14-07-2021
|
#27
|
المبحثُ الأوَّل: حُكْمُ عَقْدِ النِّكاحِ للمُحْرِم
يَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ على المُحْرِمِ، ولا يصِحُّ، سواءٌ كان المُحْرِمُ الوَلِيَّ، أو الزَّوجَ، أو الزَّوجةَ، ولا فديةَ فيه، وهذا مَذْهَبُ الجُمْهورِ: المالِكِيَّة (1) ، والشَّافِعِيَّة (2) ، والحَنابِلَة (3) ، والظَّاهِريَّة (4) ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ (5) .
الأدلَّة:
أ- أَدِلَّة تحريمِ النِّكاحِ وعَدَمِ صِحَّتِه
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم يقول: ((لا يَنكِحِ المُحْرِمُ، ولا يُنكِحْ، ولا يَخْطُبْ)) (6) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه منهيٌّ عنه لهذا الحديثِ الصَّحيحِ، والنهيُ يقتضي الفسادَ (7) .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ((أنَّ أباه طَرِيفًا تزوَّجَ امرأةً وهو مُحْرِم، فردَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ نكاحَه)) (8) .
2- عن نبيه بنِ وهبٍ: أنَّ عُمَرَ بنَ عُبَيدِ اللهِ أراد أن يُزَوِّجَ طلحةَ بنَ عُمَرَ بنتَ شيبةَ بنِ جُبيرٍ، فأرسل إلى أبانَ بنِ عُثمانَ ليَحْضُرَه ذلك، وهما مُحْرِمان، فأنكر ذلك عليه أبانُ، وقال: سَمِعْتُ عثمانَ بنَ عفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه يقول: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّم: ((لا يَنْكِحِ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحْ وَلا يَخْطُبْ)) (9) .
ورُوِيَ ذلك: عن عليٍّ وابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهم، وليس يُعْرَفُ لهما من الصَّحابَة مخالِفٌ (10) .
ثالثًا: إجماعُ أهْلِ المَدينةِ
عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ: ((أنَّ رجلًا تزوَّجَ وهو مُحْرِمٌ، فأجمَعَ أهلُ المدينةِ على أن يُفرَّقَ بينهما)) (11) .
رابعًا: أنَّ الإحرامَ معنًى يَمنَعُ مِنَ الوَطءِ ودواعيه، فوجَبَ أن يَمْنَعَ من النِّكاحِ، كالطِّيبِ (12) .
خامسًا: أنَّه عقدٌ يمنعُ الإحرامُ مِن مقصودِه وهو الوَطْءُ، فمُنِعَ أصلُه، كشِراءِ الصَّيْدِ (13) .
ب- أَدِلَّةُ عَدَمِ وجوبِ الفِدْيةِ فيه
أوَّلًا: عدمُ الدَّليلِ على وجوبِ الفِدْيةِ، والأصلُ براءةُ الذِّمَّةِ (14) .
ثانيًا: أنَّه وسيلةٌ، وغيرُه- أي: مِنَ المحظوراتِ الأخرى- مقصِدٌ، والذي يُجبَر إنَّما هو المقاصِدُ (15) .
ثالثًا: أنَّه فَسَدَ لأجلِ الإحرامِ، فلم يجِبْ به فديةٌ، كشِراءِ الصَّيدِ (16) .
|
|
|
|