منتديات هبوب الجنوب - كيف نقرأ رواية كاملة دون تذمر؟

https://im12.gulfup.com/2011-12-08/132340115491.bmp

http://img.rjeem.com/imgcache/2014/06/433243.png

كيف نقرأ رواية كاملة دون تذمر؟

يتذمر الكثير من القراء
لعدم قدرتهم على قراءة
رواية كاملة، رغم رغبتهم في
ذلك، مرجعين الأمر لأسباب عدة،
منها انشغالهم في العمل،
أو عدم قدرتهم على التركيز
في القراءة، أو غياب الرابط
مع الرواية الذي يجعلهم
يلتزمون ذاتيًا لملاحقة
أحداثها للأخير.

ولما للرواية من قيمة، وأثر
في تأسيس التكوين الإنساني
ومحاكاته، وهو ما يدعم اكتشاف
الذات وذوات الآخرين، والتعرف
على أنماط جديدة من المخلوقات،
وهو يتوفر في الرواية بشكل
لا يتواجد هذا في شكل
آخر من العلوم.

فكثيرة تلك الصفات التي
تعلمناها في المناهج المدرسية
والكتب العلمية حول الفراشة
مثلًا، لكن القليل من الفهم
في داخلنا حولها، ومع الوقت
ننسى هذه المعلومات السطحية،
لكن لو وردت هذه الصفات
في رواية، فإن تناول الكاتب
للفراشة، سيكون بطريقة مغايرة،
من خلال التعمق في تكوينها،
وأنسنة صفاتها، وهو ما يكسب
صفاتها أكثر عمقًا وتجسيدًا،
وستصبح الدهشة في الحديث
عن الفراشة وتفاصيلها أكبر.

وفي الرواية نجد على الأغلب
شخصيات مختلفة عما هي في
الواقع، فيختار الكاتب ذلك
بعناية، لصنع الإدهاش والتشويق،
مثل شخصية البطل في رواية 1900
للكاتب أليساندرو باركيو، حيث
لم يدخل البطل للبر مطلقًا
وعاش عمره على السفن
متنقلًا في الماء.

الجوهر

فعند قراءة الرواية لابد من
اعتبارها رحلة لاكتشاف عناصر
من الغموض، وأسرار تريد الكشف
عنها، وهذا حافز كبير للإكمال،
ودون هدف لا يكون للقراءة
أثر كبير.

وإن البحث عن المتعة في القراءة
شيء هام، لكنها لن تتحقق طالما
أن الجوهر مفقود، والذي يتم
الإمساك بطرف خيطه بفهم
مقصد العمل الروائي بمقصده.

ومن يبحثون عن الاقتباسات في
الرواية، لن يكونوا سعيدين في
ختامها؛ لأن المتعة تتحقق في
الفهم الكامل لسياق العمل،
ومعرفة خريطة الرواية، فالكاتب
لا يضع الجوهر في الاقتباسات،
بل في عمق الأحداث، وفي هذا
يكتب ميلان كونديرا: ”الشيء الجوهري
في الرواية هو ما لا يمكن قوله
إلا في الرواية“.

تدوين

وهنالك من يقرأ الرواية
بسرعة، كأنها قراءة استكشافية،
وهذا لا يكفي للمرور في تفاصيلها،
فما بين السطور تكمن أفكار
الكاتب، ويساعد في هذا، الأخذ
بعين الاعتبار التدوينات الصغيرة،
حول الأماكن والشخصيات والحوارات،
والفهم الأولي للسرد.

وهذا يمكننا من حجز تذكرة
مع الكاتب، والإقلاع مع الجزئيات
الصغيرة، وعندما يتحقق هذا،
تتحقق المتعة. وهذه التدوينات
هي ما يبقى من العمل بعد
الفراغ منه، ويمكننا الرجوع إليها،
في أي وقت، وبالتالي نتمكن
من استرجاع أجزاء كبيرة مما نسيناه.
كما وأن تدوين فقرة حول مجمل
العمل، بعد الانتهاء من القراءة،
يجعل من أفكارها أكثر رسوخًا
في العقل، ويزيد من الانسجام
مع روايات لاحقة.

http://img.rjeem.com/imgcache/2014/06/433243.png

أصدقاء

ولمعرفة مقصد الرواية، والتعمق
في تجربة الكاتب، من المهم
التعرف على أبطالها، والأهم
هو البطل الرئيس، ويتضح من
تكرار ذكره من الكاتب، وتركيزه
عليه في أكثر من حدث، فعندما
يبدأ الكاتب في وصفه لابد من
التركيز في صفاته؛ لأنها هي
الخطوط التي سيتفرع منها
الكثير من الأحداث، حيث إن
الكاتب يبني هيكل عمله بما
يتوافق مع صفات وأطباع البطل،
ودوافعه، وأحاسيسه، والحافز
الذي ينطلق منه.

ولابد كذلك من معرفة الشخصيات
الثانوية وهي التي تكون مرافقة،
للبطل في الأحداث، وهذا يمكننا
من فهم طبيعة العلاقات في الرواية.
وإن ملاحظة الاختلاف بين الشخصيات
في الصفات والدوافع، يسهم
في التأثر بعلاقتها، والانسجام
في القراءة. وعن علاقتها
بالشخصيات تكتب الروائية بثينة العيسى:
”مختبئة بين أعمدة الكتب وأقرأ،
تحرسني أرواح الشعراء والفلاسفة،
أصنع صداقات مع أبطال الروايات،
وأعيش حيوات مفارقة“.

سينما

كما أن التخيل يزيد من التفاعل
مع الرواية، من خلال رسم صور
للشخصيات، بل وتخيل أصواتها
أثناء الحديث، فتخيل المشهد
كصورة بكامل تفاصيله، يجعل
من خيال القارئ رواية موازية
لرواية الكاتب، وتتحرك عناصر
الرواية آنذاك مثل سينما في
الخيال، وهذا ويزيد من تفعيل
التشويق والارتباط بمستقبل
أحداث الرواية.
http://img.rjeem.com/imgcache/2014/06/433243.png
وتتشابه عملية ربط الشخصيات
بشخصيات واقعية، معها في
الصفات، يجعل الشخصية أكثر
ألفة وارتباطا بالقارئ ويزيد
من ارتباطنا بالشخصية حتى بعد
الفراغ من القراءة.

خيوط

وللتعمق أكثر، سيكون من المفيد
البحث في علاقات الشخصيات
وتأثرها ببعضها، لأن هذا يمثل
خيوط الشبكة عند الكاتب، ويتم
ذلك من خلال الحوارات والحوار
الذاتي للشخصيات (المونولوج).
وحديثًا يستخدم الروائيون تقنيات
جديدة في السرد عبر الرسائل،
أو إتاحة المجال لكل شخصية
أن تسرد تجربتها، ويسمى (بوليفونيا)،
وهذا يتيح المجال لكل شخصية
أن تقول رأيها، هنا يخرج الكاتب
من الدائرة ويصير مجرد ناقل
ديمقراطي للأحداث.

فيما تبدو تكرارات الكاتب من
علامات ورموز خلال السرد كأنها
أجراس تدق للقارئ للانتباه،
والتركيز في هذا يمكنك من
التشابك أكثر مع الرواية،
ويصبح من الصعب الخروج
دون إكمالها. فهذه الرموز
والعلامات هي الطرق التي
تأخذ نحو الحبكة، وهي قمة
الصراع في الرواية بين الشخصيات،
واللحظة الأكثر تشويقا في الرواية.
كما وأن وضع نهاية متخيلة في
حال الاستمرار مع الأحداث، يجعل
القراءة أكثر إثارة، بحيث يصبح
التوقع تحديا جديدا يسعى
القارئ للحاق به وهو ما يجعلك
تتقمص دور الكاتب وهذا حاذب
الاستمرار في ملاحقة الروايات.

http://img.rjeem.com/imgcache/2014/06/433243.png