اختلف أهل العلم في "ما الذي يوزن؟" على أقوال:
القول الأول: أن الذي يوزن: العمل.
واستدلوا بـِ: حديث أبي هريرة رضي الله عنه السّابق، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ".
وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ"[1]. القول الثاني: أنَّ الذي يوزن: العامل. واستدلوا بـِ: بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ "[2].
وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان دقيق الساقين، فجعلت الريح تلقيه، فضحك القوم منه، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم "مِمَّ تَضْحَكُونَ" قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ فَقَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُد"[3]. والقول الثالث: أن الذي يوزن: الصحف. واستدلوا بـِ: حديث البطاقة.
والأظهر - والله اعلم -:
أن كل ذلك يوزن العمل، والعامل، والصحف؛ لدلالة الأدلة عليها جميعًا.
قال ابن كثير رحمه الله: " وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحًا فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها والله أعلم "[4]، واختاره الحافظ حكمي[5]. مستلة من: "فقه الانتقال من دار الفرار إلى دار القرار"
[1] رواه أحمد برقم (27553)، رواه أبو داود برقم (4799) رواه الترمذي برقم (2002)، وقال (هذا حديث حسن صحيح). [2] رواه البخاري برقم (4729)، رواه مسلم برقم (2785). [3] رواه احمد برقم (3991). [4] انظر: تفسيره (3 /202). [5] انظر: معارج القبول (2 /272).