د. محمود أبو فنه
شاءت الصدف أن أشاهد لقاءً في
إحدى قنوات التلفزيون تطرّق إلى
قضيّة حقّ
المرأة الشرعيّ في الميراث
كما نصّ عليه حكمُ الشرع:
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
"يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ...
" (سورة النساء - 11)
ويقول تبارك وتعالى في محكم التنزيل:
"وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ
وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " (سورة النساء - 176)
ولفت نظري في ذلك اللقاء، بشكل خاصّ،
ما ذُكِر عن وجود قانون سُنّ في مصر يجرّم
(يعاقب) كلّ من يحرم
المرأة (أو الرجل)
من حقّها الشرعيّ في الميراث!
والمؤسف، أنّ ظاهرة حرمان
المرأة من
حقّها الشرعيّ في
الميراث لا تقتصر
على فئة محدودة في المجتمع، وعلى
طبقة معيّنة دون غيرها، بل تكاد أن تكون عامّة
تشمل الغالبيّة الساحقة من المواطنين،
حتّى أولئك الذين يحرصون على أداء
أركان الإسلام الخمسة بحذافيرها!
وهنا يتبادر للذهن أكثر من سؤال:
كيف يقبل المسلم المؤمن أن
لا يُطيع
كتاب الله وشرعه؟!
فالله، تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه:
"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا " (سورة الأحزاب - 36)
والآية التي تنصّ على حقّ
المرأة صريحة
واضحة لا لبس فيها!
كيف يبيح المسلم المؤمن لنفسه أمرًا
يناقض ما أمرنا به الله سبحانه وتعالى؟!
كيف يتباهى المسلم المؤمن بتمسّكه
بالدين وبشعائره وهو، في الوقت نفسه،
يتنكّر لما أحلّه الله للمرأة من حقّ في الميراث؟!
والعجيب الغريب، أن نجد المرأة، أحيانًا،
تتنازل عن حقّها الشرعيّ في
الميراث
لأخوتها خجلا وحياءً منهم، وحفاظًا
على صلة الرحم كي لا تنقطع!!
وأحيانًا، يلجأ الأخوة إلى أساليب وحلول
بعيدة عن العدل وبعيدة عن الدين
والشرع، كأن يقوموا بتقديم "الفُتات"
الزهيد من المال أو الهدايا لأختهم
عوضًا عما تستحقّ من ميراث شرعيّ!
في رأيي، يجب أن لا يُسكت عن هذه
الظاهرة المجحفة للمرأة التي تسبّب
الضغينة والحقد بين أعزّ الناس!
أناشد رجال الدين من قضاة وأئمّة
ووعّاظ، كلّ في موقعه، ممارسة نفوذهم،
وإسماع صوتهم، لتطبيق ما نصّ عليه
ديننا الحنيف في الالتزام بحقّ
المرأة في الميراث!
وأهيب بالمرأة – طالبي بحقّك الشرعيّ
في الميراث، ولا حياء ولا خجل أن
ترفضي هذا الإجحاف، بل الخجل والحياء
لمن يتنكّر لهذا الحقّ!
أيّتها
المرأة – لا ترضَي بالفتات الزهيد
عوضًا عن الحقّ الكامل في الميراث!
وليعلم الجميع أن صلة الرحم الحقيقيّة
لا تقتصر على زيارات المعايدة أو في
المناسبات، بل تتحقّق باحترام
المرأة
وبمنحها حقوقها الكاملة بلا انتقاص!