في عصور ازدهار الحضارة العربية
اهتم الكتاب والأدباء والعلماء بالخلق
والإبداع. في الفلسفة والشعر والتاريخ
والفلك والطب وكل فروع من
فروع العلم والأدب.
عندما بدأت الشمس العربية في
الغروب ملئت ملايين الصفحات شروحًا
وهوامش وحواشي وتعليقات ونظمًا
واختصارًا وتطويلاً.
في بداية النهضة العربية الحديثة
شرعنا نقرأ إبداعا آخر في فنون
الشعر والرواية والقصة ونحوها.
عندما بدأت الأرض -وا أسفاه!-
تزلزل من تحتنا تحولنا إلى
نقاد.. نقد.. نقد.. نقد.
ما الفرق؟
حولنا اسم (الشرح) و(التعليق) إلى
اسم (النقد) واتكأنا على مقاعدنا الوثيرة مستريحين.
الحضارة والثقافة الحقيقية تعني (في).
في المسرح، في القصة، في الشعر،
في الفكر. أي: الخلق -الإبداع- أعطني
شيئا في الاقتصاد، في الطب، في
الكيمياء، في الفلسفة، في أي شيء.
هذه ثقافة وحضارة.
(عن) تعني العيش على نتاج الآخرين.
كالعلق يمتص دم غيره ليحيا به. نحن
نتحدث كثيراً (عن) كل شيء. نقاد لكل
شيء. مجرد شراح ومهمشين ومعلقين
ونظامين.. تمامًا كيوم غربت الشمس العربية.
ندوة (عن) مشاكل المسرح، عن قضايا
الأدب، عن معضلة النص،
(عن مفهوم الانزوائية المنخرطة
في طموحات الانغماس التلقائي العالمي)!