَحتَ حُلَّتِها
وَعَزَّ ذَلِكَ مَطلوباً إِذا طُلِبا
كَأَنَّها الشَمسُ يُعيِي كَفَّ قابِضِهِ
شُعاعُها وَيَراهُ الطَرفُ مُقتَرِبا
مَرَّت بِنا بَينَ تِربَيها فَقُلتُ لَها
مِن أَينَ جانَسَ هَذا الشادِنُ العَرَبا
فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت كَالمُغيثِ يُرى]