منتديات هبوب الجنوب

منتديات هبوب الجنوب (http://www.h-aljnoop.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ هبوب نفحات إيمـــانيــة ۩۞۩ (http://www.h-aljnoop.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   الاستقامة والثبات على الطاعات (http://www.h-aljnoop.com/vb/showthread.php?t=47586)

جوري 26-05-2022 11:53 PM

الاستقامة والثبات على الطاعات
 
فعبادة الله تعالى لا تختص بوقتٍ دون وقتٍ، أو زمانٍ ومكانٍ دون آخر -وإن تأكد الاجتهاد في الطاعة والاستزادة منها في بعض الأزمنة والأمكنة الشريفة-، وليست العبادة مقتصِرة على مواسم أو أوقاتٍ، فإذا ما انقضت عاد الإنسان إلى سيرته السابقة مِن الغفلة والتقصير؛ فليس شأن المؤمن أن يعبدَ اللهَ في حالٍ دون حالٍ، أو وقتٍ دون وقتٍ؛ كأن يجتهد في طاعة الله في رمضان ثم يترك ذلك بعد انتهائه؛ فإن ربَّ رمضان هو رب شوال ورب سائر العام.

"قيل لبِشْر الحافي: إن قومًا يتعبدون ويجتهدون في رمضان، فقال: *بئس القوم لا يعرفون لله حقًّا إلا في شهر رمضان! إن الصالح الذي يتعبَّد ويجتهد السَّنة كلها.

وسُئِل الشبلي: أيما أفضل رجب أم شعبان؟ فقال: كن ربانيًّا، ولا تكن شعبانيًّا! كان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة" (لطائف المعارف).

وشأن المؤمن أنه يستقيم على طاعة الله، ويتقلب في مراحل عمره بيْن أنواع العبادات والقربات لله -عز وجل-، فما أن يفرغ مِن عبادة إلا ويشرع في عبادة أخرى، "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ".

ومِن علامات قبول الأعمال الصالحة: أن يَثبت العبد على الطاعة ويوفـَّق للمداومة عليها.

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إن مِن جزاء الحسنة الحسنة بعدها، ومِن عقوبة السيئة السيئة بعدها".

والاستقامة من الكلمات الجامعة المانعة: كالبرِّ، والخير، والعبادة؛ فهي لها تعلُّق بالقول، والفعل، والاعتقاد.

والاستقامة في اللغة: ضد الاعوجاج والانحراف، فالشيء المستقيم هو المعتدل الذي لا اعوجاج فيه، وهذا يأتي في الحِسِّيَات؛ تقول: هذا طريق مستقيم، وهذا طريق مُعْوَجٌّ.

وهي في الشرع: الوفاء بالعهود كلها، وملازمة الصراط المستقيم برعاية حدِّ التوسط في كلِّ الأمور، من الطعام والشراب واللباس، وفي كل أمر ديني ودنيوي؛ فذلك هو الصراط المستقيم، كالصراط المستقيم في الآخرة (انظر: التعريفات للجرجاني).

والاستقامة تتضمن أمرين:

الأول: السَّير على الصراط المستقيم.

والثاني: الثبات والاستمرار على هذا الصراط القويم حتى الممات، كما قال الله تعالى: "وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، *فَلْتَأْتِهِ *مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" (رواه مسلم).

قال ابن كثير رحمه الله: "وَقَوْلُهُ: (وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أَيْ: حَافَظُوا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي حَالِ صِحَّتِكُمْ وَسَلَامَتِكُمْ لِتَمُوتُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْكَرِيمَ قَدْ أَجْرَى عَادَتَهُ بِكَرَمِهِ أَنَّهُ مَنْ عَاشَ عَلَى شَيْءٍ مَاتَ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى شَيْءٍ بُعث عَلَيْهِ، *فَعِيَاذًا *بِاللَّهِ *مِنْ *خِلَافِ ذَلِكَ" (تفسير ابن كثير).

وقال بعض السَّلَف الصالح -رضوان الله عليهم-: "المستقيم على الصراط المستقيم كالجبل لا تحرقه النار، ولا يتأثر بالبرد، ولا تزعزعه الأهواء، بل هو ثابت مستقر في مكانه، وهكذا المسلم المستقيم؛ لا تغره الدنيا بزخرفها، ولا يلين مع الهوى، ولا إلى المال، ولو راودته نفسه؛ فهو مستقيم لا يتزعزع، مستقر على الطريق السوي مِن دنياه إلى آخرته" (شرح الأربعين النووية للشيخ عطية سالم رحمه الله).

