قال
روح التميمي : استمرارا لمشروعنا الضخم في نشر
قصائد الحب العازفة على لحن المشاعر , وبعد نجاح الجزء الأول منه المتمثل بموضوع (أحلى
قصائد الحب) المنشور في كل من المجلس الأدبي , ومجلس مطلة
رأت الزميلة الشاعرة الناقدة الأستاذة
ريمية أن نكمل المسيرة بنشر
قصائد الحب النبطية . فراقت لي الفكرة , ورأيتها تمثل سفرا ثانيا لا بد منه من هذا المشروع .. ثم طلبت إلي أن أبدأه على غرار الموضوع السابق , فلم أقبل .. لأنها صاحبة الفكرة وراسمة خطتها , وهي شريك كامل الشراكة في هذا المشروع , لكنني طلبت منها أن تأذن لي بالتقديم , لأطرح بعض الأفكار النقدية المتعلقة بالشعرين النبطي والفصيح , لأن رأس هذا الموضوع هو ـ حسب تقديري المكان المناسب لطرحها ـ فوافقت مشكورة .. ولعل من نافل القول التأكيد على أن هذا الموضوع ليس لنا فيه سوى الاختيار والجمع والترتيب وإعادة النشر , وهي أمور ليست يسيرة أيضا ..
والشعر النبطي كما لا يخفى على ذي بصر من المتذوقين يعيش هذه الأيام أزهى عصوره فقد أتيح لشعرائه من فرص التألق والتجديد ما لم يُتح لسابقيهم , ولا لغيرهم من شعراء الفصحى فقد حظوا ـ ولازلوا يحظون ـ باهتمام إعلامي منقطع النظير , لكنه اهتمام مؤسس على منظور اقتصادي لا ثقافي .. وقد أسهم هذا الاهتمام في تطوير أدواته وتقنياته وأساليبه وألفاظه ومعانيه .. كما أسهم في نشره وتسويقه .. ولذلك كثر الشعراء والمبدعون فيه كثرة لافتة للنظر .. وتجاوز ـ للأسف ـ في الشعرية والعمق والإبداع أصله وأساسه الشعر الفصيح , الذي لم يعد له ذلك الرونق الباهي هذه الأيام .. تجاوزه تجاوزا لا ينكره إلا مكابر أو قليل اطلاع .
ولست أرى ـ كبعض الغيورين ـ أن الاهتمام بالشعر النبطي هو وحده الذي أدى بالشعر الفصيح إلى الضعف , وإن كان سببا قويا في الوصول إلى هذه النتيجة المرة .. وإنما الشعر جزء من منظومة معقدة مرئية وغير مرئية .
ومن أبرز أسباب انحدار الشعر الفصيح هذه الأيام ـ حسب تصوري ـ كثرة قيوده , وخصوصا القيود اللغوية .. فلا يستطيع حتى الموهوبون من غير العارفين بضوابط اللغة أن يُنتجوا شعرا يعانق الإبداع ولو كانوا من الملهمين .. هذا هو الأصل حسب تصوري .. لذلك فإن المبدعين من شعراء الفصحى سيظلون قلة بالنظر إلى نظرائهم من شعراء النبط .
ولعل من أبرز أسباب كثرة الشعر والشعراء النبطيين زيادة على ما سبق , أن الشاعر النبطي عندما ينظم يعبر بلغته الدارجة التي يتكلم بها , ويتواصل بها مع الآخرين , أما الفصحى فأصبحت ـ ولشديد الأسف ـ عند غير المهتمين المتعلين تمثل لغة أخرى كأنها أجنبية .. وإذا كان اللهجات سائدة قبل عصرنا الحاضر ولم تؤثر هذا التأثير السلبي الذي نشهده هذه الآن على الفصحى , فإن الهجمة عليها لم تعد دعاوى نظرية , بل أصبحت برنامجا عمليا يمارس بكل إصرار , وأصبح للأسف مدعوما دعما حكوميا أو شبه حكومي , من قبل بعض المتنفذين الذين ذللوا في سبيل تنمية مواردهم الاقتصادية كل العقبات , وأطاحوا بكل القيود , وعلى رأسها القيود الفكرية والأخلاقية .. وقديما قال المؤرخ الأدبي الكبير رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة المرحوم
شوقي ضيف , جوابا عن سؤال حول ضعف أداء المجمع : إن ما نبنيه في سنوات تهدمه القنوات اللبنانية في ساعات ! .. وكان هذا الكلام في بداية ظهور الفضائيات , ولو كان حيا الآن ورأى ما تفعله القنوات اللبنانية والمتلبننة ـ وما أكثرها ـ لربما مات كمدا وحزنا !
.. ثم أعود إلى هذا الموضوع وأقول : نظرا لكثرة الشعر الغزلي في النبطي كثرة لا يحدها جمع فإننا سنركز منه على ما يعبر المشاعر , وسنتجاوز ما يتعلق بالوصف الحسي , لذلك سيكون معظم ما سينشر هنا من الشعر الحديث , فهو الأكثر تركيزا على هذا الجانب الممتع .. لذا أدعو جميع المشاركين معنا إلى حسن الاختيار , وانتقاء النماذج الجيدة من القصائد بغض النظر عن قائليها ..
نريد أن نسجل هنا أنّت العشاق , وصرخاتهم الحزينة , وشكاواهم , وعتابهم , وحنينهم , وآلامهم , وآمالهم .. وكل ما عبروا به عن مشاعرهم تجاه المحبة والحبيب .. نريد أن نتلذذ بأحزانهم وأفراحهم , نتذوق أساليبهم المدهشة في التعبير , وصورهم الساحرة , ومفرداتهم الذائبة , ومعانيهم المبتكرة , وعواطفهم المتأججة .. نريد أن نقدم نماذج راقية من فن التعبير بالكلمة ..
ثم إني سأبدأ بطرح عدد من القصائد القديمة التي أسعفتني بها الذاكرة خلال الفترة القليلة التي سبقت طرح الموضوع بادئا بشيخ المتغزليين النبطيين وإمام الشعر النبطي المرحوم محسن الهزاني ..
شكرا للزميلة الشاعرة الناقدة الأستاذة
ريمية على هذه المبادرة الجميلة , وشكرا لها على دعوتي إلى الإسهام في هذا المشروع بصفة شريك , وشكرا لها كذلك على منحي فرصة التقديم للموضوع .. وأرجو أن أرى هذا المشروع وقد اكتمل بالصورة التي نطمح إليها كما اكتمل أو كاد مشروعنا السابق
أحلى قصائد الحب الفصيحة ..
وللجميع كل التحية والتقدير