منتديات هبوب الجنوب

منتديات هبوب الجنوب (http://www.h-aljnoop.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ هبوب القرآن الكريم وعلومه ۩۞۩ (http://www.h-aljnoop.com/vb/forumdisplay.php?f=590)
-   -   خواطر قرآنية: سورة النور وقفاتٌ وموافقاتٌ (http://www.h-aljnoop.com/vb/showthread.php?t=50384)

الوافي 30-04-2024 08:46 AM

خواطر قرآنية: سورة النور وقفاتٌ وموافقاتٌ
 
﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ
أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3]
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا
فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]
قرأتُ في بعض التفاسير أن الآية الثانية تنسخ الآية الأولى

فمن قال هي منسوخةٌ سعيد بن المسيّب: حدَّثنا إسحاق
بن إبراهيم القطَّان قال حدَّثنا يحيى بن عبدالله بن بكير
قال: حدَّثني اللَّيث بن سعدٍ، قال: حدَّثنا يحيى بن سعيد بن قيسٍ الأنصاري
عن سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى:
﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ
أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾
قال: يزعمون أنَّها نسخت بالآية التي بعدها ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾
فدخلت الزانية في أيامى المسلمين"[1]
وقَالَ أَبو عبدالله مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ)

في قوله تعالى:﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةى ﴾
هذه الآية من أعاجيب آيات القرآن لأن لفظها لفظ الخبر
ومعناها معنى النهي"[2] وللعلماء فيها أقوال أربعة وقد فصلت
فيها العلماء وفي كتب التفاسير من يوافق حكم النسخ فيها
ومن رأى غير هذا الحكم .
فجلست إلى رحاب سورة النور أطلب بعض سرِّها بالفهم والتأمل

بالربط والفصل بين أحكامها والتمعُّن في قوله تعالى لعل قراءة
أحرفها تكشف مسألة النسخ هاهنا فوقفت على بعضٍ منها:
أولًا:
الزاني القائم بفعل الزنا والزانية القائمة بفعل الزنا فالحال

المضارع هنا الذي اصطحب فعلهما قرن الفاحشة بالشرك
فكانت أي علاقة قائمة في إطارهما تستوجب تشابه المنغمس فيهما
ثانيًا:
الزانية جاءت بالتعريف لا التنكير فتعيين الشخصية هنا التي

يطلق عليها فعل الزنا المتعارف عليها لفظًا وشخصًا ونفس الأمر
للزاني كأن يكون في البلدة من يحترف هذا الفعل فكان الحكم لهما
لا يقترنان إلا بشبيه لهما وجاء التخيير بين الشبيه والمشرك لعقيدة واحدة.
ثالثًا:
مجيء الاستثناء هنا (الزاني أو مشرك) جاء توضيحًا وتتمة للآية

فمن استثني من الارتباط بهما لا يحل لهما وهو المؤمن لا المسلم
وهذا ما يبرهن على أن العلاقة بين الزاني المحترف الزنا والمشرك عقدية
رابعًا:
جاء الفعل في قوله تعالى:
﴿ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 3]
فجاء الفعل على صيغة الماضي المبني للمجهول فلم يذكر لفظ
الفاعل (الله جل جلاله) تشريفًا وتعظيمًا وتنزيهًا عن ذكره
فانتقل الخطاب إلىفئة أخرى غير الفئة الأولى وهم المؤمنون
وفيها بلاغة حيث تسليط الضوء على الحكم الشرعي هنا
ولفت الذهن إلىالحدث وهو الأمر بالترك وأثره على أهله.
خامسًا:
وأنت تتدبَّر في هذه الآية تحسُّ وكأن الأزمنة المذكورة فيها

على عظمة القرآن وبلاغته تجسّد لك آية مرئية فالله موجود
من الأزل وما هو محرم اليوم في شريعة الإسلام هو ذاته ما كان مُحرَّمًا
في الكتب السابقة، فجاء الفعل على صيغة الماضي مبينًا أن فعل الزنا مُحرَّم
منذ بداية التشريع وحمل الرسالات وما كان من هذا الفعل
إلا أن يكون مبتدعًا وخلافًا للفطرة وضربًا من الأهواء وعملًا فاسقًا مُحرَّمًا
يتولَّد في المجتمعات عبر الأزمنة والعصور وقبل الإسلام طبعًا
كانت المسيحية وطبعًا كانت محرفة مشركة بربِّ العباد فأحلوا ل
أنفسهم ما حَرَّم الله على أنبيائه فجاءت فاتحة الآية بفعل المضارعة تأكيدًا لما مَرَّ قوله من جهة
وتبيانًا لخلقة الإنسان فما من مولود إلَّا ويُولَد على الفطرة (صحيح البخاري) وما وصلت إليه بعض
المجتمعات صنيعة أيديها .
الآية الثانية:
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا
فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾
أولًا:
حرف الواو هذا وإن أفاد معانيَ أخرى فهو يفيد الربط والترتيب

هذا ومن جهة الإضافة أيضًا إلى أن في السورة ككل من البداية
إلى ها هنا تدرُّج في سرد الأحكام الشرعية ولكل حكم فئته وسببه
ثانيًا:
جاء الفعل ها هنا بصيغة الأمر والفاعل مستتر تقديره

"أنتم" وهنا "أنتم" بمعنى الأغلبية أو الفئة الأغلب في المجتمع

الفئة المستهدفة هي المؤمنون وقد ذكروا في الآية السابقة بصيغة
الجمع وفي ذلك نفس الدلالة وهذا دليل على أن الأمر هنا لا يتجاوز
هؤلاء ولا علاقة بفاعل الفاحشة بهؤلاء فهو استثناء وهو أيضًا
وإن صحَّ التعبير الفئة القليلة وإن كان الخطاب لعين الفاعل
ثالثًا:
﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ لفظ ﴿ مِنْكُمْ ﴾ مِن مَن؟ يعني الأيامى والصالحين
بعض من الكل الذين هم فئة المجتمع وهم المؤمنون (منهم من كان مشركًا فأسلم وعاصيًا فتاب)
لكن بمجرد إطلاق لفظ المؤمن عليه فلا نعتد بماضيه وإنما بما هو عليه الحين وهذا لدليلٌ
على أن لا علاقة لهذه الآية بالآية الأولى في رفع حكمها .
والله أعلم.

[1] الناسخ والمنسوخ: أبو جعفر النحاس مؤسسة الرسالة

1991، ج:2، ص 538.
[2] الناسخ والمنسوخ: ابن حزم تحقيق: عبدالغفار سليمان البنداري
دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة: الأولى 1406هـ/ 1986م ص: 43



هبوب الجنوب 01-05-2024 07:15 AM

سطور نالت الإعجاب برقي هذا الطرح
وهذا سَّــر إبداعك وذائقتك المُتميزه
سوف آظل أترقب الجديد بكل شوق
لك كل الود والاحترام

أبو مشاري 01-05-2024 10:26 PM

لكم من الابداع رونقه
ومن الاختيار جماله
دام لنا عطائكم المميز والجميل

كايد الجرح 01-05-2024 11:37 PM

موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

سمو الروح 02-05-2024 09:07 PM

اهنيك ع الذوق
إبداع في الطرح وروعة في الإنتقاء
وجهداً ملحوظ تشكر عليه
دمت بروعة طرحك
أكاليل الزهر أنثرها في متصفحك

فتى الجنوب 04-05-2024 05:14 AM

راق لي جدا ماقرأته هنا
شكرا لكم على جمال طرحكم
ننتظر جمالا كهذا الجمال وأكثر
أطيب التحايا وارق المنى

المركز الأعلامي 04-05-2024 08:43 AM

نقل مميز ومفيد بوركت جهودك


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant