منتديات هبوب الجنوب

منتديات هبوب الجنوب (http://www.h-aljnoop.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ أناقـــة بنات ♣ نون النسـوه ۩۞۩ (http://www.h-aljnoop.com/vb/forumdisplay.php?f=34)
-   -   المرأة إذا شـــــــاءت (http://www.h-aljnoop.com/vb/showthread.php?t=45860)

نجوى الروح 13-10-2021 06:45 AM

المرأة إذا شـــــــاءت
 



المرأة إذا شـــــــاءت

فى تلك السنة من القرن السادس
الميلادى أوشك ألا يكون للناس
حديث إلا هذه الحرب المندلع أورارها
بين بنى عبسٍ وبنى ذبيان . فلقد طال
التناحر بين القبيلتين حتى كادت زهرة
فتيانهما يحصدها السيف فلا تبقى
أمٌ عبسية أو ذبيانية إلا وذاقت مرارة
الثكل ولوعته .
ولكن الحارث بن عوف ، سيد بنى مرة ،
صرف الحديث عن الحرب إلى أمر آخر
استأثر بهمه كل استئثار . فهو يريد
أن يتزوج .وهو معتز بماله وجاهه .فيقول
لجليسه خارجة بن سنان المُرّى :
_ يا خارجة ! اترانى أخطب إلى أحدٍ فى
العرب ابنته ، فيردنى ؟
وشد ما كانت دهشته حين أتاه الجواب :
_ نعم ، إن أوس بن حارثة بن لام الطائى
يردك إذا خطبت إليه إحدى بناته .
فوثب الحارث على فوره ، وصاح بغلامه :
_ ياغلام ارحل بناإلى أوس بن حارثة الطائى .
لا تبطئ لحظة عين .
وركب الحارث وركب غلامه وركب
سنان بن خارجة ، واندفعوا لا يلوون على
شيئ حتى بلغوا ديار أوس .
فقال أوس حين رأى الحارث : _ مرحبا بك
رد الحارث : _ وبك أيضا . لقد جئتك خاطبًا
يا أوس .ولن انزل حتى تؤنسنى بقبول .
أجاب أوس : _ يا صاحبى لست والله هناك (1).
فارتبك الحارث وانصرف مغمومًا
مقفل الشفتين .
أما أوس فدخل على امرأته فتبينت على
وجهه غضبا فسألته :
_ من الرجل الذى وقف عليك ، فلم
يطل بينكما الكلام ؟
قال لها : _ يا أخت عبس (2) ، ذلك الحارث بن عوف
المرّى .
ردت : _ الحارث بن عوفٍ سيد العرب ؟!
ما بالك لم تعزم عليه ؟ (3)
أجابها : _ إن الرجل استحمق ! فقد أتانى خاطبا .
فصاحت به : _ أو تريد أن تزوج بناتك ؟
أم أنت تريد أن تبقيهن عوانس ؟
فإن لم تزوج سيدا كالحارث بن عوف ،
فمن تزوج إذن ؟ اسرع فتدارك ما كان منك .
رد أوسٌ بعد إطراق : _ أراك يا أخت عبس ،
قد غلوت فى الطلب . فكيف أتدارك
ما كان منى ، وقد جبهت الرجل ؟
أجابت : _ تلحقه الساعة فتقول له :
إنك فاجأتنى بأمرٍ لم يتقدم فيه كلام ،
فلم يكن عندى من الجواب إلا ما سمعت .
وسترى أنه يثنى عنان جواده فيتبعك .
فخرج أوس وركب فى إثر الحارث .

https://lh5.ggpht.com/_rqJshYdRc1M/S...we9ms/rov-.png

1 - يعنى أنك لم تصب حاجتك فى هذا المكان
2 - كانت زوجة أوس عبسية
3 - لم تدعُه بإلحاح

وسمع خارجة بن سنان خبب جوادٍ
وراءهم ، فالتفت فرأى أوسا يسعى
نحوهم . فأقبل على الحارث فقال له :
_ أرى الرجل يسعى فى إثرنا !
فرد الحارث : _ وما شأننا به ؟ امض !
فلما رأى أوس أن الحارث ما زال يحث
السير صاح به : _ يا ابن عوف ! اربع
علىّ ساعة . فوقف الحارث حتى دنا
منه أوسٌ وقال له :
_ إنك فجأتنى يا رجل ، فلا تغضب ،
وإن لك عندى ما تحب . فكأن سحابًة
انقشعت عن وجه الحارث ، فأشرقت
أساريره ، وقال لأوس :
_ إن كان ذلك فأنا عائدٌ معك الساعة .
ودعا أوس الحارث بن عوف وغلامه
وخارجة بن سنان إلى خيمةٍ أعدها
للضيوف ، ثم دخل على زوجته فقال لها :
لقد أصبت يا أخت عبس ، ها هو الرجل
ينتظر فى خيمة الضيوف . ادعى لى
كبرى بناتنا . فدعتها فلما صارت بين
يدى أبيها قال لها : _ يا بنية ، هذا
الحارث بن عوف ، من سادات العرب ،
جاءنى خاطبا ، وقد أردت أن أزوجك إياه ،
فما تقولين ؟
فأطرقت لحظة ، ثم قالت : لا تفعل يا أبى .
قال وقد اتسعت عيناه بالدهشة : ولم ؟
قالت : لأن فى وجهى ردة (4) ، وفى
خلقى بعض العهدة (5) ، ولست بابنة عمه
فيرعى ما بيننا من رحم (6) ، وليس بجارك
فى البلد فيستحى منك ، ولا آمن أن يرى
منى ما يكره فيطلقنى . ففكر أوسٌ
ثم قال : _ قومى يا بنية ، بارك الله عليك ،
وادعى لى أختك الوسطى . فغابت الفتاة
وحضرت أختها ، فقال لها أبوها :
_ يا بنية ، رأيت أن أزوجك الحارث بن عوف
من سادات العرب . فإنه أتانى خاطبا ، فما رأيك ؟

أجابته : اعفنى يا أبى . فأنت تعلم أنى
خرقاء ، وليست بيدى صناعة ، ولا آمن أن
يجد فىّ ما يكره فيطلقنى . وما هو
ابن عمى فيرعى لى حقا، ولا هو جارك
فى بلدك فيداريك .

قال أبوها : بارك الله عليك ، وادعى لى
بهية ، أختك الصغرى . فما لبثت الصغرى
أن أقبلت عليه ، فخاطبها بما خاطب
بها أختيها من قبلها .

فأجابته : امض يا أبى فيما عزمت عليه .
فعجب أوسٌ وقال : ولكنى عرضت الأمر
على أختيك ، فخافتا أن يرى الرجل
منهما ما يكره فيطلقهما . فردت :
_ وعلام أخاف ؟ وأنا الجميلة وجها ،
الصناع (7) يدًا ، الرفيعة خلقًا، الحسيبة أبًا ،
فإن طلقنى فلا أخلف الله عليه !
فضحك أوس ، ثم خرج إلى خيمة الضيوف ،
فقال للحارث : إنى زوجتك بهية ، بنتى
الصغرى ، فهى التى قبلتك من أخيّاتها جميعًا .
فأجاب الحارث : _ وإنى قبلت . وهذا
حارثة بن سنان وغلامى يشهدان علىّ .
ولن أبرح حتى أحمل معى عروسى . فعاد
أوس إلى امرأته وأمرها أن تهيئ بنتها
وتصلح من شأنها .ثم أمر ببيتٍ فضرب
للحارث وأنزل فيه ، ثم بعث إليه عروسه .
فلم يلبث الحارث عنده هنيهةً حتى خرج
معجلا . فسأله خارجة بن سنان : أبنيت
بأهلك يا حارث ؟ (8) . فأجابه : لا والله .
فإنى ما دنوت منهاحتى قالت : حياءك يا رجل ،
أعند أبى وإخوتى ؟ ... هذا والله
لا يكون .فأخجلتنى .
_ قد ترين إنى أحضرت من المال
ما يرضيك وملأت قصاع الطعام ودعوت
الجموع الحاشدة ، فماذا بعد هذا تريدين ؟
ولم تعرضين بمروءتى وشرفى
وأنا السيد الكريم ؟
أجابت : أى سيدٍ ؟! وأى كريم ؟! تفرغ
للنساء والعرب يقتل بعضها بعضًا ؟!
هذه عبسٌ أوشكت أن تفنى ذبيان ،
وتلك ذبيان توشك أن تفنى عبس ،
والأرض تحتج للدم المراق . اخرج إلى
القوم فامش بينهم بالصلح ، وانههم
عن هذا السفه . ويومئذٍ أنت السيد الكريم !
فخرج الحارث يتفصد جبينه عرقًا. ولقيه
خارجة بن سنان فسأله : لعلك بنيت
بأهلك يا حارث ؟ قال : لا والله . ما رأيت
كاليوم فتاة عرضت بمروءتى وشرفى
لأنى أفرغ للنساء ، والعرب يقتل بعضهم بعضًا .

https://lh5.ggpht.com/_rqJshYdRc1M/S...we9ms/rov-.png
(4) : _ ردة إلى القبح .
(5) : _ العهدة : الضعف .
(6) : _ رحم : قرابة .
(7) : _ الصناع يدا : الحاذقة فى الصناعة .
(8) : _ صيغة سؤال يقصد بها :
هل أتممت فعل الزواج ؟

https://lh5.ggpht.com/_rqJshYdRc1M/S...we9ms/rov-.png

_ أما قلت لك إن فى هذه الفتاة همًة
وعقلًا ؟ فماذا أنت فاعل ؟
_ وهل بقى يا خارجة سبيل إلا أن أمشى
إلى عبسٍ وإلى ذبيان فأسعى بالصلح بينهما ؟!
_ وإنى أعرف لك شريكًا فى هذه
المحمدة هو هرم بن سنان . فلقد أقسم
بأن يدفع من ماله ديات القتلى إذا كفت
القبيلتان عن الحرب ...
قال الحارث : _ لعلهم استقلوا الديات .
فأنا أدفع من مالى فتضاعف دية كل
قتيل ونحقن الدماء .
قال خارجة : _ إنهم حسبوا الديات ،
فإذا هى ثلاثة آلاف بعير .
_ لتكن ثلاثة آلاف بعير . فأنا وهرم بن سنان
ندفعها . هيا بنا .
https://lh5.ggpht.com/_rqJshYdRc1M/S...we9ms/rov-.png
وقدر للحارث بن عوف وهرم بن سنان
أن يصلحا بين عبسٍ وذبيان ويدفعا
ديات القتلى من القبيلتين ثلاثة آلاف
بعير ، ويحسما الشر ، ويحقنا الدماء .
وكان ذلك كله بفضل امرأة .
ولما دخل الحارث بن عوف على عروسه
بهية يبشرها بالنبأ ، فتحت له ذراعيها
تعانقه وقالت :
_ أهلا بالسيد فى العرب ! اليوم قمت
بحقى ، لا يوم نحرت الجزور والغنم
وملأت بطونا فى عرس .
وتسامع الناس بما كان من حديث هذه
المرأة فى دفع البلاء وحقن الدماء ،
فقال أحدهم :
يا للمرأة إذا شاءت !
وقال ثان :
_ على أن تشاء الخير !
فقال ثالث : _ ولكنها لا تشاء إلا الخير !
لن تشاء تدمير الحياة ما دامت أما ،
تتجدد بها الحياة .








عروبة وطن 13-10-2021 08:05 AM

اذا شاء الانسان مرأة او رجل سيفعل المعجزات
وتبقى الثقة بالنفسة والايمان بالهدف هو الدافع

الوافي 13-10-2021 10:52 AM

طرح رائع كروعة حضورك
اشكر ك علي روعة ماقدمت واخترت
من مواضيع رائعه وهامة ومفيدة
عظيم الأمتنان لكَ ولهذا الطرح الجميل والرائع
لاحرمنا ربي باقي اطروحاتك الجميلة

كايد الجرح 18-10-2021 11:16 PM

موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

غرام الشوق 19-10-2021 12:13 AM

يعطيك العافيه على الطرح
المخملي والموضوع المثمر انتظر
القادم من طروحاتك بكل شوق ..!
تحياتي القلبيه لك

فتى الجنوب 12-11-2021 02:35 PM

يعطيك العافيه على الطرح
المخملي والموضوع المثمر انتظر
القادم من طروحاتك بكل شوق


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant