منتديات هبوب الجنوب

منتديات هبوب الجنوب (http://www.h-aljnoop.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ هبوب القصص والروايات الأدبية ۩۞۩ (http://www.h-aljnoop.com/vb/forumdisplay.php?f=16)
-   -   الأدب في أجواء الطبيب (http://www.h-aljnoop.com/vb/showthread.php?t=47965)

نجوى الروح 25-07-2022 01:45 AM

الأدب في أجواء الطبيب
 











http://36.media.tumblr.com/4feaa81b5...9j9ao1_500.jpg

إن من طبيعة الأدب هو البحث عن
مستلزمات النهوض بالإنسانية ، بغية
أن يستكمل بها مهامه على أفضل
وجه ممكن ، ولما وجد في قلب الطبيب
نبضًا فاعلًا وهدفًا مشتركًا لإسعاد
البشرية فقد دخله بلا استئذان ،
فتفاعل مع علميَاته حتى أصبحت مُدافة
مع الخيال الخصب الموصل الى خدمة
الحقيقة ، لأن رسالة الأديب الى الإنسانية
هي رسالة منمقة قد صاغها في قالب
جميل .. فهو لا يكتب او يقول رسالته
في أي أسلوب الا بعد ان يختار أفضل
ما في اللغة من كلمات ومضامين الى
الإنسانية لتجد فيه جميع الأجيال
ما يخاطب وجدانها ويشبع حاجة من
حاجاتها النفسية والعقلية، فالأديب
الذي قرأ كتب الفلسفة مثلًا ، يستخدم
المصطلحات الفلسفية فيما يسوقه من
أدب ، وكذلك الحال بالنسبة للأديب الطبيب
او الأديب الذي يصطبغ أدبه بالعلوم الفيزياوية
او الكيميائية او غير ذلك من سائر العلوم..
ولا يختلف اثنان في ان كل عالم يستأنس
بالأدب سواء أكان ذلك مصادفة ام اختيارًا ،
لان الأدب ملاذ الوجدان وأنيس الولهان ،
ولكن لماذا كانت وما زالت صحبة الأدب
للطبيب صحبة دائمة بتواصلها وتؤكد
وجودها نظريًا وعمليًا..؟
إن من طبيعة ومن صميم مهنة الطبيب
هو الاتصال الدائم بالأجسام والأمزجة ،
بينما يتصل عالم الفيزياء بحكم معلوماته
مع ظواهر الكون ، والمهندس مع
المساحات والآلات ، وفي ضوء ذلك وغيره
من الأمثلة ، يمكن أن نقول إن رفقة
الأدب الذي يمثل المشاعر والأحاسيس ،
مع الطبيب الذي يمثل الحفاظ على
سلامة تلك الانفعالات ، لتؤدي دورها
الإنساني في الحياة ، هي رفقة دائمة
دوام الحياة ودوام نبضات القلب وايعازات
الدماغ، وقد عززت البحوث والتجارب
التي قام ويقوم بها الطب النفسي
في مجال العقل والأمزجة ان الطب
رديف الأدب في توجهه الإنساني
الهادف الى تقديم ما هو أمتع
وأجمل واسلم من اجل حياة ترفل
بالسرور وعزة النفس وبمجتمع
واع يعرف أفراده أصول التعامل ،
ولما كان أسلوب الطبيب يعتمد على
تعامل خاص مع المريض ، بهدف
إبعاد الأوهام والوساوس ، بسبب
ما أوجده المرض ، فإن رسالة الأديب
هي تهذيب النفس ومنحها أجواء
رفيعة المستوى ترفدها الوجدانيات
لتخلق من الصياغة التعبيرية مضمونًا
شافيًا ومؤنسًا للنفوس.
لقد أراد الأدب من الطبيب ان يقف
عند علة المرض ، بغية نقل المريض
من التعاسة الى السعادة ، ليصبح لديه
استعداد نفسي هادئ لاستقبال انفتاحات
النص الأدبي وما فيه من استكمال بهجة
الحياة وسرورها والتي هي في الوقت
نفسه انسجام الافراد الموصل في
نهاية المطاف الى أجواء من التعامل
الإنساني الواعي المؤهل للإسهام
في بناء صرح الحضارة ومعالم
الرقي والازدهار.
لقد أحس الطبيب الأريب ان مهمته
لاتقف عند تشخيص خلل في الكبد
مثلا ، بل راح بفضل التفاف عناصر
الأدب حول مدارات أفكاره يبحث عن
الدوافع ، وهذا ماجعله يروّض لسانه
وقلمه ،ليصوغ عبارات أدبية مطعمة
بمصطلحات علمية تسهم في تقديم
صورة مؤثرة الى المريض تنقله الى
حالة نفسية أفضل، وقد أشار أبو بكر
الرازي الى ذلك بقوله :
(يجب على الطبيب ان يوهم المريض أبدًا
بالصحة ويرجيه بها ، لأن مزاج الجسم
تابع لأخلاق النفس ..)
ومن المعاصرين يقول الدكتور محمد
الخليلي صاحب كتاب معجم أدباء الأطباء
( إن كلا من الأديب والطبيب يعتمد على
الحدس والمنطق)
ومن تحصيل حاصل الممارسة العملية لمهنة
الطب التي ترافقها المشاعر الإنسانية
يقول الطبيب جورج دوهاميل الأديب
الفرنسي الشهير:
( في مطلع هذا القرن تعرفت على هنري زميلًا
يدرس الطب والجراحة مثلي ، وأدركنا
ان معرفة الإنسان وطبيعة البشر أمثالنا
لا تتم بالعمل على سرير المرض والألم ،
بل نعايشهم ونراهم في حياتهم
يعانون الحب والغيرة والصداقة
والطموح ، وبذلك اشتركنا في مشاطرة
الناس آلامهم ، وعرفنا ان من واجبنا
الكتابة عن الإنسان للإنسان..)
اما تراثنا فقد زودنا بضخ متواصل من
نتاجات الشعراء والكتاب ، التي تؤكد
صلة الانفعالات وأثرها في نتائج
السلوك وصحة البدن .
و تقدمت العلوم لتؤكد ان تلك الاستنتاجات
لم تكن حصيلة علوم نظرية او مشاهدة
أحداث وحسب، بل هي حصيلة متابعة
علمية لكيفية تأثير تلك الانفعالات في
الجسم ، فمما قدمه المختصون بعلم
النفس والطب النفسي :
( إن المشاعر الإيجابية السارة تصحبها
تبدلات جسمية ملحوظة ، كقلة الإدرار
وتناقص كمية الفوسفات وكلوريد الصوديوم
في الجسم ، والمشاعر الإيجابية هذه
تؤدي عند استمرارها الى السمنة وتنشيط
الدماغ والى زيادة طافة الجسم على بذل
الجهد المطلوب ،ويحصل العكس في
حالة المشاعر السلبية ، اذ يفقد الذهن
نشاطه ويتعرض الجسم الى الهزال
ويفقد المرء ثقته بنفسه وتطغى
عليه حالة القلق والتخاذل كما تزداد
كمية الإدرار وتزداد كمية كلوريد الصوديوم
والفوسفات في الدم ويفقد الدماغ
قدرته على مواصلة العمل ويتشتت الانتباه ..)
وفي ضوء ذلك وغيره تأمل الطبيب
الأريب فلم يجد ما يعزز رسالته الهادفة
الى النهوض والرقي بالإنسان صوب
السعادة إلا في الأدب ، فتقارب معه
بلا نسب وتآلف مع مضامينه الخيّرة
بلا شرط او قيد..

عدنان عبد النبي البلداوي


http://36.media.tumblr.com/4feaa81b5...9j9ao1_500.jpg











فتى الجنوب 25-07-2022 06:55 PM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
تحيه معطرة بالورد
اهديها لكم على هذا الموضوع القيم
راق لي جداا ماقرأته هنا
شكرا لكم على جمال طرحكم
ننتظر جمالا كهذا الجمال وأكثر
أطيب التحايا وارق المنى

كايد الجرح 28-07-2022 10:06 PM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

أبو مشاري 31-07-2022 02:15 AM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
طرح رائع ومفعم بالجمال والرقي..
يعطيك العافيه على هذا الطرح
وسلمت اناملك المتألقه لروعة طرحها..
تقديري لك.

المركز الأعلامي 31-07-2022 05:04 PM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
نقل مميز بوركت جهودك

الوافي 14-08-2022 01:34 AM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
أهديتم المكان ألقاً دائماً
كالشمس تجود بنورها دون طلب
جميل منكم هذا العطاء
والأجمل أن يتَوّج بعميق الشكر
لروحكم أكاليل زهر وامتنان

نجوى الروح 28-09-2022 09:31 AM

رد: الأدب في أجواء الطبيب
 
كل الشكر و التقدير على المرور
و الرد
تحياتي


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant