منتديات هبوب الجنوب

منتديات هبوب الجنوب (http://www.h-aljnoop.com/vb/index.php)
-   ۩۞۩ هبوب الطب والصحة العامة ۩۞۩ (http://www.h-aljnoop.com/vb/forumdisplay.php?f=580)
-   -   يوميات طفل ( قصص للأطفال ) متجدد (http://www.h-aljnoop.com/vb/showthread.php?t=2141)

سمو الروح 11-08-2009 11:12 PM

يوميات طفل ( قصص للأطفال ) متجدد
 
لم أعد طفلاً
قصة: د. طارق البكري
مرحبا يا أصدقائي، سأخبركم عن قصتي مع أبي.. فهو يعاملني كطفل صغير.. أصبح عمري عشر سنين ويقول إني صغير... وعندما أرغب في الذهاب مع أصدقائي يوم عطلة يقول: يجب أن يكون معكم شخص كبير.. ويتبرع بنفسه ليذهب معنا الى الحديقة أو إلى البحر...
بعض أصدقائي لا يعجبهم الأمر .. لكني لا أخبر أبي بذلك.
يظل أبي يراقبنا طوال الوقت مثل حارس أمين.. وأراه يهتم بأصدقائي كما يهتم بي.. وهذا يسعدني.. فلو أحضر لي شيئاً مثل أكياس بطاطا (شبس) أو حلوى أو بسكويت يحضر لكل الأصدقاء الذين معي مهما كان عددهم...
اعتدت على هذه الحال ولم أعترض.. بات الأمر طبيعياً بالنسبة لي، وكان آباء أصدقائي فرحين بذلك ويطمئنون بأننا لن نتعرض لسوء...
ومرة أخذنا أبي الى حديقة عامة كبيرة.. وفيما نلعب سمعنا صياح صديقنا علي الذي كان من أشد المعترضين على ذهاب أبي معنا لأننا باعتقادهم لا نأخذ حريتنا باللعب..
وفي يوم ارتفع صوت علي بصرخة مدوية..
علي صديقي وقع من أعلى لعبة كن يتأرجح بها, فسقط على يده وانكسرت عظامها.. فصار يصرخ من الألم...
بادر أبي إلى الاتصال فوراً بالإسعاف وطلب من علي ألا يحرِّك يده أبداً.. تمدد علي على الأرض وهو يبكي من الألم.. وجلسنا إلى جانبه نحاول أن نهدئه ونواسيه.. فتجمع الناس حوالينا.. ولما وصلت سيارة الإسعاف قام المسعفون بوضعه داخل السيارة لنقله إلى المستشفى فوراً، وركبنا نحن في سيارة أبي نسابق السيارات خلف سيارة الإسعاف وأبواق سيارتنا تشق الطريق، وظن الناس أن أبي هو والد علي من شدة ما كان قلقاً ومتوتراً ويسابق الريح من أجله... حتى أنه نسي أن يتصل بأسرة علي.. وأنا وأصدقائي كنا خائفين ولا نعرف كيف نتصرف..
مضى وقت لم نستطع فيه أن نكلم أبي.. حتى خرج عليّ من غرفة العمليات ويده كلها محشورة في قالب طيني ناصع البياض.. والطبيب يقول لا خطر عليه ويمكنه الخروج من المستشفى.. فشكر أبي الطبيب وأنهى معاملات المستشفى.. وسجل الأمر على أنه حادث طبيعي..
كان علي ممتناً لأبي وآسفاً لأنه لم يكن يحب بقاء والدي معنا في رحلاتنا ونزهاتنا..
شكر علي أبي على ما فعله فجاوبه: المهم سلامتك.. وأوصلنا علياً إلى منزله بسيارة أبي وفوجئ جميع أفراد أسرته بما حدث.. وشكروا والدي كثيراً... وكنت فخوراً جداً... وظلَّ كلُّ أصدقائي يتحدثون عن الحادث لعدة أيام حتى وصل الخبر إلى إدارة المدرسة فقررت تكريم أبي على موقفه النبيل...
فخورٌ أنا بأبي صغيراً وكبيراً.. وأولادي هم أيضاً فخورون بجدهم..
لكنه ما زال يظن أني صغير رغم أني تخرجت في الجامعة واشتغلت.. وتزوجت وأصبحت أباً لأولاد وبنات..
بالمناسبة... أنا اليوم أخرج معهم ومع أصحابهم الصغار في أيام العطل..
مع رأيكم يا أصدقائي بقصتي مع أبي؟
مع السلامة..


ظل الياسمين 12-08-2009 04:09 AM

عساك على القوى دوم يارب
يعطيك الف عافيه..

سلمتـ ع الطرح الرائع..

لاعدمناكـ..

http://www.h-aljnoop.com/vb/imgcache/1853.imgcache.gif

دلع الجنوب 13-08-2009 04:00 AM

يعطيك العافيه
ويسلموا على هالطرح الجمييييييييل

واحد من الناس 13-08-2009 06:33 AM

قصة رائعة اخي الاسير

ليس بجديد تميزك

تقبل مروري

سمو الروح 17-08-2009 12:29 AM

مناسبة سعيدة
قصة: د. طارق البكري
عاد أبي الى البيت مساء حاملاً علبة كبيرة ملفوفة بورق ملون بديع يلمع بقلوب حمراء وورود وأزهار..
أسرعت أنا وإخوتي نهتف بفرح رافعين أيدينا، يسبق أحدنا الآخر لكي يكون الفائز بالصندوق الكبير..
رفع أبي الصندوق فوق رأسه وألصق جسده بالحائط..
أمي كانت في تجلس في غرفتها.. قفزت على صوت صياحنا وضحكنا..
انعطف أبي نحو أمي وهزّ الهديّة التي في يده برفق شديد، مشيراً بها نحو أمي...
أصابتنا خيبة.. فالصندوق هدية لأمي.. ولا يخصّ أحداً منا نحن الصغار...
فتحت أمي الهدية.. كان بها قلب كبير من الحلوى رسم عليه بيت من الفاكهة الممزوجة بالعسل..
كانت المناسبة سعيدة.. تخص أبي وأمي.. فقد مضى على زواجهما عشر سنين..
كنت أنا أكبر الأبناء.. عمري يقترب من تسع سنين.. ولدي أختوأخ.. أختي عمرها سبع سنين ونصف السنة وأخي الصغير خمس سنين..
وضعت أمي قالب الحلوى اللذيذ على الطاولة الكبيرة.. أخرج أبي من جيب سترته شمعة بالرقم (10)، أشعل الشمعة، أطفأ النور.. وغنينا جميعاً.. لأمي وأبي..
كانت المرة الأولى التي يحتفل بها أبي معنا بالمناسبة.. قال إنها مناسبة مختلفة بسبب الرقم (10)..
سجلت التاريخ في مفكرتي.. وصرت أبادر للاحتفال بالمناسبة عاماً بعد عام.. أمي لم تعد تحسب الأرقام والأعوام.. لكنها على الدوام تظهر فرحتها بالرقم الذي يكبر كلما كبرنا وكبرت.. ذاكرة أبي باتت ضعيفة جداً.. حتى أنه لا يتذكر أسماء أحفاده.. لكنه لا ينسى يوم المناسبة..
فهي في قلبه مناسبة سعيدة تستحق قلباً كبيراً من الحلوى وبيتا من الفاكهة الممزوجة بالعسل..


سمو الروح 17-08-2009 12:30 AM

البنت المقدسية
قصة: د.طارق البكري

إكرام ابنة قرية مقدسية قديمة محتلة

جدها مسعود لم ينزح من قريته قبل سنوات طويلة رغم أنهم طردوه من بيته وأرضه.. فضل أن يبقى يفلح ترابه ويزرعه.. وإن كان يخدم من اغتصب بيته وبستانه فقد كان يؤمن بأنه لا يخدمه هو، بل يخدم الأرض التي يحبها.. ويعرف كل حبة رمل فيها
.
لم يكن جد إكرام يفهم بالسياسة ولا بالعسكر
..
كان متدينا بسيطاً، صحيح أنّه كان يصلي ويصوم ويحفظ آيات كثيرة من القرآن الكريم.. لكنه لم يكن يفهم إلا بالزرع والحصاد
..
وبالرغم من معيشته الصعبة.. وما ذاقه من المحتلين من آلام وجراح.. رضي العيش في خدمة المحتل ولو دون بيت
..
فهو يفضل النوم في ظل شجرة من أشجاره التي زرعها بيديه من أن يرحل ويعيش في قصر من القصور
..

****

إكرام الصغيرة لم تعرف جدها الا بسماع قصص عنه
..
استشهد قبل ولادتها بأعوام
..
لم يقتل في معركة ضد المحتل، ولا في تظاهرة أو حتى مجرد اعتراض
...
قتله ابن مغتصب أرضه التي ورثها عن أجداده
..
قتله الصبي بعد أن أهداه أبوه بندقية جديدة بمناسبة بلوغه العاشرة من عمره
..
أراد الصبي أن يجرب بندقيته الجديدة.. وبدلاً من أن يجربها على عصفور أو فأر أو حتى صرصار؛ صوب بندقيته نحو قلب الجد مسعود
..
كان مسعود يفلح الأرض ويسقيها عرقه
..
رفع مسعود معوله إلى الأعلى ليهوي به نزولاً يشق الأرض
..
فاجأته طلقة البندقية في قلبه مباشرة
..

***

تعرف إكرام قبر جدها
..
تحمل اليه من وقت لآخر عوداً أخضر تغرسه في تراب القبر
..
تقرأ الفاتحة وتدعو له ولنفسها ولأسرتها.. ثم تغادر كما جاءت وعلى كتفها شنطة المدرسة
..

***

والد إكرام يحمل جنسية المحتل غصباً عنه
..
لم يكن أمامه خيار: أما الإذعان أو الرحيل
..
جدته (أرملة مسعود) رفضت الأثنين.. حبست نفسها في كوخ متهالك، قررت الموت في قريتها لتدفن قرب زوجها الشهيد
..
عاشت الأسرة حياة بسيطة جداً، في حي تحيط به مساكن المحتلين كالسوار بالمعصم
..
لم تكن إكرام تعرف الكراهية... كانت مثل جدها مولعة بالأرض
...

***

في مدرستها طالبات كثيرات يشبهنها تماماً.. لكل واحدة منها قصص تحكيها
...
هن يشعرن أنهن أسعد حظاً من نظيراتهن البنات اللاتي بمثل سنهن ويعشن خارج الوطن، أو تحت قصف الاحتلال وإرهابه في ما تبقى من وطن
..
كانت هي أيضاً تظن أنها محظوظة لبقائها في أرض الوطن، بل أكثر حظا لأنها قريبة الى قبر جدها وتسكن داخل قريتها التي كانت
..
هي تذهب الى المدرسة، وهن قد لا يذهبن، ويعشن ظروفاً قاسية
..
هي تعيش في أمان مصطنع.. وهن يعشن في ساحات الدم
...
لكنها لم تشعر بالأمن التام، فكل ما هو عربي حذر على الدوام
...

***

تفتحت إكرام على هذا المشهد
..
أقصى مكان تذهب اليه هو المدرسة في الصباح والعودة الى البيت ظهراً
..
تحرص على الذهاب والعودة مسرعة
..
تهرول جنب الحائط وتدخل البيت ولا تخرج الا عند الضرورة، وأحياناً تذهب الى جارتها مريم التي تسكن الحي نفسه لتراجع لها دروسها وتشرح لها ما غمض عليها في دراستها
...

***

ومريم في الحقيقة ليست مدرسة.. لم تكن تعمل في مدرسة ولم تكن تعمل أبداً
..
حاولت مراراً أن تجد عملاً، لكن ماذا تفعل بأطماع أصحاب العمل؟؟ عندما كانت تقول لهم: عيب عيب.. يضحكون ويطردونها قائلين بلكنة عربية سخيفة: (ها ها.. روح حبيبي روح ... دورلك مكان تاني
).
لذلك قعدت مريم في البيت تعلم أبناء الحي وبناته.. تعطيهم دروساً خصوصية مقابل أجر زهيد... لكنه يبقى أفضل بمليون مرة من موافقة أصحاب العمل هؤلاء على طلباتهم
...

***

في المساء
..
وقبيل نومها.. تفتح إكرام نافذتها الصغيرة، تتمدد على السرير، ترمي ببصرها الى السماء تتأمل النجوم المنتشرة مثل حبات لؤلؤ حول القمر
...

***

حي إكرام لا ينعم بالأمن التام مثل سائر الأحياء التي تحيط به
...
تشكل تلك الأحياء حالة رعب
..
لم يكن يمر يوم دون أن يعبث أحد بالحي.. زجاج يطاير.. سيارات تضرب بالحجارة.. بيوت تتعرض للسطو
...
طفل يشج رأسه بضربة عصا
...
القمر وحده صديق إكرام
...
ليس هنالك أصدقاء
...
أبواها مشغولان على الدوام... جدتها الكبيرة بالسن لا تستطيع الكلام وغالباً ما تكون نائمة
..
أبوها وأمها يعملان عند تاجر محتل
...
يعملان عنده مثل عبدين طائعين، ولا يستطيعان الاعتراض... فالجنسية الوهمية لا تؤمن أية حماية
...
أذعنا للواقع كيلا يكون مصيرهما مثل جدها المسكين, أو الرحيل
..

***

لم تكن إكرام تجد مسلياً غير القمر
...
تبحث في المساء عن إذاعات عربية ومحطات عربية، لكنها تخفض الصوت كيلا يسمع أحد من الخارج
...
تراقب حياة أطفال العرب.. كيف يعيشون وكيف ينعمون
...
ثم تنظر للقمر.. تحلم بالحياة وللحياة
...
ثم تغلق عينيها وتنام على حلم جديد
..

****

وفي عصر يوم يسبق امتحاناً مدرسياً مهما... ذهبت إكرام الى مريم
..
تأخرت إكرام في بيت مريم.. كانت الدروس كثيرة وتحتاج الى شرح... مضى الوقت بسرعة... لم تنتبه إكرام الا بعد مضي وقت طويل
...
بقيت إكرام في منزل مريم حتى غربت الشمس
...
ولم تكن تتأخر يوماً
..
رجتها مريم أن تبقى عندها الليلة.. خافت على أبويها.. ستبكي أمها أن لم تعد الى البيت... ستظن أن عصابة خطفتها
...
وما أكثر مثل هذه العصابات
...
خافت من أن يخرج أبوها وأمها للبحث عنها فتؤذيهما تلك العصابات
...

***

قررت الخروج فوراً والسير قرب الحائط على الطرف الثاني حتى تراها مريم لغاية وصولها الى البيت
..
الكهرباء مقطوعة عن الحي مثل العادة
...
قالت لها: خذي هذه الشمعة لتنير لك الطريق
...
قالت الطفلة: لا أريد شمعة.. من الأفضل أن أمشي في الظلام كيلا يراني أحد
..
أصرت مريم.. خشيت أن تصدمها سيارة في الظلمة.. أن تقع في حفرة.. وما أكثر الحفر في الحي
...
أخذت الطفلة الشمعة بحذر
..
سارت مسرعة نحو الرصيف قرب الحائط على الجانب الآخر من الطريق لتتمكن مريم من رؤيتها حتى وصولها البيت
...

***
كانت إكرام خائفة
...
الظلام تشقه شمعة؟
لم تعد مريم ترى في الظلام غير نور ضئيل يتحرك قرب الحائط
...
رأت ضوء سيارة مسرعة... سمعت صوتاً مرعباً.. سمعت صراخ طفلة
..
وزعيق إطارات سيارة
..
ومنذ ذلك اليوم لم يعد أبناء الحي يضيئون شمعاً بليل
...


سمو الروح 17-08-2009 02:18 AM

الألعاب الصغيرة
قصة : د. طارق البكري



http://www.h-aljnoop.com/vb/imgcache/2656.imgcache.gif
ابتعدي عني .. اذهبي من هنا .. لا أستطيع رؤيتك "
كان يصرخ بأعلى صوته .. لا يريد مشاركة أخته الصغيرة في ألعابه يملك ألعابا كثيرة .. وهي تملك ألعابا مثله .. لكنها تحب اللعب معه ترمي نفسها .. ينظر إليها بغضب .. يدفعها بيديه الأم اعتادت على عراكهما المتواصل .. هو يحب أخته لكنه لا يريدها أن تخرب ألعابه الصغيرة أخيرا قررت الابتعاد عنه .. قالت : لا تحبني ، لن ألعب معك بعد اليوم ..
فرح في أول الأمر .. ثم افتقد مشاغبة أخته الصغيرة .. تمنى لو تعود كما كانت لم يعد يخفي ألعابه .. يغريها بالاقتراب واللعب .. لكنها ترى الغضب في عينيه حزن الصبي .. حزنت البنت .. الأم أيضا حاولت مصالحتهما فما استطاعت لم يتخاصما قبل اليوم .. عراكهما قديم لكنهما لا يتخاصمان ظن أن أخته لا تحبه .. ظنت أنه أيضا لا يحبها خرج ليلعب قرب الدار .. شاهد أخته على الشرفة تحمل عروستها التي تحبها رأته .. حزنت لأنها لا تلعب معه .. أرخت أصابعها .. سقطت العروسة خشي الصبي أن تسحقها إطارات السيارات فتحزن أخته ..
ركض ليعيدها إليها سليمة .. سيارة مسرعة كادت تصدمه .. زعيق مكابحها هز الحي حمل الصبي اللعبة العروسة ، طار بها إلى البيت طار قلب أخته من الفرح .. فرحت بنجاة أخيها لا بنجاة اللعبة عرفت كم يحبها .. عرف كم تحبه .. صارا يلعبان معا بكل الألعاب .. لم تعد تخرب له ألعابه ..
لم يتعاركا بعد ذلك اليوم .. كان يناديها :
"اقتربي .. اقتربي .. لا أتحمل بعادك


سمو الروح 25-08-2009 10:28 PM

النظارة الطبية
 
النظارة الطبية
قصة : د. طارق البكري

عاين الطبيب البنت الصغيرة سوسو ..

سوسو لا ترى بوضوح ، طلب منها أن تضع نظارة الجديدة .
قالت البنت الصغيرة سوسو للنظارة الطبية الجديدة :
أنت تشوهين منظري الجميل .. لا أريدك .. لا أريدك ..
الطبيب قال لسوسو : لاتخلعي النظارة أبدا وخصوصا عند القراءة .
سوسو لا ترى جيدا ما يكتبه المدرس علىاللوح الأسود ، لكنها لا تريد استخدام النظارة أمام صديقاتها .. في الفصل تلميذات كثيرات يضعن النظارة 00سوسو لا تحبها ، تظن أنها تجعلها قبيحة .
عندما وصلتسوسو إلى المدرسة خلعت النظارة ، في الفصل لم تكن ترى بوضوح 00صارت تنظر إلى كراسة التلميذة التي أمامها .. التلميذة نقلت كلمات خطأ ..
سوسو نقلت الكلماتكما هي ..
اكتشف المدرس فيما بعد أن الأخطاء واحدة .. التلميذة اعتذرت من المدرس لأنها نقلت الدرس بشكل خاطئ ولم تنتبه للكلمات الصحيحة على اللوح ..
سوسو لم تستطع إخفاء سرها .. طلبت من المدرس أن تتكلم معه خارج الفصل ..
قالت له إنها لاترى بوضوح ولا تحب استخدام النظارة الطبية ..
سألها : من أخبرك أنها تشوه وجهك الجميل يا ابنتي ؟!
أخرجت سوسو النظارة من حقيبتها .. بدت النظارة جميلة ملونة شكلها عصري تكاد تختفي من رقتها وخفتها .. قال المدرس : النظارة متناسقة مع وجهك .. تبدين طبيبة أو مهندسة ..
فرحة سوسو كانت كبيرة جدا .. عادت لفصلها فخورةبنظارتها ..
الطالبات سألن سوسو عن المكان الذي اشترت منه النظارة ؟لم تعد سوسو تنقل من كراسة صديقتها ..
أصبحت ترى بوضوح ، وعندما تخطئ زميلتها بالكتابة تقول لها ضاحكة : أنت بحاجة إلى نظارة طبية جميلة مثل نظارتي .. لكن صديقتها لم تكن بحاجة إلى نظارة بل كانت لا تنتبه أحيانا إلى ما يكتب على اللوح ، عندما تنبهها سوسو تنظر جيدا وتصحح أخطاءها.

هادي مو عادي 27-08-2009 05:21 PM

روووووووووعه
يعطيك العافيه
مع التحيه

:rose::rose::rose:
:rose::rose:
:rose:

دلع الجنوب 08-09-2009 12:25 AM

تسلم الايادي عن جد روووووووووووعه

سمو الروح 16-09-2009 01:01 AM

وفاء صبي
 
* وفاء صبي *

الكاتبة : إيمان علي

كان ولد صغير اسمه إبراهيم يلعب مع مجموعة أولاد بعمره .

عندما رأى كرة ملونة وسط الحشائش ، فأسرع ليلتقطها ، لكنها انطلقت مبتعدة وكأن أحد جذبها بقوة بخيط لا يرى ، وتوقف متعجباً ، ثم لما رأى الكرة تتوقف ثانية جرى إليها ، وجرت الكرة أمامه ، صارت الكرة تجري بسرعة والولد إبراهيم يجري بسرعة أكبر ليلحق بها ويمسكها .

وفجأة .. سقط الولد إبراهيم في بئر عميقة ولم يستطع الخروج منها .

أخذ إبراهيم يصيح لعل أحداً يسمعه ويخرجه غير أن الوقت مر وحل الليل وإبراهيم وحده في البئر حاول الصعود على جدرانها لكنها كانت ملساء وعالية ومبتلة ، وحاول أن يحفر بأظافره في جدرانها ولم يقدر على شيء .. فترك نفسه يتكوم داخل البئر ويبكي ..

في هذه الأثناء كان رجل يمر وهو راكب على حصانه ، حينما سمع صوت البكاء فاقترب قليلاً قليلاً ، واستمع ، ونظر ، لكنه لم ير أحداً .

دهش الرجل وحار كثيراً فيما يفعل ، البكاء يأتي من باطن الأرض ، فهل هو جني يبكي ؟ نعم لعله جني حقاً ، وهتف الرجل هل يوجد أحد هنا ؟

وبسرعة صرخ إبراهيم من داخل البئر .. أنا .. نعم .. أنا .. هنا ، وسأله الرجل هل أنت إنسان أم جني؟

أسرع إبراهيم يجيب صائحاً : أنا إنسان .. ولد .. ولد .. أرجوك أنقذني .. هنا .. هنا .. أنا في بئر هنا ..

وانطلق يبكي .. فنزل الرجل عن حصانه ، ودنا ببطئ وهدوء ، وهو يتلمس الأرض بيديه ويبحث بين الحشائش ، وكان يتحدث مع الولد لكي يتبع صوته حتى عثرت أصابعه بحافة البئر وبسرعة رفع قامته ليأتي بحبل من ظهر الحصان ، فهتف الولد : أرجوك يا عمي لا تتركني .. أنقذني أرجوك.
وأجابه الرجل ، لا تخف سأجلب حبلاً به أسحبك إلى فوق ..

وهكذا جلب الحبل ورماه إلى الولد الذي تمسك به بقوة ، فسحبه الرجل وصعد به إلى الأرض ، وبعد أن استراح الولد قليلاً أركبه الرجل لكي يوصله إلى أهله ، الذين شكروه كثيراً على حسن صنيعه .

ومضت الأيام والأسابيع والشهور والسنين ، ونسى إبراهيم ذلك اليوم المخيف في حياته ، وقد كبر إبراهيم كثيراً حتى صار شاباً قوياً وسيماً ، وأخذ يعمل بالتجارة ، فيقطع المسافات الطويلة .

وفي إحدى سفراته الطويلة ، كان مع أفراد قافلته قد ناموا في استراحة بعد يوم سفر طويل ، لكن حين استيقظ وجد نفسه وحيداً ، وقد تحركت قافلته ، ولم ير أي أثر لها ، فتعجب ، وتساءل : أيمكن أن يكونوا قد تعمدوا تركه؟؟ وهكذا مضى سائراً على قدميه سيراً حثيثاً ، محاولاً السير في طريق قافلته ، غير أنه وجد نفسه تائهاً في صحراء لا نهاية لرمالها ...

أخذ يسير ويسير ، وقد بقى لديه قليل من ماء وطعام عندما رأي غير بعيد عنه شيئاً مكوماً ، فرفع سيفه وتقدم إليه ، وهو يتساءل بينه وبين نفسه ( هل سمعت صوتاً ينادي؟) وتقدم أكثر إليه ، وعندئذ سمع صوتاً يصيح ( النجدة .. أنقذوا عجوزاً يموت .. ) وتعجب إبراهيم ، فمن جاء بهذا العجوز إلى هذا المكان ؟ .
حين وصل إليه ، وجده وهو يكاد يموت ، فأسرع ينزل قربته من كتفه ويقربها من فم العجوز المرتجف ويقول له:
خذ يا عم .. اشرب .. فليس في قربتي غير هذا القليل من الماء فرد العجوز بصوته المرتجف بعد أن شرب واستراح:
بارك الله فيك يا .. ولدي.. وأخرج له بقايا خبز لديه ، وقال له: كل يا عم .. كل هذا الخبز القليل لتقوي به..
فتناوله العجوز ودفعه إلى فمه وقال : جزاك الله خيراً .. أيها الشاب الطيب ..
وسأل إبراهيم : ولكن كيف وصلت إلى هذا المكان المقفر في هذه الصحراء القاحلة وأنت في هذه الحال ؟

رد العجوز :
حظي الذي أوصلني إلى هذا المكان ، وحظي الذي جعلني في هذه الحال . حين سمع الشاب إبراهيم الرجل ، أخذ يفكر أنه يتذكر هذا الصوت .. إنه يعرفه .. وردد : أنا أعرفه.. لابد أني أعرفه .. وكان العجوز ما زال يتكلم:
لقد تلفت ساقاي في حريق شبّ في بيوت القرية ، وبيت أهلي منها منذ زمن .. وصرت أتنقل على ظهر فرسي البيضاء .. وكنت الآن في طريق إلى أهلي وبيتي ، لكن قطاع الطرق أخذوا فرسي ورموني للموت هنا..

وسأل متعجباً : ولم يرقوا لحالك ويعطفوا عليك ؟
فأجابه العجوز : لا تعمر الرحمة قلوب الجميع يا ولدي..
فجأة سطعت الذكرى في رأسه ، وتذكر الرجل الذي أنقذه من البئر ، يوم كان صبياً صغيراً ، هكذا انزاح الضباب وظهر وجه الرجل .. وهتف في نفسه : ( هو .. هو .. إنه هو .. ) وسأله العجوز : ما لك يا ولدي ؟

فأجابه الشاب إبراهيم بسرعة :
إنه أنت .. نعم أنت هو .. حمداً لله وشكراً .. هذه غاية عطاء الله لي..
وسأله العجوز : ماذا حدث لك يا ولدي ؟
وسأله إبراهيم : هل تذكر يا عم . أنك قبل سنين كثيرة أنقذت ولداً صغيراً ساقطاً في بئر؟

في البداية لم يتذكر الرجل ، لكنه سرعان ما تذكر هو الآخر تحت وصف وإلحاح الشاب إبراهيم .. وقال له إبراهيم:
الحمد لله إنك تذكرت .. أنا هو يا عم .. أنا إبراهيم الذي أنقذته..
الشاب إبراهيم حمل الرجل العجوز على كتفيه وهو عطش وجائع وانطلق يسير به ويسير وهو يقول:

سأسير بك ما دمت قادراً على السير حتى أوصلك إلى بيتك أو أموت وحين وصلوا إلى قرية العجوز ، تجمع الناس حولهما مكبرين العمل الذي قام به إبراهيم ورأوا فيه كل معاني الإنسانية والوفاء ...

سمو الروح 16-09-2009 01:02 AM

أغنية الصداقة
 

قصة: يوسف حمدان


لم يكن يعلم ذلك القط أن اللحم التي عثر عليها قبل قليل سيسيل لها لعاب كلب الحارة الشرس ،والذي ما إن لمحها بين فكيه حتى راح يطارده في كل شوارع وأزقة الحارة حتى تمكن من محاصرته فوق جدار مرتفع .. وعندما لم يتمكن من الصعود إليه اشتد نباحه وغصبه . وصادف أن كان يسكن في جحر بأسفل الجدار فأر لم يستطع أن يقاوم فضوله لمعرفة ما يجري في الزقاق قريباً من مدخل جحره .. فأطل برأسه في حذر ، فرأى الكلب ينبح ويحاول الوثب على القط المحاصر فوق الجدار ... فخطرت له فكرة طارئه ابتغى من ورائها أن ينال رضى القط و يحصل منه على الأمان ...!! فلا يعود يهاجمه أو يتعرض له ...! قال الفأر للقط المحاصر فوق الجدار : - لقد صعب حالك يا صديقي علي ، ففكرت في حيلة عاجلة تبعد هذا الكلب عنك ، وتحررك من الوقوع بين براثنه اللعينة ...! فالصديق في وقت الضيق ولا يعرف المرء إلا في الشدة !! وسمع الكلب ما قاله الفأر ، فقال يسخرمنه: - أرني أيها الفأر المغرور ما انت فاعل من أجله ... وما كاد الكلب ينهي كلامه الساخر حتى فوجيء بالفأر " يعفر" التراب في عينيه ويقهقه ضاحكاً: - ها أنا أريتك ماانا فاعلٌ من أجله ...!

ومن العار أن يستمر نباحك بعد هذا الذي حصل لك!!
وتمكن التراب من عيني الكلب ... فلم يعد يرى طريقه واعترف بهزيمته ، إلا أنه مضى وهويتوعد الإثنين !: - حسن أيها الفأر المحتال ، فلا بد أن نلتقي ثانية .. أخبر صديقك القط بذلك أيضاً . لم يعره الفأر اهتماماً وشرع يعبر عن فرحته بالغناء والرقص ، فقدأحسّ بالأمان لأول مرة ... وقال لنفسه: - سنصبح أنا والقط صديقين حميمين ! وسيعمل على حمايتي من بقية القطط وتابع الفأر رقصه وغناءه على سمع وبصر القط الذي سارع بالنزول عن الجدار وشرع يشاركه فرحته بالرقص والغناء !.. وفجأة ضحك القط بصوت عالثم ابتسم ابتسامة عريضة جعلت الفأر يزداد إحساساً بالأمان وقد تلاشت منه مشاعرالخوف المتراكمة من هذا القط " الصديق"!! فراح يردد على سمعه أغنية تتحدث عن صداقة الفأر والقط !! في محاولة منه لتدعيم صداقته له .. إلا أن شهية القط تحركت ..! ورأى الفأر المسكين لسان صديقه يتجول خارج فمه في حركة تنم عما يدور في رأسه فارتاب وحاول أن يلوذ بالفرار ، إلا ان القط كان أسرع منه ، فأمسك به وقال له وهو يدسه في فمه الشره : - لن تجد يا صديقي مكاناً آمناً أفضل من بطني .. فأقم فيها إلى الأبد .. ولا تخش من وعيد كلب أو أنياب قط بعد اليوم !!
ورد الفأر وهو ينزلق في عتمة جوفه : - كم كنت غبياً عندما أمنت غدر عدوي !!

كم كنت غبياً .. كم كنـ ...

سمو الروح 16-09-2009 01:04 AM

الأصبع البيضاء
 
قصة: د.طارق البكري


شعرت منى بألم في أحد أصابع يدها اليسرى..
كانت منى تلعب من بنات وأولاد صفها.. لم تعبأ بالوقعة..
قامت تكمل اللعب : ركضاً ضحكاً وصياحاً...
ولمّا رجعت الى بيتها لم تهتم فقد كان الألم بسيطاً .. درست دروسها.. أنجزت فروضها .. ولعبت مع أخيها ثم نامت...
وفي الليل استيقظت على ألم شديد في أصبعها المصاب.. أشعلت لمبة قريبة من سريرها..
رأت أصبعها منتفخاً ولونه شديد الاحمرار يميل الى السواد مع كتلة منتفخة بسائل أبيض تكلل الأصبع.. خافت مما رأت..
فارتفع صوت بكائها..
جاءت أمها على عجل، ورأت أصبع منى.. أيقظت أباها فقال: عند طلوع النهار نذهب الى الطبيب.
وصلت منى الى المركز الطبي في الصباح الباكر.. وعندما شاهدها الطبيب قال لها: لا تخافي يا حلوة سأضع قليلا من المطهر ومرهماً أسود... وضع الطبيب المرهم حتى غطى الاحمرار والانتفاخ.. وقام بلف شاش أبيض عريض حول الأصبع.. وعندما انتهى بدت أصبع منى ضخمة بيضاء كأنها زرعت قطناً مكان في يدها.. وقال الطبيب: إن منى تستطيع الذهاب الآن الى مدرستها.
وفي المدرسة التف الصبيان والبنات حول منى.. حاولت منى اخفاء أصبعها البيضاء.. وضعت يدها في جيب سترتها.. لكنها تألمت.. الأصبع ضخمة جداً..
صارت أصبع منى حديث الفصل كله..
قام بعض الصبيان الظرفاء بلف محارم ورقية بيضاء حول أصبع من أصابعهم، تعاطفاً مع منى.. وقامت بعض البنات بمثل ذلك..
ظلت منى تضع الشاش الأبيض لأيام وتذهب الى المركز الطبي يوماً بعد يوم لتضع شاشاً جديداً ومرهماً أسود..
بعد أيام نزعت منى الشاش نهائياً.. كانت سعيدة بشفائها وشاركها تلاميذ الفصل فرحتها....
أحد التلاميذ الظرفاء رسم لوحة كبيرة.. رسم أصبع منى ملفوفاً بشاش أبيض بحجم بطيخة... ظلت منى تضحك من هذه الرسمة أياماً طويلة...
وضعت مدرسة منى الرسم في لوحة الحائط.
قالت منى: عندما أكبر أريد أن أصبح مثل الطبيبة التي وضعت لي الدواء والشاش الأبيض...

سمو الروح 16-09-2009 01:04 AM

صاحب القصر وصديقه القديم
 
قصة : د. طارقالبكري

قصة جديدة تختزنمعان عديدة تناسب طفولة متأخرة .. تحكي قيمة وفاء وحب وألم .. قصة جديدة بطعم جديد ..

كتبتها هديه لطفولة عربية في زمن محن ..


صاحب القصر وصديقه القديم
في مكان بعيد بعيد .. على قمة ربوة خضراء عالية ، محاطة غالبا بسحب بيضاء مثل ثلج ناصح .. متوهج تحت شمس، يكاد متأمل يسحر بمرأى سماء تحتضن ربوة بحنو وسكينة .. يشعر في الليالي بقدرته على لمس نجوم مرتجفة ، تبدو من هاهنا دانية مثل ثمار شجر .. يكاد عابر في عتمة ( ظلمة ) دروب طويلة لا يحتاج ضوء قنديل أو شعاع سراج ..
هناك ..
حيث ينام قمر وتغفو عصافير دون خوف من صياد يأتيها بغتة ( فجأة ) .. تسير أرانب بخشوع آمن فيجوار ثعالب , وترقد ( تنام ) حملان قرب ضباع ..
هناك ..
في أعلى سنام الربوة قصر حجري قديم ..
قرميد سقفه .. صخر جدرانه .. عال جبينه .. مرتفعة هامته ..
منارته تخرق الفضاء ، ترمي بشباكها حيث تسكب أنوار بهيبة شموخ ، بلا استئذان ..

يطل القصر ببهاء باهر على حدائق وتلال ووديان ومروج .. معلنا نفسه حارسا أمينا للوحة فنية طبيعية ساحرة مبدعة صافية ..
وفي أيام شتوية .. وقت ما تتكدر سماء ( يتغير لونها )، تغيب منارات القصر الشامخة للعلا بين غيوم متكدسة كقطن حالك ( شديد السواد ) تتدلى من فوق إلى تحت، تتمدد من أسفل إلى أعلى .. تبدو تلالا قطنيةتنحدر بقوة .
سيد القصر وصاحبه لا يستسلم لجبروت طبيعة ..
يأبى أستار شتاء تحجب أنوارا مرسلة جذبا لتائهين ضائعين في عتمة ليل .. يطلبهم حثيثا ( سريعا) كما يطلب سراج نور فراشات هائمة ترنو( تحن ) لدفء وقبس ( شعلةُ نّار ) من أمل .. عندها يستنفر خدم القصر وعسسه ( حراسه ) ، ينطلقون بأمره ، يزرعون قناديل على أطرافالربوة .. في زوايا طرقات ودروب ، إسعافا ( إنقاذا ) لعابري ليل كالح ( متجهم عابس ) ، هديا لتائهين تحت لطم عواصف.. دعوة لمشردين باحثين عن مأوى ( ملجأ ) دافىء،يلوذون به ( يحتمون به ) ، يقيهم سياط برد وبلل شتاء وقرصة جوع .. ومن يعرف جوع يعرف أن قساوته في برد أشد وأمر ..

***
القصر واسع واسع ، غرفه كثيرة كثيرة .. تحيطه بساتين ممتدة تنتهي حيث ينتهي البصر..
مئات العمال يعملون دونملل ..
يزرعون أنواعا من أشهى فاكهة وخضراوات .. أرض الربوة خصبة خصبة ، لا تبخل بشيء مما في أحشائها ( بطنها ) ، لا تحتاج سمادا ولا جهدا كبيرا ، ماء يسيل حولها من كل صوب ، عشب ضار لا ينبت بها .. ترابها نظيف .. فاكهتها لذيذة .. كل ما عليها يعجز واصفا عن وصفه وساحرا عن سحره وفنانا عن فنه وشاعرا عن شعره .. في الربوة حركة دائبة ( جَادّةٌ مُنْهَمِكٌة ) ، أعمال مستمرة لا تتوقف .. مثل خلية نحل أو ثكنة جيش .
صاحب القصر هادئ رزين ( حليمٌ وقورٌ رصين ) .. لطيف في تعامله ، وهو دائما سعيد مبتسم بشوش ..
عمال يحبونه .. أزهار .. أشجار .. فراشات .. حتى حيوانات الزرائب ( حَظيرَةُ الْماشِيَةِ ) عندما تشم رائحته تطلق أصواتا تدل على رضى وحبور ( سرور ) .
كل من في القصر يقلد السيد الكريم .. حرس خدم حاشية .
هو لا يفرق بينهم .. علا شأن أحدهم أو انخفض .. كل متساوون سواسية ، وأكثر من ذلك، يساويهم بنفسه ، في مشرب ومأكل وملبس ، طعامهم طعامه ، ثيابهم ثيابه ، لو شاهدته برفقتهم مافرقت بينهم وبينه .. لا يبخل عليهم بعطاء .. لا يهينهم .. لا يكلفهم ما لا يطيقون ..
على هذه الحال عاش ساكنوا القصر بوئام وسلام ومحبة ، عاشوا دون أن تكدر صفو حياتهم شائبة ( علة ).

***
مرت أيام هنيئة سعيدة .. ليس فيها ما يقلق منمزعجات ..
توالت سنون وأيام آمنة مستقرة ..
كبر سيد القصر .. وبلغ أولاده الثلاثة : رستم ، حمزة ، تيمور سن فتوة وشباب ..
سار الأبناء على منوال ( أسلوب ) أبيهم .. عملوا بأيديهم ، لم يميزوا أنفسهم عن غيرهم من عمال القصر وزارعي حدائقه .. لم يكن زائر يفرق بينهم وبين أصغر عامل في القصر ..
عاش الجميع أيامهم بهدوء .. يتزوجون .. يتعلمون .. يزرعون .. يحصدون .. كانت أعدادهم تزداد إما بأولاد جددأو بعمال جدد .. وكان صاحب القصر يبني لعماله بيوتا حول قصره تبدو للرائي (للناظر) قصرا مصغرا عن قصر كبير .. لم يفعل ذلك إبعادا لهم عن قصره .. بل لأن قصره ضاق بساكنيه كما إنه أراد لهم أن يستقلوا ببيوت خاصة ويعشوا حياة طبيعية ..
سيد القصر متزوج من زمن بعيد .. لكن أحدا لا يعرف زوجه .. لم تكن تظهر على ناس أبدا.. وحتى على نساء كبار معاونيه ..
طلب بعض نساء إذنا بزيارتها .. كان طلبهن يرد دائما بلطف بالغ .
كن يتعجبن من هذا السر ، يتساءلن عن سرّ سيدةالقصر التي لا تخرج من جناحها ولا يعرفها أحد ..
ومع مضي الأيام خبا ( خف ، بهت ) كل حديث عنها وكاد الناس ينسون وجودها ولم يعد كلام عنها رائجا ( سائدا ) .
وفي ليلة صيفية ..
في وقت متأخر ..
انعدمت فيه أصوات البرية ( المخلوقات ) والنسائم الساكنة .
لم تكن تسمع أصوات طيور وحشرات ..
شق صمتاً بديعاً ( رائعاًَ ) صرخة مثل صاعقة مدوية .. انفجرت من ذاك الجناح المنسي .. المحرم على ساكني القصر وحدائقه ..

سمو الروح 16-09-2009 01:05 AM

جزاء الأنانيةالكاتب: إيمان علي
تأليف: ريهام محمد فريد
جزاء الأنانية جاء يوم الجمعة المنتظر والذي كان من المتفق فيه أن تذهب أسرة الأستاذ مصطفى والمكونة منه هو وزوجته وطفله وليد لقضاء يوم مع الأستاذ محمود وزوجته وابنه علاء في منزلهم المطل على البحر .

وصل الأستاذ مصطفى وأسرته ليجدوا الأستاذ محمود في استقبالهم. رحب الأستاذ محمودب الأسرة ونادى على زوجته لترحب بضيفتها ، زوجة الأستاذ مصطفى ، وجاء علاء وسلم على وليد ودعاه للدخول للعب معه على الشاطئ أمام المنزل .

خرج وليد مع علاء إلى الشاطئ وأمضيا وقتا لطيفا في اللعب على الرمال إلى أن ناداهما والديهما للذهاب إلىالمسجد من أجل صلاة الجمعة .

* * *
وصل الأستاذ محمود والأستاذ مصطفى إلى المسجد مع علاء ووليد ، وبالرغم من أنهم قد وصلوا قبل ميعاد الصلاة إلا أنهم وجدوا المسجد ممتلئ بالمصلين ولا يوجد مكان للصلاة إلا خارج المسجد فبحثوا عن مكان به ظل فلم يجدوا سوى مكان صغير تظلله شجرة متشابكة الأغصان . وعندما استقروا أسفل الشجرة، وجد وليد أن الشجرة لا تظلله تماما وأن هناك جزء منه معرض لأشعة الشمس ونظر فوجد أن علاء بعيد عن أشعة الشمس تماما، ففكر وقال في نفسه : " أنا لا أريد أن أقف في الشمس ، يجب أن أجد طريقة لأقف مكان علاء في الظل وليقف هو في الشمس "

وبينما هو يفكر في وسيلة ليأخذ مكان علاء ، نظر علاء فوجد وليد وقد أصابه بعض من أشعة الشمس بينما يجلس هو في الظل فقال لوليد : " وليد، صديقي العزيز ، لاتقف في الشمس ، فلتأتي مكاني هنا فكله ظل وسأقف أنا مكانك "

ابتسم وليد وفرح أن علاء قد حل المشكلة من نفسه وذهب إلى الظل تاركاً علاء مكانه في الشمس .

بدأت خطبة الجمعة ومع بدايتها هبت نسائم هواء لطيفة ، خففت من حرارة الجو والشمس ، وجعلت الشجرة تتمايل مما جعل أغصانها تظلل مكان علاء فلم يشعر بأشعة الشمس طوال وقت الصلاة .

ولكن أثناء الصلاة شعر وليد بأشياء تتساقط عليه من الشجرة ولكنه لم يستطع أن يتبين ما هذه الأشياء ولم يستطع أن يتحرك لتفاديها لأنه كان في وسط الصلاة .

وعندما انتهت الصلاة نظر فوجد بعض فضلات الطيور تغطي ملابسه وأكتشف أن هناك عشاً للطيور فوق المكان الذي يقف فيه على الشجرة ، ويبدو أنه عندما هبت نسائم الهواء فإنها حركت الشجرة مما أسقط تلك الفضلات عليه .

شعر وليد بالحزن لأن ملابسه قد اتسخت بهذا الشكل ولكن علاء قال له : " لا تحزن يا وليد ،عندما نعود للمنزل يمكنك أن تحصل على ملابسي الجديدة التي اشتراها لي والدي بالأمس"

فتعجب وليد وقال له : " ولكنك لم ترتديها من قبل فكيف ستسمح لي بارتدائها قبلك ؟"

رد علاء مبتسما : " وليد ، أنت صديقي وأنا احبك ، وعندما ترتدي هذه الملابس ، أكون كأنني أنا الذي ارتديتها وسأكون سعيداً بهذا "

تعجب وليد من هذا المنطق ولكنه لم يشغل باله بالتفكير في هذا الأمر فكل ماكان يهمه أنه سيرتدي ملابس جديدة بدلاً من تلك التي أتلفتها فضلات الطيور .

* * *
عاد الجميع إلى المنزل وأبدل وليد ملابسه بملابس علاء الجديدة وذهبا لاستكمال لعبهما على شاطئ البحر إلى أن حان ميعاد الغذاء والتفت العائلتين حول مائدة الطعام الشهية التي قامت بإعدادها أم علاء .

وبعد الانتهاء من الطعام، قامت أم علاء بتقديم الفاكهة وأخذ الجميع منها ما عدا وليد وعلاء .

نظر وليد إلى طبق الفاكهة ، فوجد المتبقي به تفاحة كبيرة وثمرة جوافة خضراء اللون وثمرة مشمش صغيرة ، ففكر في نفسه وقال : " ثمرة الجوافة هذه لونها أخضر فأكيد لن يكون طعمها حلو ، أما ثمرة المشمش هذه صغيرة جدا ، سآخذ تلك التفاحة بالتأكيد لأنها كبيرة وليأخذ علاء الجوافة أو المشمش "

أخذ وليد التفاحة وأخذ علاء ثمرة المشمش وأكل منها فوجدها حلوة المذاق .

أما وليد فقد أخذ قضمة من تفاحته ثم فوجئ الجميع به يصرخ ويلقي تفاحته في الهواء لتسقط على الأرض وسط دهشة الجميع من هذا التصرف .

أشار وليد بيده إلى التفاحة وقال : " وجدت دودة داخل التفاحة "

نظر الجميع فوجدوا بالفعل دودة صغيرة تزحف خارجة من التفاحة .

وجد علاء قطعة معه متبقية من ثمرة المشمش الصغيرة فأعطاها لوليد وقال له : " تفضل يا وليد هذه الثمرة حلوة المذاق وستعجبك بإذن الله "

فقال وليد : " ولكن هذه الثمرة أصلا صغيرة فكيف ستعطيني منها ؟"
رد علاء : " يا وليد ، عندما تأكل منها أشعر وكأنني أنا الذي أكلت تماما "

لم يفهم وليد ماذا يعني علاء ولكنه لم يتوقف كثيراً عند هذا الكلام وأخذ المشمش من علاء وأكله .

* * *
في المساء وقبل انصراف أسرة الأستاذ مصطفى ، أخرج الأستاذ محمود علبتين ملفوفتين بورق الهدايا ، واحدة كبيرة والأخرى صغيرة وقال : " لقد أحضرت هاتين الهديتين لعلاء ووليد ، وسأترك الاختيار لوليد أولا لأنه هو ضيفنا "

نظروليد للهديتين وقال في نفسه : " طبعا سآخذ الهدية الكبيرة وليأخذ علاء تلك العلبة الصغيرة "

أخذ وليد العلبة الكبيرة وترك الصغيرة لعلاء وبدأ في فتح هديته وهو متحمس ليرى تلك اللعبة الكبيرة .

نظر وليد داخل العلبة فوجد سيارة صغيرة فأصيب بخيبة أمل ونظر ليرى هدية علاء فوجدها سيارة أيضا ولكنها من النوع الذي يتم التحكم فيه عن بعد عن طريق جهاز صغير .

دهش وليد ولم يستطع أن يخفي دهشته فقال : " كيف هذا ؟ لقد اخترت العلبة الكبيرة ..."

قاطعه الأستاذ محمود قائلا : " حينما أردت أن ألف الهدايا لم أجد سوى تلك العلبة الكبيرة لأضع بهاالسيارة "

بدأ وليد في البكاء وقال " ولكني كنت أريد تلك السيارة الجميلة "

مد علاء يده بالسيارة وقال لوليد : " تفضل يا وليد ، هي لك "

تعجب وليد مرة أخرى وقال : " أنا لا أفهمك يا علاء ، طوال اليوم وأنت تعطيني كل شئ أنتتحبه بدلاً من أن تأخذه أنت لنفسك "

ابتسم علاء وقال : " نعم يا وليد فأنا أعمل بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم "

قال وليد : " وما هي هذه الوصية؟!"

قال علاء : " يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حب لأخيك ما تحبه لنفسك )، ما لا أرضاه لنفسي لا أرضاه لأخي وما أحبه لنفسي أحبه لأخي ، لأنني حينما أرى أخي سعيدا فإن هذا من المؤكد أنه سوف يسعدني ، كما أنه عندما يجدني الله أبحث عن سعادة أخي فسوف يرضى عني ويكافئني "

رد وليد : " ولكني لست أخيك "

قال علاء : " يا وليد ليس من اللازم أن يكون الأخ هو من ولدته أمك ، ولكنقد يكون الأخ هو صديق أو قريب لك أو أي شخص تحبه وتتمنى له الخير "

شعر وليد بالخجل من نفسه ومن تصرفاته طوال اليوم واعتذر لعلاء ثم ذهب لوالدته وطلب منها شيئا" فأخرجت من حقيبتها قطعة من الشكولاته وأعطتها له ، فأعطاها لعلاء وقال : " أخي وصديقي ، تفضل هذه الشكولاتة ، كنت احتفظ بها لآكلها وحدي في طريق العودة أما الآن فأنا أريد أن تأكلها أنت "

ابتسم علاء وقال : " فلنقتسمها سويا "


سمو الروح 16-09-2009 01:06 AM

دينــــــا المدلّلة
 
الكاتب: إيمان علي


كلما سارت دينا في الشارع المؤدي لمنزلها ، سمعت كلمات

يقولها بعض الجيران عنها : "ها هي الفتاة المزعجة ذاهبة ."
دينا عمرها 6 سنوات ،هي الوحيدة لوالديها ولهذا فهم يدللاها كثيراً وينفذان كل ما تطلبه حتى اعتادت على هذا . منذ مولدها لم يرفض لها أحد طلبها مهما كان . وكانت تدرك هذا ، فكانت دائماً تطلب وهي متأكدة من أن طلباتها ستكون مجابة .
في يوم من الأيام تنبهت أمها إلى أن ابنتها أنانية لا تشرك أحداً في شيء ، سواء كانت لعبة ، أم كان كتاباً أو طعاماً . واكتشفت أيضاً أن أكثر الأطفال لا يحبون اللعب مع ابنتها لأنها - حسب قولهمتأمرهم وتطلب أن تطاع ، وأحياناً تبكيهم .

فهمت الأم أن تصرف ابنتها مسؤوليتها وخطأ منها ومن والدها ، فلولا دلالهما المفرط ومنحها كل ما تطلب ، لكانت أفضل ولكان لديها صديقات تشاركهن اللعب . حالياً بدأت المدرسة ودخلت دينا عامها الدراسي الأول في فصل به مدرسة جادة ، والمدرسة كانت قوية تعلم الأطفال كيفية التصرف والتعامل بأخلاق حميدة .

كل من في الفصل لاحظ أن دينا ذكية جداً ،ولكن لم تتمكن من الحصول على صديقات حتى دخلت ريتا الفصل . ريتا كانت جديدة في المدينة وخجولة جداً ولم تكن تجرؤ على الكلام مع أحد ، ولهذا فقد تمكنت دينا من التقرب منها ، فريتا ضعيفة ووجدت دينا أنها قادرة على جعلها تؤدي لها بعض المهمات وتأمرها كما تشاء ، وطبعاً وجدت من تلعب معها .

في يوم ما ، أنبت المعلمة ريتا لأنها لم تفكر قبل أن تحل مسائل الجمع ، فإجابتها كلها خطأ .

بكت ريتا بمرارة عندما ضحك عليها الأطفال . فالمعلمة قد قامت بالشرح بشكل وافي ، ولكن لم تفهم ريتا ولم تسأل المعلمة.

أخبرت دينا أمها عن صديقتها ريتا وبكائها في الفصل . اقترحت أمها : " لمَ لا تحاولين مساعدتها وشرح الدرس لها ببساطة ؟ فهي تحبك وأعتقد أنها ستفهم شرحك أكثر لأنه أبسط ."
فقالت دينا : " يا أمي ، ليس لدي وقت أضيعه ، ماذا أفعل لها إن كان عقلها لا يستوعب ؟ "
قالت أمها : " ولكن ريتا صديقتك ، وإن لم تساعديها ، فمن سيفعل ؟"

ثم قررت أمها أن تخبرها بقصة النملة والحمامة : " حدث في يوم أن سقطت نملة في نبع ماء وبدأت بيأس تحاول إنقاذ نفسها . رأتها حمامة فقطعت ورقة شجرة ورمتها بقربها فصعدت النملة عليها وتمكنت من الوصول إلى الدفة . بعد مدة ، جاء صياد يصطاد الطيور ووقفت تحت الشجرة ليصطاد الحمامة النائمة . النملة رأتها وتنبهت لما ينوي فعله ، فقرصته بساقه . صرخ الصياد متألماً فاستيقظت الحمامة على صوته وعرفت ما يجري ، فطارت هاربة . "

أكملت الأم : " هل فهمت المغزى من القصة يا دينا ؟ القصة تعني أنك إن قمتِ بعمل خير سيعود الخير عليكِ . "
قالت دينا : " هذه مجرد قصة وهي للأطفال الصغار وأنا كبيرة . "

وهنا وجدت الأم نفسها مضطرة لأن تكون أكثر جدية مع ابنتها ، فقالت : " إنلم تساعديها ، سأحرمك من مشاهدة برامج الأطفال لمدة أسبوع . "

هنا وجدت دينا نفسها مرغمة على عمل ما قالته أمها على مضض . قامت دينا بمساعدة ريتا ، وبكل بساطة فهمت ريتا الدرس .

وعندما سألتها المعلمة ، أجابت ريتا بالإجابة الصحيحة . مدحتها المعلمة أمام الفصل فشعرت ريتا بالفخر والسعادة وأخبرت الجميع أن معلمتها كانت دينا ، وكيف أن دينا صديقة مخلصة . ولكن دينا كانت ترغب بنسيان هذا الموقف لأنها أجبرت عليه وهي لم تعتد على أن يجبرها أحد على شيء .

في هذه الفترة كانت ريتا تحاول إيجاد أي سبيل لرد المعروف لدينا ، وحانت الفرصة بسرعة.

فيأحد الأيام ، غضبت دينا فقامت بشتم طالبة في المدرسة أصغر منها ، وهذه الألفاظ ممنوعة تماماً في المدرسة . كما أنها قامت بدفع فتاة أخرى ، سقطت الفتاة وجرحت ركبتها .

عرفت مديرة المدرسة بالأمر فأنبت دينا أمام الطلاب خلال اللقاء الصباحي . كما أنها عاقبتها بأن تبقيها بعد انتهاء دوام المدرسة حتى تنظف كل الفصول من الأوراق . تحطم قلب دينا ، كانت متكبرة جداً ولم يهنها أحد هكذا من قبل. كانت تتمنى في هذه اللحظة أن تبتلعها الأرض حتى لا تضطر للنظر في وجه أي أحد.

بعد الانتهاء من المدرسة في هذا اليوم ، تركت دينا وحدها في المدرسة لتنظيف الفصول ، فقامت بعمل ما شعرت به طوال النهار ، بكت ثم بكت وبكت حتى جفت دموعها .

وعندها حضرت صديقتها ريتا لتجدها تبكي بمرارة وندم . فبقيت معها وساعدتها حتى أنهت العمل الموكل إليها . وعندها تذكرت دينا القصة التي قصتها عليها أمها .
ومن هذا اليوم تغيرت دينا وأصبحت فتاة طيبة ، كما أصبحت هي وريتا أفضل صديقتين .



سمو الروح 16-09-2009 01:07 AM

الغزالة ريم
 
قصة : د . طارق البكري


في واد عميق خصب ملئ بالنبات والماء .. عاشت مجموعة كبيرة من الغزلان ، متنوعة الأشكال والأحجام والألوان ، تمتاز بالرقة والخفة والرشاقة والجمال ..

غزالة صغيرة اسمها ريم كل قطيع الغزلان يحبها لأنها مهذبة مؤدبة تحب الآخرين وتحترمهم ولا تؤذي حتى مشاعرهم ..
بعض الغزلان المشاغبات تغار من ريم ..
الغزالة الشقراء كتمت غيرتها .. الحمراء لم تبد انزعاجها ، ومثلها البيضاء والقرمزية والصفراء المنقطة .. لم تكشف ما في نفسها ..
باقي الغزلان كن يحببن ريم ، يمتدحنها على لطافتها ورقتها ..
الغزالة البنية لم تقدر على كبح حنقها ؛أمطرت ريم بنظرات قاسية وعبست فيوجهها ..
ريم طيبة القلب ؛ اعتقدت أن الغزالة البنية مريضة ، أخيرت ريم أمها ..
الأم تعرف السبب لكنها لم ترد جرح براءة ابنتها ..
قالت : خذي يا ريم هذه الحشائش الطيبة الطازجة التي أحضرها أبوك من قمة الجبل العالي .. اذهبي بها إلى الغزالة البنية ؛ قولي لها إنها هدية منك ستأكلها وتتحسن ..
فعلت ريم كما قالت أمها .. خجلت الغزالة البنية من نفسها .. طلبت من ريم أن تكون صديقتها ..
الغزلان المشاغبات علمن ما حدث ..
قررن أن يفعلن ما فعلته بعدما رأين أخلاق ريم ..
واحدة من الغزلان لم يعجبها ما حدث ؛ قررت مخاصمة الغزلان اللاتي صاحبن ريم ..
وكانت النتيجة أنها أصبحت وحيدة لم يعد أحد يكلمها ..
لكن الغزلان أصبحن لطيفات طيبات القلب مثل ريم ..
قررن مصالحتها وطلبن من ريم أنتكون في مقدمة المصالحة ..
ريم لم تكن تدري ما السبب ؟
لكنها صارت تعلم الفرقما بين الحب والحقد .. شعرت أنها أصبحت كبيرة لها عنفوانها وكرامتها ؛رفضت التنازل والذهاب إلى تلك الغزالة ..
تفاجأت الغزلان من موقف ريم ..
انزعجت لأنها تعلمت الحب والمسامحة من ريم بينما هي الآن ترفض المسامحة ..
فكرت الغزلان أن ريم أصبحت متكبرة ..
علمت أم ريم بما حدث .. أم ريم غزالة حكيمة .. أحست بحزن ابنتها وندمها لكنها كانت تكابر وتعاند ..
فكرت ريم طوال الليل .. في الصباح أخبرت أمها .. اعترفت بخطئها .. تساءلت كيف تصلح الخطأ ؟؟..
أخبرتها أن عليهامواجهة الخطأ بنفسها ..
ذهبت ريم إلى الغزالة الغاضبة .. أخذت معها عشبا طريا لينا لذيذا جمعته بنفسها من قمة الجبل العالي .. وطلبت منها أن تكون صديقتها ..
علمت الغزلان بما فعلت ريم .. شاهدوا ريم تلعب مع تلك الغزالة ..
فرح الغزلان كبار السن لأن القطيع كله متضامن يحب بعضه بعضا..
أدركوا أن القطيع سيبقى متحدا ولن يتفرق ما دام الحب يجمع بين أفراده
وعاشت ريم مع باقي الغزلان بسعادة وفرح .

سمو الروح 16-09-2009 01:08 AM

قصة علمية:
 
أين ينتهي البحر
بقلم: د/ طارق البكري


كان عقلي الصغير يوهمني أن البحر ينتهي عند منتهى النظر، وكنت أظن واهماً أنّ الشمس وقت المغيب تغسل وجهها بماء البحر، وتستريح بعد ذلك من عناء عملها طوال النهار فتنام ليلاً حتى مطلع الفجر...
اعتقدت طويلاً، ولم أسأل الناس متحققاً من صحة اعتقادي، ربما لأنني أحب دائما الاحتفاظ بخيالاتي "المتحمسة" كيلا تدوسها خيول الحقيقة.. اعتقدت - واهما أيضاً - أنّ خط نهاية البحر الوهمي في عقلي يسكن سداً صلبا، يحول دون تسرب الماء من البحر فلا يتحول الى وادٍ سحيقٍ عميقٍ.. سداً يقف كالجبل الشامخ، يحجز الماء عن تدفقه...
ظننت أن العالم ينتهي عند هذه النقطة.. وأن الماء لو تسرب من فجوة ما لسال في الفضاء..
ياااه.. يا له من خيال مضحك..
ومع ذلك لم أكن أريد تغيير "الحقيقة"..
لكني اكتشفت - غصباً عني - أنّ الأحلام شيء و"البحر" شيء آخر..

***

عندما أصطحبني أبي برحلة بحرية بالحاح شديد مني.. نظرت الى بعيد بعيد..
وكلما أوغلت السفينة في أعماق البحر؛ ابتعد السد الوهمي عني حتى كاد يتلاشى.. وكنت أظنني أقترب منه..
لم أجرؤ على البوح بهذا الوهم "الحقيقة"..
وددت الصراخ بأعلى صوت.. آمر البحارة بأن يقودوا السفينة نحو "السد"..
كانت ضربات قلبي تشتد بارتفاع السفينة وهبوطها..
صعدت الى أعلى مكان في السفينة.. ساعدني أحد البحارة لأصل الى منارة السفينة... أعطاني منظاراً كبيراً.. اعتقدت أخيراً أني سأشاهد نهاية البحر.. أعتقد البحار أنني سعيد بما أراه من بحر عظيم.. صرت أبحث في كل اتجاه.. أبحث عن نهاية البحر، لا عن هيبته وجلاله..
تخيّلت في عقلي الصغير كيف يمكن للبحر أن يتجمد في نقطة ما من الأرض، ويصبح صلباً كالصخر..
وفيما بعد اكتشفت وهم طفولتي.. أحلام نهايات البحر..
وحزنت عندما اكتشفت: براءة الأحلام من حقيقتها..

***

لكن بعض أحلامي الطفولية تحققت..
رضيت من بقايا الطفولة الساحرة..
علمت أنّ في الأرض قطعاً من بحر متجمد..
رأيت بعينيّ كيف يصبح البحر جامداً كالصخر (حقا حقا)؟.
عرفت أنّ هناك مناطق شاسعة متجمدة تماماً.. وأنّ الحرارة عند طرفي الأرض في شمالها وجنوبها وما يحيط بنقطة ارتكازها التي نراها في مجسمات أرضية، تهبط بشكل مخيف، ويصبح ميزان الحرارة دائما تحت الصفر بعشرات الدرجات..
رأيت كيف يصبح هذا البحر الهادر قطعة من الأرض..؟
وكيف يسير الناس بمراكب متزحلقة تجرها كلاب فوق ماء متجمد..
وهناك يحفر صيادون "البحر"..
نعم..
يشقونه بفأس أو منشار، لا ليغرسوا شجرة بل ليرموا خيوط صيودهم الدقيقة وفي رأسها حديدة مسننة عليها شريحة سمك شهية، تجذب رائحتها الأسماك من أعماق بحر متجمد في قمته.. سائل في قعره..
تخيّلت في عقلي - الذي مازال يحلم - كيف يستقرّ الجامد فوق متحرك؟
وكيف يحفظ البارد الدافئ؟
ويثبت ناس ويسيرون بهدوء وسكون واطمئنان فوق جليد يخفي أمتاراً من أعماق مائية المتحركة..

****

دهشت أكثر عندما رأيت جبالاً بيضاءً.. جبالاً ناصعة..
ودهشت أكثر وأكثر عندما علمت أنّ هذه الجبال الضّخمة ليست سوى قمماً لجبال مخفية..
وأنّ ما في البحر منها ما هو أضخم بمرات من قممها الظاهرة..
ولاحظت أنّ سكان القطب المتجمد بيوتهم من صخر مائي متجلد.. وكذلك أثاث بيوتهم..
عجبت كيف أنّ بيوتهم هذه مصنوعة من قطع ثلج مرصوصة بدقة بالغة، وبطريقة عجيبة، تجعل البيت دافئاً من الداخل، فلا يتسلل برد الى ساكنيه.. وكأنهم يرددون قول الشاعر العربي القديم: وداوني بالتي كانت هي الداء..

***

درست في مدرستي بعد ذلك أنّ السّحب العظيمة التي نراها عادة في فصل الشتاء، عبارة عن ماء متجمع في طبقات الجو العليا..
تنقله الرياح الى حيث أمرها الله.. لتُسقط الماء.. يبقى على حاله أو يتحول برداً أو ثلجاً..
أدركت أشياء كثيرة لم أكن أعرفها..
وعلمت أنّ الهواء الذي يدخل في رئتيّ يحوي هو أيضاً كمية كبيرة من ماء..
وأنّ جسمي الذي أعيش فيه كان في الأصل ماءً وتراباً..
ذهب التراب بأصله وشكله وبقي الماء المتغلغل في تفاصيل الجسد.. من لحم وعظم ودم.. فلا توجد خلية حية بغير ماء..
وقد كان العرب قديماً يقولون لمن مات: "ذهب ماؤه", وهذا يعني أنّ الماء سرّ الحياة..
ألم يقل الله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟
وعلمت أن الماء هي الحياة نفسها..
حتى الدماء التي تسري في أنحاء الجسم اذا جفت وذهب ماؤها لا يبقى غير ذرات حمراء باهتة اللون..
وكنت ألاحظ ذلك إذا جرحتُ نفسي أثناء لعبي مع أقراني الصغار..
ومثل هذه عصائر الفاكهة، لو تركتُ في كأس عصيراً حتى جف تماماً لَمَا بقي غيرُ بقايا ملونةٍ في قعر الكأس..
وقد لاحظت أن أمي تضيف إلى الحليب المجفف أضعافاً من حجمه ماء ليصبح حليباً سائلاً أشربه..

***
وعلمتُ أنّ الأنسان يستطيع البقاء حياً أسابيع طويلةً من دون أن يأكل لقمة واحدة، لكنّه يموت إذا لم يشرب ماء لأيام قليلة وربما لساعات، كما أن الانسان يستطيع أن يحيا على لقيمات بسيطة طوال عمره لكنه لا يستغني عن كمية وافرة من الماء ليشربها يومياً..
ورأيت المريض الذي لا يستطيع تناول الطعام والشراب يقومون بحقنه بمصل في شرايينه، وهذا المصل عبارة عن ماء وبعض المغذيات..
ورأيت أيضا حرص الناس الشديد على الماء في البلاد التي ليس بها ينابيع وأمطار..
رأيتهم كيف يصنعون من ماء البحرالمالح ماء حلواً طيب المذاق..
رأيت الينابيع على أنواعها..
الصافي البارد الرقراق، الفوار الحار، المعدني الأحمر مثل حديد مهترئ..
علمت أن في أعماق البحر ينابيع كثيرة، وفي جوف الأرض أنهاراً لا تعد، وفي الجبال بين الصخور مخابئ مياه عجيبة..

***

لم أكن لأصدق أن مياه البحر التى أراها واحدة متصلة قد تكون في بعض الأماكن من البحار أو المحيطات مياها متعددة.. وبحارا منفصلة.. يحدها جدار مائي وهمي حقيقي،، لا يمكن للعين أن تراه بوضوح.. فالمياه متلاصقة متلاحمة، ولهذا أسماك ولذلك أسماك.. للأول حرارة وللثاني حرارة مختلفة.. ومواصفات مختلفة ..
لم أصدق كما قلت في أول الأمر.. ولكنّها حقيقة أقرب الى حلم..
وعلمت أن الكرة الأرضية هي في الواقع كرة مائية.. فالماء يشكل أكثر من ثلثي الأرض.. واليابسة ليست سوى جزيرة تشكل الثلث فقط او أقل..
فأدركت أن الماء هو الذي يحمل الأرض وليست الأرض هي التي تحمل الماء..
وعرفت أن عمق الأرض يسيل.. وأن اليابسة تسبح على بحر ملتهب.. يخرج إلينا من حين لآخر من فوهات براكين نراها في العالم..

***

ورأيت أيضا أن البحر في حقيقته ثائر.. لا كما يبدو هادئاً وديعاً..
وقد شاهدت - وشاهد العالم مثلي - ما حدث في شرق آسيا الجنوبي يوم اكتسح الماء أعالي الجبال، في مشهد قلما يتكرر، سمي حينها بكارثة تسونامي..
ورأيت فيضانات عجيبة في الفلبين وسيرلنكا والهند وأعاصير هوجاء في أنحاء متفرقة من العالم، حيث تنقض رياح مصحوبة برعود ومياه جارفة تترك الأرض خراباً ودماراً..

***

ليس هذه فقط..
بل علمت أنّ ماء في زمن بعيد بعيد تحول الى فضاء أغرق الأرض كلها ولم يبقِ غير سفينة واحدة عليها بعض أجدادنا المؤمنين الذين أبقوا على الأرض بشرا، ولولاهم لغرق الناس جميعاً، كما تقول قصة النبي نوح عليه وعلى نبينا السلام...
وبعد ذلك كله... ما زلت أحلم بأن للبحر آخر..
ركبت سفناً وقطعت بحاراً من شطآن الى شطآن..
لكني ما زلت أحلم بأنّ للبحر نهاية..
لكن، أين ينتهي البحر؟؟ مازلت أحلم.

سمو الروح 16-09-2009 01:09 AM

إعلانٌ غيرُ مجَّاني
 
قصة إيمان بقاعي



ما هذا الصوت ؟
تساءَلَ أولادُ الحيِّ الواحدِ وهمْ في مَدْخل إحدى البناياتِ يحاولونَ اختيارَ ( شعار ) الجمعية من بينِ الشاراتِ التي رسمتْهَا دانية أصغر الأصدقاء قبل يَومَيْنِ .
ولما بدا الصوتُ غريباً وبعيداً ، حاولوا أن يتناسوهُ ويعودُوا إلى ما كانُوا يفعلونَهُ ، لكن تكرارهُ واقترابهُ وغرابة إيقاعِهِ جعلَ ربيع يُسرعُ نحوَ دراجتِهِ قائلاً :
- لحظاتٌ وأعودُ لكم بالخبرِ اليقينِ .
تأملتْ شوشو قفزاته إلى مقعدِ دراجتِهِ وابتسمتْ ابتسامةً ساخرةً ثمَّ تنهدتْ دونَ أنْ تتفوّهَ بحرفٍ . لكن ربيع الذي يراقبُ شوشو باستمرارٍ ، اعتبر عدم تعليقها إلا بابتسامةٍ وتنهيدةٍ أشدّ وطأة من تعليقٍ ساخرٍ ، فقال قبلَ أن ينطلقَ :
- كان يجبُ أن أولد في الصينِ حيث تقدّر الدراجات وينالُ أصحابُها منحاً ماليةٌ من الدولة تشجيعاً .
كتمتْ شوشو ضحكةً خبيثةً ، ثمّ قالتْ :
- هيءْ .
وكاد يجنُّ ، حيثُ لمعتْ عيناهُ بالغضبِ وسألها :
- ماذا تعنين بـ ( هيء ) هذِهِِِ ؟
قالتْ :
- أعني أنّ دراجتكَ عندهَا لن تكون إلا دراجة جرباءَ بينَ ملايين الدّراجاتِ .
أرادَ ألا يجادلها ، فاتجه بدراجتِهِ نحو الصوتِ وهو يتمتمُ :
- يا لها من غيرة !
فرفعت حاجبيها تُريد أن تردّ ، لكنه أضاف قبل أن تفعل :
- وضيق عيْن .
وسارع مغادراً الحيِّ .
كانَ الأولادُ قدْ اختارُوا شعاراً لناديهم في غياب ربيع ، ولكنّهم لم يبتّوا الأمرَ نهائيّاً قَبل عودتِهِ خلال نصف ساعة بالتمامِ ووراءهُ شاحنةٌ كبيرةٌ مغلَقةُ لونها أبيضُ يقودُها رجلٌ عجوزٌ ذو شاربينِ أبيضينِ كبيرينِ وابتسامةٍ دائمةٍ تنعكسُ على عينيهِ العسليتينِ الكبيرتينِ .
وقبلَ أن يسألَ أَحدُهُم ربيع الذي أوقفَ درّاجته في مدخلِ إحدى البناياتِ ودَعا الرجلَ إلى إيقافِ شاحنتِهِ ، التفتَ إلى رفقائِهِ قائلا :
- أردتُ أن أعرّفَ عمو ( أبو رضوان ) بجمعيّتنا .
تقدّم الجميعُ نحو الرجل الذي قفز بكرشِهِ الكبيرةِ وقفزتْ معه ابتسامةٌ واسعةٌ ومدّ كفّهُ مصافحاً الجميع ، الذين قالوا على التّوالي :
- شوشو من نادي حماية البيئةِ .
- هاني من نادي حماية البيئةِ .
- دانية من نادي حماية البيئةِ .
- وقمر من نادي حماية البيئةِ .
والتفتَ عمو ( أبو رضوان ) نحوَ ربيع وقالَ ضاحكاً :
- ربيع من نادي حمايةِ البيئةِ .
ثمَّ انحنى نصفَ انحناءةٍ ، وقالَ :
- عمو ( أبو رضوان ) من (نادي بياضات وبَرادي حماية البيئةِ ).
وراحَ يقهقهُ فضحكوا معهُ وانتظروا تفسيراً لما قالَ ، فجلسَ على حافةِ حوض الأزهار ثمَّ شرحَ :
- أعجبتني فكرةُ جمعيتِكم فوجدتُ فيما أبيعُ ما يُشبهُ ما تُنادون بِهِ .
سالت شوشو :
- يعني أنّ البياضاتِ وَالبرادي التي تبيعُها هي فعلاً صحية بيئياً ؟
وسألتْ قمرُ :
- وكيفَ عرفت أنها كذلكَ ؟
واتجَهَ عمو ( أبو رضوان ) نحوَ شاحنتِهِ وفتحَ الباب الخلفيَّ لها فإذا بها أشبه بدكان اصطَفَّتْ فيهِ مجموعةُ الأقمشةِ بكلِّ الألوانِ في لفافاتٍ منظَّمَةٍ بعضها فوقَ البعضِ الآخر ، وقالَ :
- الأمرُ لا يحتاجُ إلى ذكاءٍ خارقٍ .
سألَ هاني :
- يعْني ؟
قالَ الرجلُ وهو يُخرجُ إحدى اللفافاتِ فسارعَ الأولادُ للمسِ أطرافها بينَ أصابعهم الصغيرةِ :
- يعني أنها أقمشةٌ قطنيةٌ مائةً بالمائة تخلو تماماً من مادةِ ( البوليستر)التي لا تكادُ الأقمشة اليوم تخلو منها .
فهمَت دانية قصدَهُ ، فعلّقتْ :
- صحيح عمو ( أبو رضوان ) ... حتّى الملابس التي تلبسها تحتوي على كميّاتٍ من البوليستر الذي يجْعَل القماشَ لا يحتاج إلى كيٍّ باستمرار وهو أسهلُ في الخياطة .
شدّت شوشو على كتف دانية إليها بفخر وقالت للرجل العجوز :
- دانية تصمم أزياء للدمى وتعرف كل شيء عن الخياطة والقماش .
فقالت دانية بعد أن ضغطت القماش بقوة في راحتها الصغيرة ، ثم نظرت إلى القسم الذي ضغطته فإذا به مجعد :
- وهذا قماش قطني بالفعل .
قالت قمر :
- يعني يحتاج إلى كي .
فقال الرجل :
- نعم .... يحتاج إلى كي .
فجلست قمر على حافة حوض الزهور وبدت مخيبة :
- تصوروا أن نكوي الشراشف وأغطية المخدات واللحف في كل مرة نغسلها فيها .... إن أمهاتنا بالتأكيد يفضلن الأقمشة مع البوليستر .
قال عمو أبو رضوان :
- بل يفضلن صحة أولادهن ، فالبوليستر أو النايلون هي مواد اصطناعية كيماوية .
اهتم ربيع وسأل :
- يعني ؟
أجاب عمو أبو رضوان :
- يعني أن تلك الأقمشة تحتوي على مادة اسمها (الفورمالديهايد ).

للقصة بقية فتابعونا



سمو الروح 16-09-2009 01:10 AM

تابع اعلان غير مجاني
 
تـــــــابــــــع
القصــــــــة
إعلانٌ غيرُ مجَّاني

قصة إيمان بقاعي



وردد الجميع بصعوبة : الفورمالديهايد ؟
وضحكت قمر :
- الفورمالديهايد ... ما رأيك يا شوشو ؟
قالت شوشو :
- اسم يصلح أن يطلق على دراجة ربيع .
وما أن سمع ربيع تعليقها حتى نفخ صدره غاضباً واقترب منها فاختبأت وراء قمر ضاحكة ، وقال :
- ولماذا يطلق هذا الاسم على دراجتي ؟ ألا ترينها من المعدن القوي ؟
وقبل أن تتفاقم المشكلة كالعادة ، تدخل هاني وقال له :
- شوشو لا تقصد أن دراجتك من النايلون يا ربيع ، لكن الاسم فخم .
فقال ربيع غاضباً :
- فخم وضار .
فأكد البائع العجوز :
- ضار طبعاً ، فهذه المادة – لو تعرفون يا أولاد – ويجب أن تعرفوا بما أنكم من (نادي حماية البيئة ) تسبب السعال ، وتسبب الدموع ، وتزيد حالات الربو سوءاً .
شهق الجميع وتناسوا خلافاتهم ، واقتربت شوشو إلى البائع رافعة حاجبيها الأسودين ، وكذلك قمر التي سألت : سعال ودموع وربو ؟ سببها بياضاتنا ؟
أكد عمو أبو رضوان :
- والستائر ....
فقال ربيع :
- طبعاً ففي الستائر أيضاً فورمالديهايد ...
وقال عمو أبو رضوان :
- وداخل مخداتكم أيضاً ، فمعظم المخدات محشوة بمشتقات النايلون المستخرجة من كيماويات تتواجد في النفط وتشكل خطورة على الصحة ... إنها مهنتي وأنا أتابع آخر ما يستجد فيها ... أيها الأولاد .... لقد أظهرت الدراسات ارتفاعاً في حالات الإصابة بالالتهاب الشعبي والمشاكل الجلدية لدى الأشخاص الذين يحتكون بها عدا عن أنها سريعة الاشتعال وقد تسبب حريقا تخنق النائم عليها .
سألت قمر :
- يخنق أم يحرق ؟
أجاب الرجل العجوز : بل يخنق ، فدخانها السام يخنق متنشقه قبل أن يحرقه نارها ... تصوروا !
هنا نادت دانية أمها :
- أمي ... أمي ... هل حشوة مخدتي من النايلون ؟
وما إن مضت لحظات حتى ردت أمها من الشرقة :
- بل من القطن ... كل مخداتنا محشوة بالقطن ... ولكن لماذا ؟
وسألت
- و الشراشف وأغطية المخدات ؟
أطلت أمها وهي تنظر إلى أسفل ، وسألت وهي ترقب الرجل العجوز :
- ما هذه الأسئلة ؟
فأجابت شوشو :
- الأمر خطير ....
فذعرت أم دانية :
- ماذا ؟ هل وقعت وجرحت قدماك كالعادة ؟
ضحكت دانية :
- ياليت ... الأمر أخطر ...
و ارتبكت الأم :
- ماذا حصل ؟
فقال هاني :
- لا بأس يا خالة ... سنحل المشكلة .
سحرت الأقمشة الملونة بألوانها الزاهية الأولاد ، وراح كل واحد يفكر بسريره مغطى بشراشف وأغطية من لون معين ويتخيل ستائر تناسب هذه الألوان .
وتخيلت دانية أنها تقوم بنفسها بخياطة البرادي ، بينما أمها تضع البرادي القديمة في كيس كبير لترميها مع الشراشف القديمة الممزوجة بالنايلون .
ولما أخرج عمو أبو رضوان لفافة قماش سكري اللون راح الأولاد يتأكدون من أنه قماش قطني .
قال عمو أبو رضوان :
- والأفضل أن تبطن كل ستارة بهذا اللون .
سأل الجميع :
- لماذا ؟
فأجاب :
- البطانة - أولاً – تحمي القماش من أشعة الشمس قلا تتغير ألوانه ...
قالت قمر : آه ... عامل جمالي إذن .
قال : وصحي .
فسأل الجميع من جديد : كيف ؟
قال : البطانة تمنع دخول الحر الشديد صيفاً والبرد شتاءً .
سأل هاني : يعني ؟
أجاب الرجل : يعني أنكم لن تضطروا إلى تشغيل التدفئة أو التبريد بشكل كبير وأنتم تعرفون ضرر التدفئة والتبريد إذا ما تجاوزا الحد .

سمو الروح 16-09-2009 01:11 AM

الجزء الأخير من قصة إعلانٌ غيرُ مجَّاني
 
الجزء الأخير من قصة

إعلانٌ غيرُ مجَّاني

قصة إيمان بقاعي

وأنا أقول دائماً لكل زبون يريد شراء قماش ستارة : بطن الستارة !
والتقط الأولاد إيقاعاً قي جملة عمو أبو رضوان فرددوا معا: بطن الستارة ، بطن الستارة !
وخطرت ببال قمر جملة على الوزن ذاته ، فقالت :
بطن الستارة
و احفظ الحرارة
صفق الأولاد معجبين بجملة قمر ، وقال العجوز : هذه مطلع أغنية ، لم لا ؟ فقماش القطن يا أولاد ....
قال هاني على الفور : إرث حلو للأحفاد .
وعلت الصيحات إعجاباً ، ثم غنوا معاً ومعهم البائع العجوز ذو الكرش الكبيرة :
بطن الستارة
و احفظ الحرارة
قماش القطن يا أولاد
إرث حلو للأحفاد
وخطر ببال شوشو أن تكمل الأغنية فقالت :
وللسرير شرشف
من القطن أرهف
هتف عمو أبو رضوان : أحسنتم يا أولاد .
وتشجع ربيع على إكمال الأغنية ، فقال : أريد إكمال الأغنية .
وأصغى الجميع ، فقال :
دراجة متينة
حديث المدينة
و ...
وقبل أن يكمل ، سارعت شوشو وراءه راكضة وأمسكت ظهر قميصه مهددة :
سأجعل من صاحب الدراجة حديث المدينة .
وضحك الجميع رافضين إضافة مقطع ربيع إلى الأغنية لأن لا علاقة له بالموضوع ، فحرد ولم يردد الأغنية معهم .
وخطر ببال دانية سؤال يتعلق بالستائر ، هي التي تعشق كل ما يمت إلى الديكور والقماش بصلة ، فسألت البائع : وهل تعتقد يا عمو أبو رضوان أن الستائر المصنوعة على طبقات كما نرى في القصور والبيوت الفخمة تزيد من محافظة البيت على برودته صيفاً ودفئه شتاء ؟
أجاب : لا.. لا .. البطانة وحدها تكفي ... أما ما نراه في القصور والبيوت الفخمة ، فهناك من يعتني بنظافته من خدم وحشم ليس في بيوتنا منهم ، مما يعني أن الستارة ستكون موئلا لغبار يتكوم ويؤثر على صحتكم ، وخاصة أن أمهاتكم معظمهن موظفات .
سألت شوشو : إذن ؟
فقال : ستارة من القطن مبطنة سهلة الغسل هي كل ما تحتاجون إليه .
اجتمع الكل جانباً وتداولوا في الأمر ، وخرجوا بفكرة طرحها هاني على عمو أأبو رضوان : إذا أردنا تغيير البياضات والستائر في غرفة كل واحد منا ، فهل ترخص لنا ثمن القماش ؟
أجاب الرجل على الفور : أرخص ثمن القماش لأعضاء نادي حماية البيئة طبعاً .
صفق الجميع ، واتجهت دانية نحو الشاحنة تتأمل لونها الأبيض من الخارج وقالت :
- وإذا قدمنا لك عرضاً مغرياً آخر غير الشراء بالجملة ؟
لم يدر ما قصدت صغيرة المجموعة ، ولم يدر أحد ما يدور في خلدها إلا حين فتحت ذراعيها قائلة : نقدم لك إعلاناً .
فسألها كيف ؟
قالت : أرسم لك على الشاحنة شباكاً وعليه ستائر ملونة يطل على غرفة أنيقة فيها شراشف وأغطية تناسب لون ستائر الشباك .
دهش الجميع للفكرة ، وعلقت بفخر : ونخطط لك فوق الشباك : ( دكان البياضات والستائر الصحية المتنقل ).
وقفز هاني فقفزت معه خصلة شعر جعدة وقال : ونكتب بخط أصغر : (لصاحبه عمو أبو رضوان )
أما ربيع فقال : ونكتب أيضاً : (مؤسس نادي بياضات وبرادي حماية البيئة ).
وتخيل الجميع الشاحنة حسب فكرة دانية وعلقت شوشو : نحن في عصر الصورة وعصر الإعلان ، وبدل أن يعتقد الناس أنك تبيع البطاطا والبقدونس في شاحنتك التي بلا عنوان ، سيعرفونك حين تطل على أي حي من المدينة .
وقال ربيع : وهكذا توفر ثمن سكر النبات الذي تبتلعه لتحسين صوتك الذي يصرخ ويصرخ .
وقالت شوشو : ونوفر نحن ثمن شراء بياضات وستائر بأثمان عادية ، عدا أننا سوف نقنع أهلنا وأهل الحي بتغيير كل قماش غير صحي إلى قماش صحي .
ودارت قمر حول الشاحنة تتأملها ثم قالت : أما أنا فسوف أدلك على مدينتي وسوف استقبلك هناك لتقوم بتغييرات لا تقل شأناً عن التغييرات هنا .
وسأله الجميع : موافق يا عمو أبو رضوان ؟
قال دهشاً : موافق ولكن ... هل يوافق أهلكم على مشاريعكم هذه ؟
قال الكل : كل واحد منا يمتلك حصالة نقود لتمويل مشاريعنا .
ضحك العجوز قائلاً : آه ... فهمت ... أنتم مستقلون اقتصادياً إذن ، وهذا سر قوتكم ....
قالت شوشو بفخر : نمتلك أسراراً لقوتنا لا سراً واحداً .
وسارع إلى الدكان المتنقل ، فلحقوا به يختار كل واحد منهم ما يناسب ذوقه من قماش قطني صحي بأفضل المواصفات .
وكانوا يغنون ويغني معهم :
بطن الستارة
واحفظ الحرارة
قماش القطن يا أولاد
إرث حلو للأحفاد


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas

تنويه : المشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس بالضرورة تمثل رأي أدارة الموقع

Security team

This Forum used Arshfny Mod by islam servant