فالاستقامة يدور معناها على لزوم طاعة الله تعالى والثبات عليها، وهي مِنَّة عظيمة، وكرامة مِن الله تعالى لعبده المؤمن، بل "إن لزوم الاستقامة هو أعظم كرامة" كما قَرَّر ذلك شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: "وَإِنَّمَا غَايَةُ الْكَرَامَةِ *لُزُومُ *الِاسْتقامة فَلَمْ يُكْرِمْ اللَّهُ عَبْدًا بِمِثْلِ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ، وَيَزِيدُهُ مِمَّا يُقَرِّبُهُ إلَيْهِ، وَيَرْفَعُ بِهِ دَرَجَتَهُ" (مجموع الفتاوى).

والعاقل يعلم أنه إنما خُلِق لحكمةٍ عظيمةٍ وغايةٍ جليلةٍ، وهي عبادة الله تعالى وطاعته؛ قال لله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا *لِيَعْبُدُونِ"، وقال عز وجل: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ".

والله عز وجل لم يجعل نهاية وحدًّا لطاعة العبد وعبادته لربه إلا انتهاء عمره وانقضاء أجله؛ قال الله جلَّ وعلا: "وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ"، وقال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: "وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا".

وقد أمر الله عز وجل صفوةَ خَلْقِه وعبادِه بالاستقامة، فقال لنبيين ورسولين من رسله الكرام موسى وهارون عليهما السلام: "فَاسْتقيما وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ"، وأمر بها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم في غير ما آية في كتابه الكريم، كما في قوله تعالى: "فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ".

وقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا" (رواه أحمد، وصححه الألباني). (لَنْ تُحْصُوا): أي: لن تحصوا وجوه الاستقامة كاملة.

وإن مما يتأكد من الطاعات التي ينبغي أن لا يقلع عنها المسلم بعد رمضان: الاستمرار على تلاوة القرآن العظيم، والاستغفار، وكثرة ذكر الله تعالى، وقيام الليل، وبذل الصدقات، والتطوع بالصيام.

وعن أبي أيوب الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" (رواه مسلم). أي: كصوم سنة في الأجر.

وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ صَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ كَانَ تَمَامَ السَّنَةِ، مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا" (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وقال: "صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ صِيَامُ سَنَةٍ" (رواه أحمد، وصححه الألباني).

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبْل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض مِن خللٍ ونقص؛ فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة، وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره مِن الأعمال".


نسأل الله أن يجعلنا من المستقيمين على طاعته ومرضاته، وأن يثبِّت قلوبنا على دينه
م

العذوب 27-05-2022 05:28 AM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 

http://ekladata.com/nc1i_Y3pIocHE5SSl1mqpymTqhg.png



باااارك الله فيك وفي جلبك وطرحك الطيب
وجزاك الله عنا كل خير
كتب لك اجر جهودك القيمه اشكرك وسلمت الاياااادي
مجهودا قييم تشكري عليه
لاتحرمينااا عطائك دمتي وتحيتي بانتظااار جديدك
تقديري لك وكوني بخير



http://ekladata.com/nc1i_Y3pIocHE5SSl1mqpymTqhg.png
























































نجوى الروح 27-05-2022 07:07 AM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
سلمت يداك على النقل المميز
لك وافر الشكر و التقدير


تحاياي

الوافي 27-05-2022 05:18 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
جزاك الله الجنه
وجعلها الله في موازين حسناتك

جوري 28-05-2022 12:09 AM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
اسعدني تواجدكم
يعطيكم العافيه

كايد الجرح 28-05-2022 12:46 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

أبو مشاري 29-05-2022 01:52 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك

جوري 29-05-2022 02:03 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
شكرا لحضوركم العطر

جنان الكلمة 30-05-2022 03:26 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
::: جوري :::
طرح غاية الاهميه
احسنتٍ جلب قيم ورائع
يعطيكٍ العافيه وبارك الله فيكٍ

دمتٍ في رعاية الله وحفظه


https://j.top4top.io/p_226155cep1.png

جوري 30-05-2022 06:46 PM

رد: الاستقامة والثبات على الطاعات
 
شُكرآ ع آلْمَرور آلعطر


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant