منتديات هبوب الجنوب - عرض مشاركة واحدة - (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير
عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-2014   #6


الصورة الرمزية سلطان الشوق

 
 عضويتي » 3309
 جيت فيذا » Mar 2014
 آخر حضور » 24-07-2021 (01:00 AM)
آبدآعاتي » 96
 حاليآ في »
دولتى الحبيبه »
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » سلطان الشوق is on a distinguished road
اشجع shabab
مَزآجِي  »
 

سلطان الشوق غير متواجد حالياً

افتراضي رد: (أحلام ) قصة رائعة * كاملة/ بقلم/ رشا الصغير



6)
الحفل



كرنفال من الألوان والأضواء المبهرة تسطع فى حينا الذى تألق احتفالا بخطوبة إحدى بناته .. الصخب يعلو والأصوات تتداخل والأطفال يتصايحون دون توقف .. لحظات من سعادة بمفهومهم لا تكتمل دون هذا الضجيج القادر على تفتيت خلايا عقلى كلها

تناولت قرص مسكن عله يخفف تلك الآلام التى تتملكنى .. جلست وقد وضعت رأسى بين يدى وأسبلت عينى فى محاولة يائسة لجلب بعض الراحة لنفسى .. ظللت على حالتى تلك للحظات قبل أن أفتح عينى فارتطمت بأمى التى تقف أمامى ناظرة إلىّ تلك النظرة التى تمزقنى .. لابد أنها فهمت وضعى هذا بشكل خاطىء .. ابتسمت بوهن وأنا أقول

- ماتخافيش يا ماما شوية صداع .. هابقى كويسة كمان شوية

نظرت لى بحزن قبل أن تقول
- لو مش عايزة تروحى .. بلاش خليكِ مرتاحة

بالطبع يا أمى .. أتمنى ألا أذهب هناك .. ألا أقابل من يرشقونى بنظراتهم الجارحة .. من يقتلونى بكلماتهم السامة .. من يمنحوننى حكما بالإدانة لاتهامى بالعنوسة مع سبق الإصرار .. رغم كونى لم أصر عليها يوما ولم أتمسك بها لحظة واحدة .. أى قاض فى تلك الحياة قادر على تحريرى من خلف قضبان ظلمهم ومنحى حريتى كاملة

هززت رأسى ببطء وأنا أقول
- لا يا ماما أنا جاية معاكِ نعمل الواجب .. لحظات بس عشان أجهز

على عكس ما تفعل الفتيات عادة فى تلك المناسبات .. قمت بارتداء ملابس بسيطة وأنيقة فى ذات الوقت .. وزينت وجهى بلمسات هادئة تكاد لا ترى .. نظرت لنفسى وابتسمت لصورتى وأنا أدعوها لتتماسك وأن لا تظهر الضيق لما قد يقابلها فقد اعتدته على كل حال .. لحظات وكنا ثلاثتنا أنا وأمى ومى نخطو إلى بيت العروس حيث الحفل البهيج

يا الله .. أفواج من البشر .. كيف اتسع لهم ذلك البيت الصغير .. اندفعت أمى تشق أمواج البشر القابعة خلف الملابس الزاهية وأنا خلفها ممسكة بيد (مى) حتى لا يدهسها هذا الطوفان .. وأخيرا وصلنا لأم العروس التى كانت تقف فى فخر وشموخ وهى تستقبل التهانى من الأقارب والجيران .. سلمنا عيها وألقينا الكلمات المعهودة التى لا أظنها قد سمعتها لفرط الصخب المحيط بنا .. جلسنا بأعجوبة على مقعدين متجاورين بالقرب من مكان العروس التى لم تحضر بعد

وجوه كثيرة .. أعرف البعض منها وأجهل أكثرها .. تتباين الملامح وتختلف القسمات وتتلاقى جميعا فى اختفاء حقيقتها خلف عدة كيلوجرامات من الطلاء الملون الذى تعشقه النساء .. ويفرطن فى نقشه بسخاء على وجوههن فى تلك المناسبات الهامة وكأنه جواز مرورهن إليها ومن دونه فربما لن يتمكن من الشعور بالفرح

آه أيها الفرح .. كم من الجرائم تُرتكب باسمك
صخب وضجيج وتبرج وتبذير كلها تدعى أنها تنتمى إليك وأنت منها برىء

تشاغلت بتأمل الوجوه الملونة بطريقة غير مباشرة حتى لا أصطدم بنظرة لا أريد رؤيتها أشد حلكة من كحل صاحبتها .. أو من شفاة تصطبغ بالأحمر وتلقى بابتسامتها الصفراء نحوى .. لا أدرى لماذا تحولت إلى محور الكون فى هذا الحى؟ .. لست الآنسة الوحيدة هنا أم لكونى أكبر فتياته عمرا وما زلت أحمل اللقب اللدود

هل كبرت عليك حقا؟ .. هل ضاقت حروفك بى وتتمنى لفظى من داخلها؟ .. ألم تعد تناسبنى أبدا .. فماذا أفعل لك إذن .. ماذا أفعل لكم جميعا لأنال بعض من رحمة قد هجرت قلوبكم

- عقبالك يا أحلام

اخترقت الكلمة أذنى للمرة العشرون أو الثلاثون أو ربما المائة .. وكل مرة تصل لمسامعى رغم الضجيج من حولى .. وكأنه يخفت خصيصا ليصلنى كل حرف منها .. هززت رأسى بابتسامة زائفة وأنا ابتلع فى صمت ما ترمى إليه

وصلت العروس أخيرا .. صوت أبواق موكب السيارات يمتزج بصياح الأطفال معلنا ذلك .. وبعد فترة دخلا العروسان ومرا بين الحضور حتى جلسا فى مكانهما والعيون كلها تتابعهما فى شغف وتتباين المشاعر بين فرح وانبهار وحسد

كانت سمر تبدو أجمل من المعتاد .. اختفت بشرتها الخمرية خلف الطلاء الساحر فأصبحت ناصعة البياض .. وتبدو عينيها أكثر اتساعا من حقيقتها .. وتتألق شفتيها المصطبغة بطلاء رقيق يماثل فستانها الوردى الأنيق فى لونه الهادىء

ما أجمل أن تكونى عروس تلتف حولك العيون ولا تبالى وقتها لكل نظرة وما تحمله من معان .. فقد عبرتِ ذلك الحاجز الذى يسجنكِ خلفه وجاء الفارس ليعبر بكِ جسر الأحلام إلى حيث واقع أكثر جمالا .. تجنبت النظر إلى فارسها حياء .. ليس من اللائق التفحص فى ما يخص الآخرين .. أليس كذلك؟

- شفتى يا أحلام .. عريس زى القمر .. والله أحلى من سمر بكتير .. يا بختها


التفت نحو سوما التى نطقت بعبارتها فى حسد واضح وهى تحدج سمر بنظرة نارية تنافس أصباغها جميعا توهجا وقوة .. هززت رأسى بصمت وأشحت بوجهى عنها بينما توجهت هى بخطوات الطاووس نحو سمر وقد أتقنت وضع قناعها الزائف وهى تسلم عليها وتمنحها قبلة باردة

يبدو أن أحدا لن يرتاح فى هذه الحياة .. نحن مهووسون بالآخرين .. نراقبهم .. ننقدهم .. نتفنن فى اكتشاف نواقصهم وكأننا ضمنا الكمال لذواتنا التى يراقبها آخرون دون أن ندرى وتدور الدائرة الأبدية .. يا لطبائع البشر العجيبة

أخذتنى أفكارى بعيدا عن كل شىء وارتفعت بى عن الصخب والضجيج والأقنعة الزائفة والمشاعر المفتعلة والكلمات المجردة من الإحساس حتى أننى لم أشعر بأمى وهى تجذبنى من يدى لنبارك للعروس .. وجدتنى أمامها فجأة .. نفضت عنى شرودى وأنا أمد يدى نحوها وأتمتم بعبارات المباركة المعهودة وأنا أتساءل داخل نفسى .. هل كنت صادقة حقا .. أم ترانى انضممت لركب البشر ووضعت القناع على وجهى دون أن أشعر؟!




رد مع اقتباس